أقرَّ مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة موازنة الدفاع السنوية يوم الأربعاء، موافِقاً على إنفاق عسكري قياسي يبلغ 901 مليار دولار، ومطالِباً في الوقت نفسه وزير الدفاع بيت هيغست بتسليم لقطات فيديو لهجمات نفَّذت ضد زوارق يُشتبه بتورطها في تهريب المخدِّرات في مياه دولية قرب فنزويلا.
قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026، الذي يتضمّن زيادة رواتب بقيمة 3.8٪ لأفراد القوات المسلحة، تقدم في الكونغرس بدعم واسع من الحزبين. صوّت السناتورز لصالحه بنتيجة 77 مقابل 20 يوم الأربعاء، فيما استعدّ أعضاء المجلس لمغادرة واشنطن لعطلة. سيحال الآن إلى ترمب للتوقيع.
ما الذي تضمنه المشروع؟
إلى جانب المبلغ الضخم وطبيعة أحكامه، فرض القانون قيوداً على تحرّكات الإدارة التنفيذية. فقد طالب بتقديم مزيد من المعلومات حول الضربات البحرية ضد زوارق قرب سواحل فنزويلا، وثبّت أرقام القوات الأميركية المنتشرة في أوروبا، وحدّد مخصصات جديدة لأشكال محددة من المساعدة العسكرية لأوكرانيا، تلبية لمطالب الديمقراطيين الذين يرغبون في رقابة أكبر وضمان استمرار الدعم للأوكرانيين.
كما يمثل النص أرضية توافق تفاوضيّة بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن أولويات الدفاع؛ إذ يُفعِّل كثيراً من إجراءات تنفيذية سعى إليها الرئيس، بما فيها مقترحات لتفكيك مبادرات التنوع والاندماج داخل القوات المسلحة، وفي الوقت نفسه يعزّز الرقابة البرلمانية على وزارة الدفاع.
ما الاعتراضات على المشروع؟
رغم تمريره، لاقى مشروع القانون انتقادات من نواب عن الحزبين. رفضه اثنان من الجمهوريين — السناتوران راند بول ومايك لي — و18 من الديمقراطيين.
أثار بعضهم قلقهم من بند يسمح للطائرات العسكرية بالطيران دون بث بيانات تحديد الموقع الدقيقة، وهي ممارسة استُخدمت من قِبل مروحية للجيش خلال تصادم جوي في يناير فوق واشنطن أسفرت عن مقتل 67 شخصاً. قال السناتور تيد كروز، رئيس لجنة التجارة في مجلس الشيوخ عن الجمهوريين، خلال مؤتمر صحفي هذا الأسبوع: «الإجراء الاستثنائي هو بالذات ما تسبب في حادث 29 يناير الذي أودى بحياة 67 شخصاً».
أضاف كروز أنه يعتزم الدفع لتصويت حزبي الشهر المقبل على تشريع يُلزم الطائرات العسكرية باستخدام تقنيات مشاركة الموقع الدقيقة ويعزّز التنسيق مع الطيران التجاري في الأجواء المزدحمة.
من ناحية أخرى، لا يتضمن القانون تمويلاً لتغيير اسم وزارة الدفاع إلى «وزارة الحرب» — وهو ما أعلن أنه مطلب لدى ترامب لكنه لا يقدر على تنفيذه رسمياً دون موافقة الكونغرس.
مطالب الديمقراطيين
تركّز كثير من مخاوف الديمقراطيين على أوكرانيا. استغرب نواب ديمقراطيون من التصرفات الأحادية للإدارة خلال العام الماضي، بما في ذلك قرار تعليق تبادل الاستخبارات مع أوكرانيا وتقليص نشر القوات الأميركية في دول شرق حلف الناتو.
ومع ذلك، نجح الديمقراطيون في إدخال حكم يُلزم بإخطار مسبق للكونغرس بمثل هذه الإجراءات، وكذلك بإخطار مسبق حال إقالة قادة عسكريين رفيعي المستوى — وهو مجال طالما طالبوا فيه برقابة أوسع.
بموجب التشريع الجديد، يجب على البنتاغون الحفاظ على ما لا يقل عن 76,000 جندي وأصول عسكرية رئيسة متمركزة في أوروبا، رغم صدور استراتيجية الأمن القومي الأخيرة للرئيس التي يعتبرها كثيرون متساهلةً مع روسيا وذات انتقادات حادة لأوروبا. عادة ما يتراوح العدد الأميركي في أوروبا بين 80,000 و100,000 جندي.
كما أقرّ الكونغرس تمويلاً بقيمة 400 مليون دولار سنوياً على مدى عامين لإنتاج أسلحة لأوكرانيا، وقد وُجهت معظم هذه الأموال إلى مصنّعي الأسلحة الأميركيين.
مطالب بشأن عمليات فنزويلا
منذ أوائل سبتمبر، نفّذت الولايات المتحدة سلسلة ضربات جوية تستهدف ما يُشتبه بأنها عمليات لتهريب المخدّرات من فنزويلا في البحر الكاريبي. وقتلت هذه الضربات نحو 90 شخصاً في أكثر من 20 هجوماً.
لكن أعضاء الكونغرس أصبحوا أكثر تشككاً في هذه الضربات وشرعيتها، وأعرب كثيرون عن مخاوف من أن الهدف النهائي للعملية قد يكون الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. ويقول العديد من الخبراء القانونيين إن استهداف سفن في مياه دولية قد ينطوي على انتهاك للقانون الأميركي والدولي ويشكّل تنفيذ أحكام إعدام خارج نطاق القضاء.
زار هيغست الكابيتول هيل الأسبوع الماضي لإحاطة النواب بشأن العملية العسكرية في المياه الدولية قرب فنزويلا. كانت ردود الفعل متفاوتة؛ أغلبية الجمهوريين أيدوا الحملة بينما أعرب الديمقراطيون عن قلقهم لغياب معلومات كافية.
اتفَق ممثلو الحزبين على تجميد 25 بالمئة من مخصصات سفر وزير الدفاع بيت هيغست إلى أن يُسلِّم لِجنتَي القوات المسلحة في المجلسين لقطات غير محرّرة للهجمات، إلى جانب أوامر تفويض الضربات. مثل هذا الإجراء جاء بعد شهادة أدميرال البحرية فرانك «ميتش» برادلي، الذي أصدر أمراً بضربة «نقرة مزدوجة» — أي هجوم ثانٍ على زورق سبق تدميره وأسفر عن مقتل ناجين في الماء — حيث أدلى بشهادته في جلسة سرية أمام اللجنتين التي عرضت مقطع فيديو للحادث.
إلا أن الديمقراطيين يطالبون الآن بنشر أجزاء من التسجيل علناً ومنح كامل أعضاء الكونغرس حق الاطلاع على الفيديو الكامل. قال السناتور ريتشارد بلومنتال، وهو ديمقراطي من كونيتيكت: «الشعب الأميركي بحاجة ماسة لرؤية هذا الفيديو». وأضاف: «أعتقد أنهم سيكونون مصدومين».
هل طمأن القانون مخاوف الديمقراطيين من احتمال التورط في حرب؟
ليس بالقدر الكافي. مع أن NDAA عزّز الرقابة التشريعية على العمليات العسكرية الأخيرة قرب فنزويلا، لا يزال كثير من النواب قلقين إزاء تصاعد التوترات بين واشنطن وكاراكاس.
قال النائب الديمقراطي غريغوري ميكس على أرض المجلس: «الدستور يمنح هذا الهيئة السلطة في مسائل الحرب والسلم. لقد تُركت هذه السلطة كثيراً إلى السلطة التنفيذية». وأضاف: «على الكونغرس أن يوضّح للجميع أنه لا يمكن لأي رئيس أن يدخل الولايات المتحدة في نزاع بصورة أحادية».
وحذّر النائب الديمقراطي جيم ماكغوفن: «من السهل الدخول في حرب. ومن الصعب جداً الخروج منها»، مستذكراً أن حتى البنتاغون يقول إن إزالة مادورو ستكون أمراً معقّداً للغاية.
وفي ليلة تمرير القانون نفسها، رُفِضت أيضاً قرارٌ ديمقراطي يطالب بموافقة صريحة من الكونغرس على أي عمل عسكري أميركي في فنزويلا. قدم النائبان ماكغوفن وميكس هذا القرار تعبيراً عن القلق من أن ضربات إدارة ترامب قد تنزلق إلى حرب غير معلنة. ورغم أن الدستور يمنح الكونغرس وحده سلطة إعلان الحرب، فإنّ الرؤساء لطالما تحركوا تحت سلطات أوسع من ذلك؛ وكان الهدف من المقترح الديمقراطي سدّ هذه الثغرة. وهزيمته تترك للإدارة هامشاً واسعاً للاستمرار في العمليات دون موافقة برلمانية جديدة، كما يخشى الديمقراطيون.