شاب فلسطيني قضى أثناء احتجازه لدى السلطات الإسرائيلية، بحسب بيان للسلطة الفلسطينية، في وقت تشهد فيه الضفة الغربية موجة عنف عسكرية واستيطانية غير مسبوقة منذ عقود، في ظل استمرار الحرب على غزة التي وُصفت بأنها إبادة جماعية.
عبد الرحمن السباتين، 21 عاماً، من حوسن قرب بيت لحم، توفّي في مرفق طبي بالقدس ليلة الثلاثاء بعد اعتقاله أواخر حزيران، وفق ما أفادت به السلطة. وأكدت عائلته أنهم لم يلحظوا أي علامات مرضية عند آخر زيارة خلال جلسة محكمة عُقدت في 25 نوفمبر.
جاءت الوفاة بالتزامن مع حملات اعتقال واسعة نفذتها قوات إسرائيلية فجر الأربعاء في أنحاء الضفة، حيث اعتقلت أكثر من مئة فلسطيني، وفق مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني. واستهدفت المداهمات مدناً من بينها نبلس، حيث جرى احتجاز نحو ثلاثين شخصاً، وسلواد التي اعتُقل فيها أربعة وعشرون آخرون. وأفاد شهود لوكالة وفا بأن جنوداً دخلوا منازل وصادروا ممتلكات ومصوغات خلال العمليات.
برّرت المنظمات الحقوقية وفاة السباتين بأنها جزء من حصيلة لا تقلّ عن 94 محتجَزاً فلسطينيّاً توفوا داخل سجون أو مراكز توقيف إسرائيلية منذ أكتوبر 2023، وفق منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل، التي وثّقت ما تصفه بـ«التعذيب المنهجي» في مرافق الجيش والسجون. ويستعرض تقرير المنظمة حالات ضرب وحرمان من الرعاية الطبية وتجويع متعمّد.
وفي تقرير منفصل، أكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وقوع ما لا يقل عن 75 وفاة خلال الفترة نفسها، وذكرت أن السلطات الإسرائيلية «فرضت عمداً ظروف اعتقال ترقى إلى التعذيب أو أشكال أخرى من المعاملة السيئة».
من جهة أخرى، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من ألف فلسطيني في الضفة منذ بدء الحرب على غزة، بينما تصاعدت هجمات المستوطنين—غالباً بدعم أو بتغاضي من الجيش—بوتيرة كبيرة وبدون ملاحقة. وأفادت بيانات الأمم المتحدة بأن أكثر من 700 فلسطيني أصيبوا بجروح على يد مستوطنين هذا العام، أي ضعفي عدد الإصابات المسجّلة طوال عام 2024؛ وشهد أكتوبر وحده 264 هجوماً، وهو أعلى رقم شهري منذ بدء التتبع عام 2006.
ترافقت هذه الموجة مع دفع واسع لتوسيع المستوطنات. يوم الأربعاء أقرّت السلطات الإسرائيلية بناء 764 وحدة سكنية جديدة في ثلاث مستوطنات بالضفة، وهو ما وصفه وزير المالية بيزيئل سموتريخ—المعارض صراحةً لحل الدولتين—استمراراً لـ«الثورة». ويدفع وزراء اليمين المتطرف نحو ضم كامل للضفة، وهو موقف تعارضه الولايات المتحدة والدول الأوروبية وكذلك الدول العربية والمسلمة.
قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لوكالة رويترز إن «المستوطنات غير شرعية» وتتناقض مع «جميع قرارات الشرعية الدولية». وأعلن سموتريخ الموافقة على 764 وحدة كمكوّن من خطة لخمس سنوات بقيمة 2.7 مليار شيكل تهدف إلى ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الأراضي. ومنذ أواخر 2022 جرى التصديق على أكثر من 51 ألف وحدة استيطانية.
وأفادت هيومن رايتس ووتش الشهر الماضي بأن القوات الإسرائيلية أخرجت قسرياً 32 ألف فلسطيني من ثلاثة مخيمات لاجئين في وقت سابق من هذا العام، ووصفت العمليات بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقال عمر شاقير، مدير قسم إسرائيل وفلسطين في المنظمة، إن ذلك يشكل «أكبر نزوح ثانٍ—بعد غزة—لفلسطينيين منذ 1967»، مشبّهاً إيّاه بالنكبة الثانية، في إشارة إلى نزوح أكثر من 700 ألف فلسطيني عام 1948.
وقال أخصائي نفسي يعمل مع أطباء بلا حدود وهو يتحدّث دون كشف هويته من الخليل إن الأثر النفسي يتصاعد بسرعة، وأضاف إن الفلسطينيين «يتهيأون للخسارة» بدلاً من التخطيط للمستقبل. يردّد المرضى غالباً: «بدأوا في غزة، ثم انتقلوا إلى شمال الضفة — الآن مسألة وقت حتى يحين دورنا.»