هل يمنح دعم ترامب لكومو اندفاعًا في اللحظة الأخيرة أم قد يضره؟ تقرير توضيحي

مع انطلاق عملية الاقتراع في مدينته الأصلية نيويورك، أعلن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب دعمه لأندرو كومو، الديمقراطي والحاكم السابق لولاية نيويورك الذي يخوض المعركة هذه المرّة تحت لواء المرشّح المستقل.

جاء تأييد الرئيس الجمهوري لكومو — الذي خسر في يونيو الماضي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي أمام زهران ممداني الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي — قبل ساعات قليلة من فتح مراكز الاقتراع في انتخابات تحظى بمتابعة واسعة.

وهاجم ترامب ممداني، المسلم والمهاجر الذي يعد بفرض تجميد على الإيجارات وتوسيع خدمة رعاية الأطفال الشاملة لتخفيف كلفة المعيشة في المدينة، واصفاً إياه بـ«شيوعي»، ومهدداً بحجب أموال فيدرالية عن مدينة نيويورك إذا فاز ممداني.

كتب ترامب على منصته: «أفضل ألف مرة أن يفوز ديمقراطي ذو سجل نجاح، على أن يفوز شيوعي بلا خبرة وسجل من الفشل الكامل والتام».

تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تقدم ممداني بنسبة 46%، بفارق مزدوج الرقم أمام كومو الذي يحظى بـ32%، بينما يحل مرشح الجمهوريين كيرتس سليوا ثالثاً بنسبة 16%. وقد دفع ترامب الناخبين إلى عدم التصويت لسليوا قائلاً: «الاقتراع لكيرتس سليوا… هو اقتراع لممداني».

فهل سيعزز تأييد ترامب فرص كومو الضئيلة أم يعرّضها للمزيد من الهشاشة؟

لماذا دعم ترامب كومو؟
يبدو أن دعم ترامب لكومو — الذي استقال من منصب حاكم نيويورك في 2021 إثر اتهامات بسلوك جنسي غير لائق — مدفوع بصورة أساسية برغبته في عرقلة وصول ممداني إلى منصب العمدة.

نفى ممداني وصف ترامب له بأنه شيوعي. وفي يونيو الماضي فقد قامت منصة التحقق PolitiFact بتفنيد الادعاءات القائلة بأنه شيوعي، مشيرة إلى أن الشيوعية تقوم على اقتصاد مخطّط مركزياً من دون قوى سوقية وأن الأحزاب الفردية تحجب التنافس السياسي الديمقراطي؛ وهو أمر لم يطرحه ممداني، بحسب ما أوضحت البروفيسورة آنا غريزمالا-بوس من جامعة ستانفورد لموقع التحقق.

يقرأ  إصدار أحكام بالإعدام على 11 عضوًا من عائلة مافيا في الصينالصين تحكم بالإعدام على 11 من أفراد عائلة مافيا

مع ذلك، ظل ترامب يؤكد أن «هذه المدينة العظيمة سابقاً ليس أمامها أي فرصة للنجاح أو حتى للبقاء» في حال وصول ممداني إلى سدة الحكم، مكرّراً تهديده بعدم إرسال أموال فيدرالية «للتغطية على إخفاقات محتملة». في مقابلة مع برنامج 60 Minutes من منتجع مار‑آ‑لاجو، قال ترامب إنه ليس من محبّي كومو لكنه يفضّله «على الشيوعي»، مؤكداً: «سواء أعجبك أندرو كومو أم لا، ليس لديك خيار آخر؛ عليك أن تصوّت له وتأمل أن يقوم بعمل رائع».

كيف ردّ كومو على تأييد ترامب؟
حاول الحاكم السابق الابتعاد عن تصريحات ترامب، وأكد أمام الصحافة أنه لم يقل ما نسب إليه في مقابلة 60 Minutes، مضيفاً: «ممداني ليس شيوعياً. هو اشتراكي. لكننا أيضاً لا نريد عمدة اشتراكي». وأصر كومو على أنه ديمقراطي جيد وفخور بالحزب، ورفض أي ارتباط شخصي بترامب، مؤكداً أنه سيكون أكثر قدرة على الوقوف في وجه الرئيس إذا صار عمدةً لمدينة نيويورك.

من الجدير بالذكر أن ترامب شجّع كومو علناً على البقاء في السباق بعد خسارته في الاقتراع التمهيدي، وناقش معه حملته الانتخابية في مناسبات لاحقة.

كيف ردّ ممداني على دعم ترامب لكومو؟
رأى ممداني منذ بداية الحملة أن كومو هو اختيار ترامب للمنصب، ووصفه بأنه دمية في أيدي الرئيس، وحرص على التذكير بذلك بسرعة بعد تصريحات ترامب الأخيرة. قال ممداني في مقابلة مع شبكة CNN إنّ «منذ الانتخابات التمهيدية عرفنا أن أندرو كومو موّله نفس مليارديرات دعموا عهد ترامب الثاني. حتى في الأيام الأخيرة أنكر أنه مرشح ترامب»، وأضاف: «الآن الأمر بات واضحاً للعالم: هذا هو الرجل الذي يريده دونالد ترامب ليكون عمدة نيويورك، ليس لأنّه سيكون صالحاً لسكان المدينة بل لأنه سيكون مفيداً لترامب، وسكان نيويورك تعبوا من هذه الأجندة في واشنطن».

يقرأ  حين يصبح الفنانون في عمرٍ أكبر من أن يُطلق عليهم لقب «ناشئون»

كما لفتت حملة ممداني الانتباه إلى تأييد إيلون ماسك لكومو، فيما ردّ ممداني على تهديد ترامب بقطع الأموال بأنّ «ليس من صلاحية دونالد ترامب أن يقرر أي مدينة أو ولاية ستحصل على أموال فيدرالية».

الانتخبات لا تزال مشتعلة والتوتر واضح بين خطوط الصراع: مرشح مستقل مدعوم من الرئيس، مرشح تقدّمي يتقدم في استطلاعات الرأي، ومرشح جمهوري يتراجع في الظل — وكل ذلك في مشهد سياسي يعكس الانقسامات العميقة في المشهد الأمريكي. «هذا هو المال الذي تستحقه نيويوركيّات ونيويوركيون، وهذا ما سنقاتل من أجله».

ممداني، العضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الأميركي، يطرح برنامجاً انتخابياً يتضمّن رعاية أطفال مجانية شاملة، وحافلات عامة مجانية، وتجميد الإيجارات لسكان المدينة.

«هو ينفق 300 مليون دولار على إعادة تأهيل قاعة في البيت الأبيض، وهو ذات المبلغ الذي كان يمكن أن يؤمّن مساعتدات SNAP الغذائية لمئة ألف نيويوركي» قال ممداني، موجهاً سخرية إلى الرئيس.

هل سيخدم دعم ترامب مصلحة كومو؟
ترامب خسر التصويت في مدينة نيويورك بهوامش واسعة في جميع محاولاته الرئاسية منذ 2016. لكن بالمقارنة مع انتخابات 2016 و2020، قلّص فجوات الهزيمة بشدة في 2024، محققاً أكثر من 30% من الأصوات — للمرة الأولى منذ 1988 التي يحرز فيها جمهوري مثل هذه النسبة في المدينة.

مراجعة أداء كومو في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية هذا العام تُظهر تقاطع ميداني بين قواعد دعمه والأحياء التي حقق فيها ترامب أصواتاً في 2024، بما في ذلك أجزاء من جنوب بروكلين، الساحل الشمالي لجزيرة ستاتن وبعض مقاطع كوينز، خصوصاً بين السكان المسنين والطبقة العاملة والجاليات اليهودية الأرثوذكسية. من الناحية النظرية، قد يعزّز دعم ترامب فرص كومو في بعض هذه الأحياء.

هل قد يضر الربط بترامب بكومو؟
مع ذلك، قد يتحوّل دعم ترامب إلى سيف ذي حدين لصالح كومو. عمومًا تميل المدينة بقوة نحو الديمقراطيين، لذا ليس مفاجئاً أن حملة ممداني تصوّر باستمرار كومو كبديل عملي لترامب. تفوّق كومو خصوصاً في التمهيديات على ممداني في الأحياء التي تضمّ تجمعات كبيرة من السود واللاتينيين.

يقرأ  «كراكر باريل» تعيد اعتماد شعارها القديم بعد ردود فعل غاضبة أثارها ترامباقتصاد وأعمال

رغم مكاسب ترامب الكبيرة مع هاتين الجاليتين في 2024، فقد تراجعت شعبيته بين الأميركيين السود واللاتينيين لاحقاً. وخطط ترامب لاعتقال وترحيل المهاجرين ألقت بأثر خاص على المجتمعات اللاتينية في أنحاء الولايات المتحدة.

هل سينقلب مؤيدو سليفا على ولائهم؟
أشارت استطلاعات الرأي إلى أن ممداني قد يواجه صعوبة في تجاوز عتبة الـ 50%، لكن نظام نيويورك يعتمد قاعدة الغالب يحصل على المقعد، أي من يحصل على أكبر عدد من الأصوات يفوز. رفض سليفا مراراً الدعوات خلال الأشهر للتخلي عن السباق وتوحيد أنصاره خلف كومو، الذي قد يغلق الفجوة مع ممداني في حال انقلب أنصار سليفا ضده.

استطلاع مارست لمدينة نيويورك الأسبوع الماضي — عندما كان ممداني متقدماً بدعم 48% مقابل 32% لكومو و16% لسليفا — وجد كذلك أنه لو انسحب سليفا من السباق فسيحصل ممداني على تأييد إجمالي يقارب 50% مقابل 44% لكومو.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، ناشد كومو أيضاً ناخبين جمهوريين، قائلاً إن التصويت لسليفا يعني بالواقع تصويتاً لممداني.

أضف تعليق