ربما يلصق الرئيس دونالد ترامب صورته على وجهي عملة دولار تذكارية يصدرها دار سك النقود الأمريكية، الجهة الرسمية المسؤولة عن سك العملة القانونية وإصدار القطع التذكارية.
في الثالث من أكتوبر أعاد البيت الأبيض نشر تغريدة على منصة X لوزير الخزانة الأمريكي براندون بيتش التي أكدت تقارير مفادها أن إدارة ترامب تسعى لوضع صورة الرئيس على الوجهين لعملة دولار تذكارية بمناسبة الذكرى الـ250 لتأسيس البلاد. تُظهر صورة العملة جانب ترامب في جانبها الأمامي، وعلى الوجه الآخر رسمًا لترامب وهو يلوح بقبضته بعد محاولة اغتيال في باتلر بولاية بنسلفانيا عام 2024. تحيط عبارة «قاتل! قاتل! قاتل!» (أو عبارة مماثلة بالإنجليزية: “Fight Fight Fight”) بمحيط العملة في إشارة إلى شعاره المتكرر بعد محاولة الاغتيال. تجدر الإشارة إلى أن ترامب لم يكن رئيسًا وقت وقوع محاولة الاغتيال.
قال كيفن هاسيت، رئيس المجلس الوطني للاقتصاد في البيت الأبيض، في مقابلة على شبكة CNN بتاريخ 5 أكتوبر إنّه «في أحيان سابقة ظهرت وجوه أشخاص أحياء على عملات تذكارية»، وهو أمر صحيح: شهدت الولايات المتحدة في ماضيها القريب والبعيد أمثلة لأشخاص أحياء ظهروا على نقود، ومن بينهم رئيس سابق.
من الناحية القانونية، فالفكرة تتعارض مع تقليد طويل، لكنها ليست مستحيلة قانونياً. نصوص تشريعية متفرقة صدرت خلال العقود الماضية تضمنت أحكامًا تمنع تصوير أشخاص أحياء على بعض سلاسل العملات. ففي سلسلة العملات الرئاسية التي أُطلقت عام 2007 نص القانون صراحةً على ألا «تحمل أي قطعة في السلسلة صورة رئيس حالي أو سابق على قيد الحياة، أو صورة أي رئيس متوفى خلال سنتين من تاريخ وفاته». لكن هذا الحظر كان مقصورًا على تلك السلسلة الرئاسية الخاصة، وليس بالضرورة على سلسلة العملات التي قد تضم عملة ترامب المقترحة.
الإطار القانوني للسلسلة التي تبحثها إدارة ترامب يستند إلى تشريع أذن بإصدار سلسلة خاصة بالذكرى الـ250، المعروفة باسم «قانون إعادة تصميم العملات القابلة للتداول والمجمّعة لعام 2020» (Circulating Collectible Coin Redesign Act of 2020). وقع ترامب هذا القانون في يناير 2021 خلال ولايته الأولى بعد أن مر بالإجماع في مجلسي الكونغرس. يُجيز القانون إعادة تصميم أرباع الدولار وأنصاف الدولارات وعملات الدولار في سلسلة متعاقبة، وإحدى هذه السلاسل مخصصة لاحتفالات الذكرى الـ250 المقررة إطلاقها عام 2026.
ينص القانون المتعلق بسلسلة الذكرى الـ250 على ما يلي بالنسبة للوجه الخلفي للعملة: «لا يجوز إدراج صورة لكتف ورأس أو نحوتها لأي شخص، حي أو ميت، ولا يجوز إدراج صورة شخص حي في تصميم الوجه العكسي لأي قطعة في السلسلة». لكنه لا يمنع صراحة وجود بورتريه على الوجه الأمامي للعملة، ما يترك المجال مفتوحًا أمام احتمال ظهور صورة الرئيس على الوجه الآخر.
وفي حال لم يتدخل الكونغرس، فإن المضي قدمًا سيقتصر على مسؤولَي الإدارة، ما يعني أن الرئيس قد يُبقي سيطرة مباشرة على العملية. حتى لو رغبت محكمة في الاعتراض على الاقتراح، قال خبراء إنّ تحديد متضرر مباشر نتيجة سك عملة تحمل صورة ترامب قد يكون صعبًا، وهو ما يعد شرطًا لرفع دعوى قضائية. «ليس واضحًا من له أهلية الطعن هنا»، قال غابرييل ماثي، أستاذ مشارك في الاقتصاد بجامعة أمريكان في واشنطن، الذي درس قضايا سك النقود.
على مستوى التقاليد، فإن الولايات المتحدة اتبعت طويلاً قاعدة تَجنُّب تصوير أشخاص أحياء على العملة، كجزء من إرث جمهوري يميّزها عن أنظمة ملكية كثيرًا ما تحمل على عملاتها صورة الحاكم القائم. يقول ماثي إن «تغليب صورة الرئيس الحي على عملة قد يتعارض مع تقليد طويل للجمهورية الأمريكية الرامية إلى عدم تحويل الرئيس إلى مَلك».
ومع ذلك، فقد ظهرت استثناءات تاريخية. ظهر الرئيس أبراهام لنكولن ووزير خزانته سالمون ت. تشيس والجنرال وينفيلد سكوت بين عدد قليل من الشخصيات الحية على الأوراق النقدية الأمريكية. وخلال الحرب الأهلية استغل مسؤول في مكتب طباعة الأوراق المالية الثغرة التشريعية فأدرج صورته على ورقة فئة خمسة سنتات؛ كان اسمه سبنسر كلارك ولدى الكونغرس مشروع لإصدار ورقة باسم ويليام كلارك من بعثة لويس وكلارك، لكن التشريع لم يحدد الاسم الأول بوضوح فاستغل كلارك الفرصة ووضع صورته الشخصية، كما أدرج صورة أمين الخزانة آنذاك فرانسيس سبينر على ورقة أخرى. بحلول نهاية الحرب الأهلية «أولَت الكونغرس الانتباه لما كان يفعله مكتب الحفر والطباعة»، فسن في 1866 قانونًا يمنع ظهور بورتريهات أو مماثلات لأشخاص أحياء على «السندات، والأوراق المالية، والأوراق النقدية، والعملات الجزئية والبريدية للولايات المتحدة». ذلك القانون لم يشر صراحةً إلى العملات المعدنية.
في ضوء ذلك، تبدو عقبة وضع صورة ترامب على عملة قابلة للتذكرة أقل صعوبة مما قد يظن البعض، خصوصًا لأن نصوص التشريع ذات الصلة تسمح بوجود بورتريه على الوجه الأمامي، وتُركت مسألة الطعن القانوني مفتوحة بسبب صعوبة إثبات تضرر مباشر. لكن هذه الخطوة ستظل مثار جدل سياسي وقانوني وتاريخي طويل الأمد. لقد وُضِعَت صور شخصياتٍ حية — بل وحتى صورة رئيسٍ واحدٍ لا يزال على قيد الحياة، كالفن كوليدج — على عملاتٍ معدنية من حين لآخر، بما في ذلك إصدارات حديثة نسبيًا.
في عام 1921، أصدرت الولايات المتحدة عملةً تذكارية احتفالاً بالذكرى المئوية لولاية ألاباما، صوّرت على جوانبها رؤوسَ ويليام بيب، أول حاكمٍ للولاية، وتوماس كيلبي، الحاكم أثناء احتفال المئوية. وتذكر صفحة دار النقود أن هذه العملة كانت الأولى التي سكّتها الدار وتحمل صورة شخصٍ حي.
في عام 1926، وخلال احتفال البلاد بمرور مئة وخمسين سنة على تأسيسها، أذن الكونغرس بسك عملة تذكارية. اتفق المصممون على تصوير مشترك لجورج واشنطن وكالفن كوليدج، الذي كان رئيسًا خلال تلك الاحتفالات. لم تحظَ العملة بشعبية؛ فمن أصل مليون نصف دولار سكّتها الدار، أعيد أكثر من 850 ألفًا إلى دار النقود وصُهرت.
مثالان آخران نجدهما في زمن أقرب. أصدرت دار النقود، بتفويض من الكونغرس، عملة تذكارية لإحياء ألعاب الأولمبياد الخاص العالمية لعام 1995. لم يملي الكونغرس التصميم، لكن وجه العملة كان منقوشه بصورة يونيس كينيدي شرايفر، مؤسِّسة الأولمبياد الخاص للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية. توفيت شرايفر عام 2009.
في 6 شباط (فبراير) 2016، طرحت دار النقود عملةً مرخّصة من الكونغرس تكريمًا للرئيس السابق رونالد ريغان وللسيدة الأولى السابقة نانسي ريغان، مرتبطةً بالذكرى التي كانت لتصادف ميلاد الرئيس رقم 105. توفيت نانسي ريغان بعد شهر، في 6 آذار (مارس) 2016.
دولة سكّت عملة تحمل صورة ترامب بالفعل
في 2025، سكّت ليبيريا، الدولة الإفريقية الواقعة في غرب القارة، عملة تذكارية فضية بقيمة دولار واحد وعيار اونصة واحدة، ظهرت على وجهها صورة ترامب متوَّجة بورقة غار ذهبية كما لو كان إمبراطورًا رومانيًا، وحمل الشعار: «In Don We Trust». وإذا أمكن العثور على واحدة منها متاحة في المخزون، فتكلفتها تتراوح تقريبًا بين 150 و200 دولار حسب نتائج البحث على غوغل.