يقال إن الصورة أبلغ من ألف كلمة، وصورة الصحافيات اللاتي احتلن الصفوف الأمامية في مؤتمر وزير خارجية طالبان بأمـم دلهي صباح الاثنين لا تُستثنى من ذلك القول.
المؤتمر — وهو ثاني حدث صحفي لأمير خان متقي في مقر السفارة الأفغانية خلال نحو 48 ساعة — عُقد بعد موجة غضب كبيرة نجمت عن استبعاد النساء من لقائه الأول يوم الجمعة. قال متقي في مؤتمر الأحد إن الاستبعاد لم يكن مقصوداً ولا “متعمدًا”. وأضاف أن الاجتماع الأول جاء على عجل، وأن قائمة المدعوين كانت محددة تقنياً، وأن زملاءه قرروا توجيه الدعوة إلى لائحة معينة من الصحافيين دون أي نية أخرى.
وصفت الأمم المتحدة الوضع في أفغانستان بأنه “أبارتايد جنسي”؛ إذ تُمنع النساء والفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي والجامعي، ومن دخول المتنزهات أو صالات الرياضة، وتُضيّق السلطات وظائفهن وتُلزمهن باللباس الكامل وتقيّد حركتهن.
حكومة طالبان، التي استعادت السلطة عام 2021، تؤكد أنها تحترم حقوق النساء وفق تفسيرها للثقافة الأفغانية والشريعة الإسلامية، لكن الدبلوماسيين الغربيين يرون أن هذه القيود أعاقت محاولاتها لحشد اعتراف دولي. وصف تقرير بأن اضطهاد حقوق النساء في ظل حكمهم من بين الأقسى في العالم.
وصل متقي إلى الهند مساء الخميس لخوض جولة محادثات رفيعة المستوى استمرت أسبوعاً مع مسؤولين حكوميين، في إطار سعي طالبان للحصول على شرعية دولية — وكانت روسيا البلاد الوحيدة حتى الآن التي اعترفت بحكومتهم رسمياً. الهند لم تعترف رسمياً بحكام أفغانستان الفعليين لكنها حفِظت علاقات دبلوماسية أو غير رسمية مع بعض الأطراف، بما في ذلك وجود بعثة صغيرة في كابول وتقديم مساعدات إنسانية. تُعتبر الزيارة تصعيداً في العلاقات؛ فهي تمنح طالبان دعماً سياسياً بينما تخدم الهند مصالحها الاستراتيجية والأمنية. وأعلن وزير الخارجية الهندي، إس. جايشانكار، إعادة فتح سفارة نيودلهي في كابول.
في مؤتمره الصحفي الأول حضر نحو 16 صحفياً ذكراً، بينما مُنعت الصحافيات من دخول بوابات السفارة. اعترف مصدر داخل حكومة طالبان بأن النساء لم يُدعون للحضور. ونفت وزارة الخارجية الهندية أي دور لها في تنظيم اللقاء باعتباره عُقد في مبنى السفارة، لكن الحدث على أرض هندية أثار سخطاً شديداً بين السياسيين والصحافيين الذين انتقدوا السماح بحدوث التمييز هناك.
انتقد زعيم المعارضة راهول غاندي رئيس الوزراء ناريندرا مودي قائلاً إن سماحه بإقامة الحدث يعني أنه “يقول لكل امرأة في الهند إنكن ضعيفات ولا يستطيعن الوقوف للدفاع عن حقوقكن”. وأصدرت عدة هيئات مهنية بيانات قوية من بينها نقابة المحررين في الهند، ومؤسسة الصحفيات الهنديات، وشبكة النساء في الإعلام في الهند، ووصفت الاستبعاد بأنه “تمييز صارخ”.
قالت النقابة إن الحماية الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لا تبرر تمييزاً جنسياً فاضحاً في الوصول إلى وسائل الإعلام على أرض هندية، وإنه مهما كانت ضلوع وزارة الخارجية في تنسيق الحدث، فإنه لأمر مقلق أن يُسمح بهذا الاستبعاد من دون اعتراض. ورأت الشبكة أن على الحكومة الدفاع عن الحقوق الدستورية والديمقراطية للمواطنات، بما في ذلك حقهن في العمل وكسب الرزق، وكان عليها مساءلة مثل هذا التمييز الصارخ. كما لام البيان الصحافيين الذكور الذين حضروا اللقاء الأول لسكوتهم، مؤكداً أن الصمت في مثل هذه اللحظات قد يُفسَّر على أنه تواطؤ في تطبيع التمييز.
وسط تصاعد الغضب العام، بعث فريق متقي بدعوات جديدة للمؤتمر الثاني ووصَف اللقاء بأنه “شامل” ومفتوح لكل العاملين في الإعلام. لا توجد تأكيدات رسمية لما دفع إلى عقد المؤتمر الثاني، لكن ثمة تكهنات بأن الحكومة الهندية قد تدخلت.
حضر المؤتمر الثاني عدداً كبيراً من الصحافيين وطُرحت أسئلة حادة حول أسباب استبعاد النساء في اللقاء الأول، وعن أوضاع الفتيات والنساء في أفغانستان. ردّ متقي قائلاً: “لدينا عشرة ملايين طالب وطالبة في المدارس والمؤسسات، بينهم أكثر من 2.8 مليون من النساء والفتيات. وفي المدارس الدينية يستمر التعليم حتى التخرج. هناك بعض القيود، لكننا لم نعلن قط أن تعليم النساء حرام دينياً، هو مؤجل إلى إشعار آخر.” كثير من الحاضرين طالوا بمقارعة تصريحاته بالإشارة إلى القيود التي فُرضت منذ 2021.
على مدار السنوات الأربع الماضية مُنع الفتيات فوق سن الثانية عشرة من الالتحاق بالتعليم، وتقلّصت خيارات العمل المتاحة للنساء بشكل كبير. وفي الأسابيع الأخيرة أزالت الحكومة كتباً ألفتها نساء من مناهج جامعية. قد لا يكون رد الوزير كافياً للإجابة عن كل تساؤلات حقوق النساء في أفغانستان، لكن بعض الصحافيين رأوا في مجرد تنظيم المؤتمر الثاني وتعرّض الوزير للأسئلة المتعلقة بالنوع الاجتماعي خطوة يمكن اعتبارها تقدماً محدوداً. اجزاء من المسألة ما تزال معقدة ومفتوحة للنقاش. لم تُزَوّدْنِي بنَصٍّ لأُعيدَ صياغَتَهُ وأترجمهُ. الرجاء لصقُ النصّ هنا أو إرساله مرةً أخرى.