من المتوقَّع أن توقع باكستانا وبنغلاديش عدداً من الاتفاقيات، بينها اتفاقيات تجارية، في إطار تقارب متسارع بين البلدين.
زار وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار دكا، حيث أجرى محادثات مع كبار المسؤولين والسياسيين البنغلاديشيين، من بينهم مستشار الخارجية توحيد حسين، في مسعى لإعادة ضبط العلاقات على خلفية توتر علاقات بنغلاديش مع الهند. وتُعد هذه الزيارة الأعلى مستوى لمسؤول باكستاني إلى دكا منذ عام 2012، ووصفتها إسلام آباد بأنها «تاريخية» و«معلم مهم» في العلاقات الثنائية.
شهدت العلاقات تحسناً تدريجياً منذ الإطاحة برئيسة الوزراء شيخ حسينة في أغسطس الماضي وهروبها إلى نيودلهي، فهي كانت توصف بميلٍ أقوى نحو الهند. وتعهد الجانبان مؤخرًا بتسهيل السفر بين البلدين من خلال تخفيف قيود التأشيرات، وتمهيداً للتوقيع على اتفاقيات متعلقة بالتجارة يوم الأحد، بعد أن انطلقت التجارة البحرية بين البلدين العام الماضي وتوسعت التجارة الحكومية في فبراير.
قالت وزارة الخارجية الباكستانية على منصة X إن الطرفين بحثا سُبلاً تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، مع تركيز خاص على توسيع التبادل التجاري وتعزيز الترابط والنُّظم اللوجستية، وذلك بعد لقاء دار مع وزير التجارة جام كمال خان ومستشار التجارة البنغلاديشي شيخ بشير الدين صباح الأحد.
هناك أيضاً خطط لبدء رحلات جوية مباشرة بين دكا وكاراكّي، وتعمل شركات النقل المحلية على استصدار الموافقات اللازمة، بحسب تقرير لصحيفة The Daily Star البنغلاديشية. ومن المقرر أن يلتقي دار أيضاً بالقائد المؤقت لبلادهم، محمد يونس.
خلال مؤتمر صحفي عقده في المفوضية العليا الباكستانية بدكا، شدد دار على «الرغبة القوية في بناء علاقة تعاون مستقبلية وطموحة مع بنغلاديش».
استقبل سكرتير وزارة الخارجية البنغلاديشي أسد علام سيام وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار في مطار دكا.
أكثر نشاطاً وقوة
التقى الدبلوماسي الباكستاني أيضاً بممثلين عن أحزاب سياسية بنغلاديشية، من بينها جماعة الإخوان الإسلامية (جماعتِ الإسلام)، التي كانت قد عارضت انفصال شرق باكستان وتأسيس بنغلاديش عام 1971. وقال نائب زعيم جماعتِ الإسلام سيد عبد الله محمد طاهر للصحفيين بعد اللقاء إن الطرفين بحثا «كيفية تعزيز العلاقات مع الدولة الإسلامية الشقيقة في الأيام المقبلة وكيفية جعل رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي أكثر نشاطاً وقوة».
كما التقى دار بقادة حزب المواطن الوطني الجديد، الذي قاد الانتفاضة العام الماضي، وبقيادة حزب بنغلاديش القومي (BNP). والتقى كبار القادة العسكريون من البلدين في باكستان يوم الجمعة في إطار اتصالات عسكرية متواصلة. وفي وقت سابق اتفق وزير التجارة الباكستاني على إقامة لجان مشتركة لتعزيز التجارة والاستثمار.
ترتبط ذكرى حرب 1971 بوصمة ثقيلة؛ إذ اتهم الجيش الباكستاني بارتكاب فظائع واسعة النطاق خلال الحرب التي أدت إلى انفصال شرق باكستان وتشكيل بنغلاديش، ما أسفر عن مئات الآلاف من القتلى — وتذهب تقديرات بنغلاديش إلى أعداد أكبر — ولا تزال مطالبات الاعتذار من إسلام أباد حاضرة لدى العديد من الأطراف في دكا.
بعد 1971 اعتمدت بنغلاديش اعتماداً كبيراً على الهند، التي تكاد تُحيط بها جغرافياً وتضم نحو 170 مليون نسمة. وفي تطور دبلوماسي، طالب يونس الهند بإعادة تسليم شيخ حسينة، التي ترفض حضور محاكمتها بتهم أُثيرت عليها وتصل في وصف بعضها إلى جرائم ضد الإنسانية. واتهمت دكا هذا الشهر الهند بدعم حزب رابطة عوامي المحظور حالياً بزعامة حسينة، وهو ما نفته نيودلهي قائلة إنها «لا تسمح بممارسة أنشطة سياسية ضد دول أخرى على أراضيها».