جيمس دوبسون، الناشط المسيحي المثير للجدل والذي أثر بعمق في المشهد السياسي والديني الأمريكي، توفي عن عمر ناهز 89 عاماً، وفق ما أعلن معهد الدكتور جيمس دوبسون العائلي، الذي أشار إلى دوره في “بناء إحدى أكبر المنظمات الدينية المعتمدة على الإيمان في العالم”. لم يُكشف عن سبب الوفاة.
ولد دوبسون عام 1936 في شريفبورت بولاية لويزيانا، وكان طبيباً أطفالياً قبل أن يبدأ برنامجه الإذاعي الذي كان يقدّم فيه نصائح للمسيحيين حول التربية، وأسّس عام 1977 منظمة Focus on the Family التي نمت لتصبح صوتاً مؤثراً في المحافظين الدينيين.
في ذروة نفوذه خلال ثمانينيات القرن الماضي، اعتُبر دوبسون من أقوى وجوه ما يُطلق عليهما «اليمين الديني» أو «اليمين المسيحي». وصفه منتقدوه بأنه رمز للتعصب، بينما لقي تأييداً واسعاً في وسط الولايات المتحدة بفضل أسلوبه الشعبي وحبه للصيد. كانت منظّمته توظّف أكثر من ألف موظف في أوجها، ومنحته منصة للتأثير على التشريعات وللقيام بدور مستشار لخمسة رؤساء أمريكيين.
سعى دوبسون، إلى جانب زعماء إنجيليين آخرين مثل جيري فالويل وبات روبرتسون، إلى إدخال المحافظين الدينيين إلى قلب الحياة السياسية، وبثّ رسالته المحافظة يومياً عبر أكثر من 3000 محطة إذاعية في أمريكا الشمالية، داعياً متابعيه للتصويت لمرشحين يتوافقون مع آرائهم — وغالباً ما كانوا من الجمهوريين — رغم أن حالة الإعفاء الضريبي لمنظمته كانت تمنعها من دعم أحزاب أو مرشحين بشكل صريح.
في 2016 شارك دوبسون في هيئة من القادة الإنجيليين الذين قدّموا المشورة لدونالد ترامب، ودعمه في حملاته الثلاث الرئاسية. كان معارضاً شرساً لحق الإجهاض وزواج المثليين، معتبرًا أن هذين الأمرين يشكّلان هجوماً على «الأسرة التقليدية» وعلى رؤيته لمجتمع فاعل. وفي مقابلة مع رويترز عام 2007 أنكر تهمة التعصب الموجّهة إليه قائلاً إن الجهات الناشطة لصالح المثليين هي التي تراه تهديداً، وتشوّه سمعته بوصفه حاقداً وعدائياً.
احتفل دوبسون بإلغاء قرار روان المعياري Roe v. Wade عام 2022، واعتبر أن تعيينات ترامب المحافظة في المحكمة العليا الأمريكية هي التي مهدت لهذا الانقلاب القضائي. قال في بثٍ لعمله إن الشخص الذي أتاح هذا القرار لا بد أن يُذكر عند الحديث عنه، بغض النظر عن موقف الناس من دونالد ترامب نفسه.
على منصات التواصل الاجتماعي تباينت الردود: بعضهم نعى رحيله، بينما سلّط كثيرون الضوء على الألم والصدمة التي تسبب فيها عمله؛ إذ شجّع على العقاب البدني للأطفال ودافع عن ما يُسمى بعلاج التحويل، وهي ممارسة زائفة علمياً تهدف إلى تغيير التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية لشباب المثليين قسرياً. كتبت سارة جونز في نيويورك ماغازين على منصة X أن شعور ارتياح هائلاً انتابها عند سماع خبر وفاته بعد أن كرّس حياته للعنف والقسوة، وأنها كانت تنتظر كتابة نقش وفاته منذ الطفولة. وأشار القس تكساسي زاك لامبرت إلى عمق الألم الذي سببه هو ومنظمته لمئات الأشخاص الذين عانوا من صدمات روحية وعاطفية وجسدية نتيجة تعاليمه.
منظمة الحرية والنقد الديني (FFRF) غردت بأن إرث جيمس دوبسون ليس «قِيَم الأسرة» بل هو التعصب، وأنه كان يحمّل قضايا مثل حقوق المثليين والإجهاض مسؤولية أحداث عنف جماعي وقلّص مفهوم الزواج إلى صفقة تمييزية، مضيفة أنها ستواصل محاربة القومية المسيحية التي روّج لها دوبسون. (تاريخ التغريدة: 21 أغسطس 2025)
إجمالاً، سيبقى أثر دوبسون — بين من يرى فيه منقذاً للقيم التقليدية ومن يعتبره سبباً لمعاناة واسعة — قضية مركزية في تقييم دور الحركات الدينية المحافظة في السياسة الأمريكية المعاصرة، وإرثه يَستدعي نقاشاً معمّقاً حول حدود التأثير الديني في الشأن العام وإمكانات التمييز والأذى المتوارث عن سياسات وأفكار مثل تلك التي روّج لها إعتبره البعض طوال عقود.