وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان: ما نعرفه — هل سيستمر؟ أخبار طالبان باكستان

باكستان وأفغانستان توافقان على “وقف فوري لإطلاق النار” بعد أسبوع من اشتباكات دامية على طول الحدود، في تطور يعكس أن العلاقات بين الجارين الجنوب آسيويين بلغت أدنى مستوياتها منذ عودة طالبان إلى السلطة عام 2021.

خاتمة محادثات الدوحة
بعد جولة من المفاوضات في الدوحة، أعلنت وزارة الخارجية القطرية أن الطرفين اتفقا على وقف فوري للأعمال القتالية وإقامة آليات لتوطيد السلام والاستقرار الدائمين بين البلدين، بمشاركة وساطة تركية. وتم الاتفاق كذلك على عقد اجتماعات متابعة خلال الأيام المقبلة لضمان استدامة وقف النار والتحقق من تنفيذه بشكل موثوق ومستدام.

تفاصيل الاتفاق وردود الفعل
نشر وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف تأكيدًا على الاتفاق عبر منصة X، مشدداً على أن “الإرهاب العابر للحدود من الأراضي الأفغانية سيتوقف فورًا” وأن البلدين سيحترمان سيادة كل منهما وسلامة أراضيه. كما أكد أن اجتماع متابعة بين الوفود مقرر في مدينة إسطنبول التركية في 25 أكتوبر لبحث التفاصيل.

وصف نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار الهدنة بأنها “خطوة أولى في الاتجاه الصحيح”، مطالبًا بتأسيس آلية مراقبة ملموسة وقابلة للتحقق في الاجتماع الذي ستستضيفه تركيا لمنع المزيد من خسائر الأرواح. من جهته، قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، إن الطرفين جددّا التزامهما بالسلام والاحترام المتبادل والعلاقات الجيرة البناءة، وإنه تقرر عدم القيام بأي أعمال عدائية أو دعم مجموعات تنفذ هجمات ضد حكومة باكستان، والامتناع عن استهداف قوات الطرف الآخر أو المدنيين أو البنى التحتية الحيوية.

خسائر وأصل التصعيد
أسفرت موجة العنف الأسوأ خلال سنوات عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. اندلعت الاشتباكات في 11 أكتوبر على عدة محاور على طول الحدود الممتدة نحو 2600 كيلومتر، بعد أن اتهمت إسلام آباد عناصر مسلحة داخل أفغانستان بالضلوع في هجمات داخل الأراضي الباكستانية وشنت غارات على مواقع في كابل وإقليم باكتيكا. وقد سجل مركز البحوث والدراسات الأمنية في إسلام آباد نحو 2414 حالة وفاة في الأشهر التسعة الأولى من العام حتى الآن.

يقرأ  اعتقال مشرف مدارس ديس موينز العامةعلى يد وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية

خلفية النزاع: الجماعات المسلحة والحدود
تطالب باكستان طالبان بضبط مجموعات مثل جيش محمد المعروف بالاختصار TTP وجماعات تقاتل في بلوشستان مثل جيش تحرير بلوشستان، التي تصاعدت هجماتها خلال السنوات الأخيرة وقد يكون 2025 العام الأكثر دموية. وتتحمل مناطق خيبر بختونخوا وبلوشستان، المتاخمة لأفغانستان، العبء الأكبر من هذه الهجمات.

تعود جذور التوتر أيضًا إلى خلاف طويل حول الحدود الدولية المعروفة بخط دوراند، المعترف به من قبل باكستان وغير المعترف به من جانب أفغانستان. في الوقت نفسه، تتقارب أيديولوجياً TTP مع طالبان الأفغانية لكنها مجموعة مستقلة ذات أهداف وتنظيم منفصلين، وفقًا للمراقبين.

نفي طالبان والانتقادات
نفت الحكومة الأفغانية رسمياً منح ملاذات آمنة لـTTP، وشدّد مجاهد على أن “الأرض الأفغانية لن تُسمح بأن تُستخدم ضد أي دولة”، مؤكداً أن سياسة الإمارة الإسلامية ثابتة في هذا الشأن. مع ذلك، يظل مطلب إسلام آباد أن تمنع طالبان إعادة تشكيل أو توسع الشبكات المعادية لباكستان داخل أفغانستان.

المحللون: عن جدوى القصف وقياس الأثر
وصف محلل سياسي مقيم في كابل، عبدالله بحير، قصف أفغانستان وقتل المدنيين بأنه “نموذج إشكالي”، مستدلاً بأن الأدلة على استهداف عناصر TTP خلال أسبوع القصف كانت محدودة رغم سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأوضح أن TTP مظاهرة محلية داخل باكستان وتسبق صعود طالبان إلى السلطة في كابل، متسائلاً عما إذا كان من الواقعي توقع سيطرة كاملة لطالبان على مجموعة مستقلة إلى حد ما.

مآلات محتملة
يبقى التساؤل الأكبر حول مدى قدرة الآليات المتفق عليها في الدوحة وإسطنبول على منع تجدد العنف وتحقيق التهدئة المستدامة. الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار وخطوات المراقبة المتفق عليها يعطيان أملاً مؤقتًا، لكن النجاح سينطق عن وجود إجراءات صارمة لمنع استخدام الأراضي الأفغانية كمنطلق لاعتداءات عبر الحدود، إضافة إلى تعاون دبلوماسي وأمني طويل الأمد بين الجانبين.

يقرأ  إسرائيل تستدعي ٦٠ ألف جندي احتياط تمهيدًا لهجوم على مدينة غزة

انبــاء سريعة: دور قطر وتركيا لقي دور الوساطة القطرية والتركية إشادة من كلا الطرفين في تسهيل الحوار والوصول إلى هذا التوافق، في حين تظل الشكوك قائمة حول قدرة الاتفاق على معالجة جذور العنف. اتهمت أيضاً بتوفير ملاذ لمقاتلي طالبان أثناء تمردهم المسلح ضد احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان الذي استمر عشرين عاماً.

لكن العلاقات توترت بسبب تصاعد الهجمات داخل باكستان.

برزت حركة طالبان الباكستانية مجدداً كواحدة من أكبر التهديدات للأمن القومي الباكستاني، إذ نفذت أكثر من ستمئة هجوم ضد القوات الباكستانية خلال العام الماضي، وفق تقرير صادر عن قاعدة بيانات النزاعات والأحداث المسلحة، وهي منظمة مستقلة غير ربحية.

وبحسب المعهد البحثي المقّر في إسلام آباد، شهدت الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام ارتفاعاً في أعمال العنف بنسبة 46 في المئة مقارنة بالعام السابق.

وقد تراجع العنف المنسوب للحركة عن ذروته في أواخر العقد الأول وبدايات العقد الثاني من الألفية بعدما دخلت إسلام آباد في حوارات مع الفصائل المسلحة واستجابت لبعض مطالبها في 2021، من بينها الإفراج عن عناصرها من السجون ووقف العمليات العسكرية في المناطق القبلية.

كما طالبت الحركة بإلغاء اندماج المنطقة القبلية مع اقليم خيبر بختونخوا عام 2018، وفرض تفسير أكثر تشدداً للشريعة الإسلامية.

بعد شهر من سيطرة طالبان على كابول في أغسطس 2021، وساطت حركة طالبان الأفغانية في محادثات بين الجيش الباكستاني والحركة الباكستانية، وهو قرار أيده ودفع إليه عمران خان، رئيس الوزراء آنذاك. لكن خان، الذي كان من دعاة الحوار مع المجموعات المسلحة، أُقيل من منصبه في أبريل 2022.

تصاعدت أعمال العنف بعد أن انسحبت الحركة من جانب واحد من اتفاق وقف إطلاق النار في 2022، متهمة إسلام آباد باستئناف العمليات العسكرية في المنطقة.

يقرأ  منذ ٧ أكتوبر: ١٬١٥٢ جنديًا سقطوا — أكثر من ٤٠٪ منهم دون ٢١ عامًا

منذ تأسيسها عام 2007 استهدفت الحركة المدنيين وأفراد أجهزة إنفاذ القانون، ما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص. وكانت أعنف اعتداءاتها في ديسمبر 2014 حين هاجموا مدرسة عامة للجيش في بيشاور، ما أدى إلى مقتل أكثر من 130 تلميذاً.

تظل الحركة محظورة في باكستان وصُنفت كـ«جماعة إرهابية» من قبل الولايات المتحدة الأميركية.

شن الجيش الباكستاني عدة عمليات للقضاء على التنظيم، لكنه واجه صعوبة في بلوغ هدفه إذ استغل المقاتلون الحدود النفَّاذة للتحرك ذهاباً وإياباً بين البلدين المجاورين.

قال المحلل السياسي باهر: «لا فائزين في الحرب. هناك فقط خاسرون». وتساءل المحلل المقيم في كابول: «منطق قصف أفغانستان لإخضاعها لم ينجح مع الولايات المتحدة خلال عشرين عاماً من احتلالها. فلماذا نظن أنه سينجح الآن؟»

أضف تعليق