هل يُغري بوتين ترامب بعروض اقتصادية في ألاسكا؟ — أخبار دونالد ترامب

يستعد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين للقاء في أنكوراج بألاسكا يوم الجمعة في محاولة لإنهاء الهجوم الروسي المستمر منذ ثلاث سنوات على أوكرانيا.

في تمهيد اللقاء، قال ترامب إنه يعتقد أن بوتين مستعد للاتفاق على وقف لإطلاق النار. لكن اقتراحه بأن بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد “يتقاسما الأمور” أثار قلق المراقبين في كييف.

من جهتها، توحي تصريحات مسؤولين روس كبار بأن موسكو تسعى لتخفيف حدة الحديث عن الحرب عبر ربطه بقضايا ثنائية أخرى، وعلى رأسها استعادة العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة.

خلال اجتماع عُقد يوم الخميس في الكرملين لبحث التحضيرات للقمة في ألاسكا، قال بوتين إنه يعتقد أن واشنطن تبذل “جهودًا مخلصة لوقف القتال وإنهاء الأزمة والتوصل إلى اتفاقات تهم جميع الأطراف المعنية بهذا الصراع”.

في وقت سابق من الخميس، أخبر يوري أوشاكوف، أحد كبار مساعدي بوتين في السياسة الخارجية، الصحفيين عن استعدادات روسيا للمحادثات، مشيرًا إلى أن “الموضوع المركزي سيكون، من الواضح للجميع، تسوية أزمة أوكرانيا”. كما توقع أن يكون هناك “تبادل للآراء بشأن تطور التعاون الثنائي، بما في ذلك في المجال التجاري والاقتصادي”، مشددًا على أن هذا التعاون يملك إمكانات هائلة وغير مستغلة.

أعلن أوشاكوف أيضًا أن وفد روسيا إلى ألاسكا سيضم بالإضافة إلى وزير الخارجية سيرغي لافروف، وزير المالية أنطون سيلوانوف وكيريل دميترييف، مبعوث بوتين للاستثمار الأجنبي والتعاون الاقتصادي. إن إشراك سيلوانوف ودميترييف يعد مؤشرًا آخر على رغبة الكرملين في طرح الملف الاقتصادي على طاولة القمة.

كيف تبدو تجارة روسيا والوليات المتحدة؟
في عام 2021، قبل الغزو الشامل لأوكرانيا، بلغ حجم التجارة الإجمالي بين روسيا والولايات المتحدة نحو 36.1 مليار دولار، شملت صادرات أميركا إلى روسيا بقيمة 6.4 مليار دولار، وواردات أميركا من روسيا بقيمة 29.7 مليار دولار، ما أفضى إلى عجز تجاري أميركي قدره 23.3 مليار دولار.

يقرأ  مطالب زيلينسكي وأوروبا من ترامب قبيل قمة بوتينأخبار الحرب الروسية‑الأوكرانية

للاستئناس، كانت روسيا في 2021 الشريك التجاري الثلاثون لأميركا. منذ ذلك الحين، وبعد جولات متعددة من العقوبات الأميركية، انخفض حجم التجارة بين البلدين بنحو 90 بالمئة تقريبًا.

من ناحية أخرى، انخفض رصيد روسيا التجاري الدولي — باستثناء الولايات المتحدة — بشكل كبير بعد قرارها بغزو أوكرانيا، إذ تراجع ميزان مدفوعاتها الدولية بين 2022 و2023 بنحو 70 بالمئة إلى نحو 86.3 مليار دولار.

في 2021، كان الفائض التجاري لروسيا مع الولايات المتحدة مركزًا تقريبًا في السلع الأولية؛ حيث شكّلت النفط والمعادن والمعادن الأساسية مثل الحديد والصلب نحو 75 بالمئة من صادرات روسيا، بينما كانت صادرات الولايات المتحدة إلى روسيا مركزة في السلع الصناعية المصنعة.

هل كانت صادرات روسيا إلى الولايات المتحدة حيوية؟
الإجابة المختصرة: لا.

عند اندلاع الغزو في فبراير 2022، كانت أميركا — التي غيّر قطاعها الطاقي ثورة التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي في أوائل الألفية — أكبر منتج نفط في العالم بمعدل 11.9 مليون برميل يوميًا.

كان لروسيا أهمية محدودة في بعض أنواع المنتجات الطاقية؛ إذ زوّدت بدرجات معينة من النفط الخام، لا سيما خام أوروَالز (Urals)، وبمنتجات مكررة مثل زيت الغاز الفراغي (VGO) وزيت الوقود المتبقي والنفثا. كان VGO الروسي ذا أهمية خاصة لإنتاج البنزين والديزل في مصافي أميركا التي افتقرت أحيانًا إلى المواد الخام المحلية ذات الخواص الكيميائية والفيزيائية المناسبة.

كما واصلت الولايات المتحدة استيراد كميات محدودة من هشّاف اليورانيوم (يورانيوم هيكسافلوريد) الضروري في عمليات تخصيب اليورانيوم من روسيا. بعض شركات الخدمات الكهربائية الأميركية ما تزال مرتبطة بعقود توريد مع روسيا، التي كانت تغطي نحو ثلث احتياجات أميركا من اليورانيوم المخصب عند اندلاع الحرب.

ومع ذلك، أعادت الشركات الأميركية المعتمدة على إمدادات اليورانيوم الروسية ضبط سلاسل الإمداد استجابة للعقوبات، واستثمرت شركات مثل X-energy وOrano بشكل كبير في الإنتاج المحلي في السنوات الأخيرة.

يقرأ  الكوليرا تودي بحياة 40 شخصًا في أسوأ تفشٍ منذ سنوات في السودان — بحسب منظمة «أطباء بلا حدود» أخبار الحرب في السودان

هل لدى روسيا أوراق قوة أخرى؟
في أعقاب العقوبات بعد فبراير 2022، أعيد توجيه معظم شحنات السلع الروسية من الدول الغربية إلى الصين بأسعار مخفضة، شاملة المنتجات الطاقية واليورانيوم.

فعلاً، نما حجم التجارة بين الصين وروسيا بالتوازي مع العقوبات، إذ عززت الحدود المشتركة والتقارب الجيوسياسي والمعارضة المشتركة للولايات المتحدة العلاقات الثنائية. سجّل تبادل التجارة الروسي-الصيني نموًا سنويًا يقارب 30 بالمئة في 2022 و2023، ليصل إلى 240.1 مليار دولار، وفقًا لمركز السياسات الأوروبية. وفي 2024، صعدت روسيا إلى المركز السابع ضمن شركاء الصين التجاريين مقارنة بالمركز الثالث عشر في 2020.

خلال تلك الفترة، زودت الصين روسيا بمزيد من المنتجات المتقدمة مثل الإلكترونيات عالية الجودة والآلات الصناعية، بينما رسّخت موسكو مكانتها كمورّد رئيسي للنفط والغاز إلى بكين. علاوة على ذلك، تجري الدولتان تدريبات بحرية منتظمة وقيام بدوريات بالقاذفات الاستراتيجية معًا، ما يقلق واشنطن التي تعتبر هذا التقارب تهديدًا لنفوذها العالمي.

بوتين سيكون مدركًا لهذه الديناميكيات وهو يتوجه إلى اجتماع الجمعة.

ما الذي قد يعرضه بوتين على ترامب؟
في مارس، قال مبعوث بوتين للاستثمار كيريل دميترييف إن روسيا والولايات المتحدة بدأت محادثات حول مشاريع المعادن النادرة في روسيا، وإن بعض الشركات الأميركية أبدت اهتمامًا بها. وأضاف أن “المعادن الأرضية النادرة مجال مهم للتعاون، وبطبيعة الحال بدأنا مناقشات حول مشاريع مختلفة في هذا المجال”.

السيطرة شبه الكاملة للصين على إنتاج المعادن الحرجة — المستخدمة في كل شيء من معدات الدفاع إلى الإلكترونيات الاستهلاكية — قد وجهت اهتمام واشنطن إلى تطوير إمداداتها الخاصة. تقدر المسح الجيولوجي الأميركي احتياطي روسيا من المعادن الأرضية النادرة بنحو 3.8 مليون طن، لكن تقديرات موسكو أعلى بكثير؛ إذ تقول وزارة الموارد الطبيعية إن لدى روسيا احتياطات من 15 معدنًا نادرًا تبلغ مجتمعة نحو 28.7 مليون طن حتى يناير 2023.

يقرأ  آن الأوان لإعادة التفكير في مبدأ «نصف–نصف» بين الفنانين وصالات العرض الفنية

ومع احتساب هامش الخطأ في تقديرات روسيا، فإن مواردها ستظل جزءًا ضئيلاً من المخزونات العالمية. لذلك سعت الولايات المتحدة إلى صفقات “معادن مقابل أمن” مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوكرانيا في محاولة لتحجيم هيمنة الصين على سلسلة الإمداد العالمية. وقد تحاول أن تفعل الشيء نفسه مع روسيا.

ما الذي تريده روسيا من هذه الاجتماعات؟
منذ غزو أوكرانيا، فرضت الدول الغربية عشرات الآلاف من العقوبات على روسيا، أغلبها ضد أفراد محددين. تشمل العقوبات الرئيسية حظر استيراد مشتقات نفطية روسية، وفرض سقف سعري على النفط الروسي، وتجميد أصول بنك روسيا المركزي المحتفظ بها في مؤسسات مالية أوروبية.

في 14 يوليو هدّد ترامب بفرض ما يُسمى بالعقوبات الثانوية، والتي إن نُفذت لكانت تمثل تحولًا ملحوظًا. منذ ذلك الحين استهدف الهند — ثاني أكبر مشترٍ للنفط الروسي — برفع الرسوم من 25 إلى 50 بالمئة كعقوبة على تجارتها مع موسكو. وحتى الآن لم يفرض ترامب رسومًا ثانوية مماثلة على الصين، أكبر مستهلك للنفط الروسي، رغم أنه ألمح إلى أن بكين قد تواجه مثل هذه الرسوم مستقبلًا في إطار ضغط واشنطن لإيقاف شراء النفط الروسي وإجبار بوتين على قبول وقف إطلاق النار.

وأشارت عناصر من إدارة ترامب أيضًا إلى أنه إذا لم تُسفر محادثات ألاسكا عن نتائج مرضية، فقد تُصعَّد الرسوم على الهند أكثر. في الوقت نفسه، يدفع مشرّعون من الحزبين في الكونغرس لتمرير قانون “تجريم روسيا لعام 2025” الذي يستهدف أيضًا الدول التي تشتري النفط والغاز الروس، ويمنح ترامب سلطة فرض رسوم تصل إلى 500 بالمئة على أي بلد يساعد روسيا. ويُنتظر موافقة ترامب للمضي قدماً في القانون.

من المتوقع أن يطالب بوتين في ألاسكا بتخفيف العقوبات الغربية عن روسيا مقابل موافقة موسكو على أي صفقة سلام.

أضف تعليق