«ما زالت مهزلة الإغلاق مستمرة.»
هكذا لخص السيناتور جون كينيدي من لويزيانا، بصيحة تنمّ عن استياء، اليوم الثالث من إغلاق الحكومة الاتحادية للولايات المتحده.
قصة اليوم الثالث
في يوم الجمعة أعاد مجلس الشيوخ الانعقاد قبيل عطلة نهاية الأسبوع للتصويت مجدداً على قرار استمرار التمويل الذي يهدف إلى إبقاء الحكومة ممولة حتى الحادي والعشرين من نوفمبر. روّج الجمهوريون للقرار بوصفه مشروع ميزانية “نظيف” يحافظ على الحال كما هو، بينما رفض الديمقراطيون النظر في أي مشروع لا يتضمن بنداً واضحاً للإنفاق الصحي.
مع انتهاء السنة، من المقرر أن تنقضي إعانات قانون الرعاية الميسورة التكلفة، فتتوقّع الجهات المختصة ارتفاعاً حاداً في أقساط التأمين لآلاف الأميركيين. وطالب الديمقراطيون بمطالبة الجمهوريين بالتراجع عن التخفيضات في برنامج Medicaid للتأمين عن ذوي الدخل المنخفض بعد سن تشريعٍ في وقت سابق من هذا العام ضيّق شروط الأهلية.
النتيجة: طريق مسدود في الكابيتول، مع تبادل الاتهامات وغياب أي حل في الأفق، والامتعاض بدا جلياً على جانبي الطاولة. قال كينيدي من منبر الشيوخ: «هذا الإغلاق غبي إلى الأعماق.»
مرة رابعة في يوم الجمعة رفض الديمقراطيون اقتراح الجمهوريين، الذي كان قد مرّ سابقاً في مجلس النواب على أساس خط حزبي. ثلاث أعضاء شيوخ انشقّوا عن كتلهم: الديمقراطية كاثرين كورتيز ماسّو من نيفادا، الديمقراطي جون فيتّرمان من بنسلفانيا والمستقل أنغس كينغ من مين. من جانب الجمهوريين امتنع السيناتور راند بول عن التصويت مع حزبه مبرراً ذلك بقلقه من أثر الإنفاق على الدين الفدرالي. انتهى التصويت بنتيجة 54 مقابل 44 في مجلس يضم 100 مقعد، أي بعيداً عن عتبة الستين المطلوبة لتجاوز اعتراض أو فيلبستر ديمقراطي وإسقاط المشروع.
كرد مضاد طرح الديمقراطيون مشروع قانون يخصص أكثر من تريليون دولار للإنفاق الصحي، لكنه أيضاً تعثّر في تصويت الشيوخ.
اتهامات متبادلة في الكابيتول
في مؤتمر صحافي لاحق قال زعيم الأقلية في الشيوخ تشاك شومر إن الانسداد لا يُحل إلا إذا غير الجمهوريون من تكتيكهم وانخرطوا في مفاوضات حول الملف الصحي. وأضاف: «اليوم رأينا الجمهوريين يلعبون نفس الحركة فنالوا نفس النتيجة. السؤال: هل سيغيّرون المسار؟» واتهم شومر الجمهوريين بأنهم «أضاعوا أسبوعاً» بأربع تصويتات انتهت جميعها بنفس الخلاصة. وأكد أن كتلته مُصمِّمة على حماية رعاية الأميركيين الصحية، وأن البيت الأبيض والجمهوريين اختاروا جعل هذا الإغلاق وسيلة لإلحاق أكبر قدر من الأذى.
قادة الجمهوريين بدورهم اتهموا الديمقراطيين بإعاقة الإجراءات بدلاً من الحفاظ على الوضع القائم. وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون إن برامج مثل Medicaid بحاجة ماسة إلى إصلاح، متحدثاً عن حالات احتيال وإساءة استغلال، ومبرراً الإصلاح بأنه يهدف إلى توفير خدمات صحية أفضل للناس. اتهم جونسون شومر بمحاولة استرضاء الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي استعداداً لانتخابات تمهيدية قد تجرى في 2028: «عليه أن يثبت أنه يقاتل الجمهوريين.»
تعاطف محدود مع العمال الفدراليين
على الرغم من الخصومة، عبر الجانبان عن تعاطف مع الموظفين الفدراليين العالقين في وسط الإغلاق. قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس أن نحو 750 ألف شخص يواجهون الإجازة بدون أجر يومياً مع استمرار الإغلاق، في حين يُطلب من آخرين مواصلة العمل دون أجر. وتبلغ تكلفة التعويضات عن الموظفين الموقوفين حوالي 400 مليون دولار يومياً وفق إحصاءات المكتب. وبموجب قانون عام 2019 (قانون معاملة الموظف الحكومي بعدل)، سيتلقى الموظفون في نهاية المطاف أجورهم المتأخرة، لكن ذلك لن يحدث إلا بعد انتهاء الإغلاق.
تكتيكات الضغط
في محاولة للضغط على الديمقراطيين لتمرير قرار الاستمرار، أصدر جونسون إشعاراً بعد ظهر الجمعة بأن مجلس النواب لن يعود إلى الجلسات حتى الرابع عشر من أكتوبر على الأقل، داعياً النواب إلى قضاء “فترة عمل قُطرية” بعيداً عن العاصمة. جاء هذا الإعلان لزيادة الضغط على الشيوخ للتحرك بشأن قرار استمرّ المجلس في تمريره. قبل إعلان جونسون كان متوقعاً أن يستأنف النواب عملهم في الكابيتول يوم السابع من أكتوبر.
من جانبه أشار زعيم الأغلبية في الشيوخ جون ثيون إلى استعداده للاستماع لمخاوف الديمقراطيين حول الرعاية الصحية، لكن بشرط إعادة فتح الحكومة أولاً. ومع ذلك لم يضمن أن تُجدَّد إعانات الرعاية الصحية المنتهية المفعول إذا تراجع الديمقراطيون. قال ثيون: «لا نستطيع تقديم تعهدات أو وعود بشأن إعانات كوفيد لأننا لا نعرف إن كانت الأصوات اللازمة متوافرة. لكنني قلت إنني منفتح على إجراء محادثات مع زملائنا الديمقراطيين حول كيفية معالجة تلك المسألة»، وأضاف: «ولكن ذلك لا يمكن أن يحدث أثناء إغلاق الحكومة.»
تهديدات بالاستغلال والتخفيضات
من جهته هدّد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب باستغلال الإغلاق لتقليص الجهاز الفدرالي وقطْع برامج تخدم معاقل ديمقراطية. هذا الأسبوع أعلنت إدارته تعليق 18 مليار دولار من مشاريع البنية التحتية في مدينة نيويورك، بما في ذلك أنفاق تحت نهر هدسون، وحوالي 8 مليارات دولار من مبادرات الطاقة النظيفة. وفي تصريحات لاحقة أعلن روس فوغت، مدير مكتب الإدارة والميزانية، أن مشروعين بنيويين في شيكاغو بقيمة 2.1 مليار دولار «وُضعا على الانتظار لضمان عدم تدفّق تمويل عبر عقود تقوم على أساس العرق».
وفي موجز صحافي قالت ناطقة البيت الأبيض كارولين ليفيت إن خفض القوى العاملة الفدرالية موضوع قيد النقاش، وإن فوغت اجتمع مع قيادات هيئات لمناقشة تسريحات محتملة. وختمت تصريحات البيت الأبيض بالقول إن «ربما إذا تصرّف الديمقراطيون بالطريقة الصحيحة، سينتهي هذا الإغلاق وتعود أجور جنودنا وموظفينا». «يمكننا العودة لممارسة شؤون الشعب الأمريكي»، قال ليفيت.
«لكن إذا استمر هذا الإغلاق، كما أشرنا، فالتسريحات ستكون نتيجة مؤسفة لذلك».
رفض قادة الديمقراطيين تلك التهديدات واعتبروها تكتيكات ضغط تهدف إلى صرف الانتباه عن المسألة الجوهرية المتعلقة بالرعاية الصحيه.
وفي كلمته، جادل تشامر بأن الرعاية الصحية تُعد أولوية قصوى كذلك في دوائر الجمهوريين، وأن على القيادة الجمهورية أن تردّ على هذا الأساس.
«الأمر بسيط»، قال تشامر. «يمكنهم إعادة فتح الحكومة وجعل رعاية الناس الصحية أكثر قدرةً على التحمل في الوقت نفسه».