٥ نقاط أساسية من قمة مناخية شديدة الانقسام

على مدى ثلاثة عقود من الاجتماعات المكلفة بصياغة توافق عالمي حول كيفية الحيلولة دون الاحترار العالمي والتعامل معه، سيُذكر هذا المؤتمر كواحد من أكثر المؤتمرات اقتتالاً وانقساماً.

انقسام شديد
غضب عدد كبير من الدول عندما انتهت قمة الأطراف الثلاثون في بيليم بالبرازيل يوم السبت من دون أي ذكر صريح للوقود الأحفوري الذي أدى إلى ارتفاع حرارة الغلاف الجوي. وعلى النقيض، شعرت دول أخرى — لا سيما تلك التي تحقق أكبر مكاسب من استمرار إنتاجها — بأنها انتصرت وتحققت مطالبها. كانت القمة صدمة واقع تظهر مدى تآكل الإجماع العالمي بشأن السبيل إلى مواجهة تغيّر المناخ.

خمس خلاصات رئيسية من ما سمّاه البعض «قمة الحقيقة»:

1) البرازيل — ليست أفضل محطاتها
أهم ما خرجنا به من مؤتمر الأطراف الثلاثين هو أن «سفينة المناخ» لا تزال طافية، لكن الكثيرين غادروا بيليم محبطين لأنهم لم ينلوا ما كانوا يأملون به. ورغم حرارة الترحيب بالبرازيل وبالرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، ثارت استياءات على طريقة إدارة البلد للمؤتمر. بدا منذ البداية أن ثمة هوة بين ما رغب لولا أن تحققه القمة، وما اعتبره رئيس المؤتمر أندريه كوريا دو لاجو ممكنًا. دعا لولا إلى خرائط طريق للخروج من الاعتماد على الوقود الأحفوري أمام عدد محدود من القادة قبل بدء المفاوضات الرسمية، وما لبثت الفكرة أن تحوّلت إلى حملة تضغط لإدخالها نصاً رسمياً إلى المفاوضات. لكن دو لاجو، الذي كان يراهن على الإجماع، لم يكن راغبًا في فرض الموضوع على جدول الأعمال خشية أن يكسر الإجماع. تلاشى أي نص أولي يشير إلى خارطة طريق خلال أيام، ولم يعد له أثر.

محاولات كولومبيا والاتحاد الأوروبي وحوالي 80 دولة لإدخال صياغة أقوى تبتعد عن الفحم والنفط والغاز باءت جزئياً بالفشل. سعى دو لاجو إلى إيجاد مخرج عبر ما سمّاه «متيرا̃و» — نوع من النقاش الجماعي البرازيلي — لكنه زاد الطين بلّة: رفض مفاوضون من دول عربية الانخراط في اجتماعات ثنائية مع من طالبوا بمسار للخروج من الطاقة الأحفورية، وتصرّف كبار المنتجين بقساوة مع الاتحـاد الأوروبي. قال أحد المراقبين إن مندوباً سعودياً خاطب الأوروبيين مغلقاً الأبواب: «نحن نقرّر سياساتنا الطاقية في عواصمنا لا في عواكم». لم يكن هناك ما يصلح الهوّة، وكادت المفاوضات تنهار. طرحت البرازيل بعد ذلك فكرة حفاظية لخرائط طريق عن إزالة الغابات والوقود الأحفوري تكون خارج إطار القمة، فالتُقيّ القبول بتصفيق عالٍ في القاعات العامة، بينما بقي موقفها القانوني غير واضح.

يقرأ  تأخر خطة الهند للعمل يثير الاستغراب في قمة المناخ بالأمم المتحدة

2) الاتحاد الأوروبي خرج متأثراً
الكتلة الأغنى بين الأطراف الموقعة على اتفاقية باريس لم تقدم من هذه القمة أفضل أداء لها. بينما تصدّر الأوروبيون الدعوة لخرائط طريق ضد الوقود الأحفوري، فقد ضيّقوا على أنفسهم زاويةً أخرى من الاتفاق عندما استمرّت كلمة «تضاعف ثلاثي» لتمويل التكيّف بالمناخ في النص النهائي بصيغة غامضة لم تثير اعتراضهم، فراحوا حينها بلا ورقة مقايضة عندما حاولوا دفع دول العالم النامي إلى دعم خارطة طريق للطاقة. وصف لي شوو من مركز آسيا للمجتمع ذلك بأنه انعكاس لتحوّل القوة في العالم نحو دول الـBASIC وBRICS، وتراجع نفوذ الاتحاد الأوروبي. في النهاية، وبعد قدر من الغضب، اضطر الأوروبيون لقبول تأجيل هدف «التضاعف الثلاثي» من عام 2030 إلى 2035 والمضي في الاتفاقية مع تحقيق مكاسب ضئيلة على جبهة الوقود الأحفوري.

3) مستقبل مؤتمرات الأطراف قيد السؤال
أكثر سؤال طُرح تكراراً خلال أسبوعَي القمة كان حول مصير هذا «المنهج» نفسه. ثمة وجهتا نظر متناقضتان ومتكررتان: أيُّ حماقة أن يطير آلاف الأشخاص حول العالم إلى خيام مكيفة ضخمة ليتجادلوا حول فواصل نحوية وتفسيرات لعبارات معقدة؟ وأيُّ سخف أن تُتخذ أسئلة مصيرية عن بنية الطاقة العالمية في ساعات الصباح الباكر بين مندوبين منهكين لم يروا بلادهم منذ أسابيع؟ خدمة منهجية الـCOP للعالم كانت واضحة عندما أسفرت عن اتفاقية باريس، لكن ذلك كان منذ عقد؛ وكثيرون يشعرون الآن أنها فقدت غرضاً واضحاً وقوياً. كما قال هارجيت سينغ من مبادرة معاهدة الوقود الأحفوري لبي بي سي: «لا يمكننا استبعادها تمامًا، لكن ينبغي إعادة تأهيلها؛ سنحتاج إلى آليات خارج هذا النظام لتُكمل ما حققناه حتى الآن». تكاليف الطاقة والأسئلة المشروعة عن سبل بلوغ صافي الانبعاثات صفراً لم تكن أبداً أكثر أهمية — ومع ذلك تبدو فكرة الـCOP بعيدة عن تفاصيل حياة مليارات البشر اليومية. إنها عملية إجماع ولدت في عصر مختلف؛ ولسوء الحظ، لسنا في ذلك العالم بعد الآن. حاولت البرازيل الاعتراف بهذه القضايا وجعلت من القمة «قمة تنفيذية» مع تركيز على «أجندة الطاقة»، لكن ما قصدته بتلك المصطلحات ظل غامضاً، والقادة يحاولون قراءة المشهد لإيجاد نهج جديد وإلا فقدت القمة كل بريقها.

يقرأ  تَصاعُد «الكراهية والعنف» ضد اليهود في ألمانيا منذ السابع من أكتوبر

4) التجارة تدخل الساحة
للمرة الأولى أصبح موضوع التجارة العالمية أحد المحاور الجوهرية في المحادثات. وفق مراقب مخضرم، كان هناك دفع منظّم لطرح هذا الملف في كل غرفة تفاوض. قد تتساءل: وما علاقة ذلك بتغيّر المناخ؟ الجواب أن الاتحاد الأوروبي يخطط لفرض رسم حدودي على بعض المنتجات عالية الانبعاثات مثل الصلب والأسمدة والأسمنت والألمنيوم، والعديد من شركائه التجاريين — وعلى رأسهم الصين والهند والسعودية — معترضون على ذلك باعتباره إجراءً أحادي الجانب يُضر بتنافسية صادراتهم إلى أوروبا. الأوروبيون يردون بأن الهدف ليس قمع التجارة، بل خفض الغازات الدفيئة؛ فهم يفرضون رسوماً داخلية على منتجيهم مقابل الانبعاثات، والرسوم الحدودية تحمي منتجيهم من واردات أرخص وأكثر تلويثاً. وإذا لم ترغبوا بدفع هذا الرسم، فمطالبهم بسيطة: فرضوا أنظمة رسوم مماثلة على صناعاتكم الملوِّثة واجمعوا المال بأنفسكم. يروق هذا المنطق للاقتصاديين لأن تكاليف التلوث ترتفع ومعها الدافع للتحول إلى بدائل نظيفة، وإن كان ذلك يعني أسعاراً أعلى للسلع التي تعتمد مواداً ملوِّثة. انتهى الخلاف هنا بحل «نموذجي» من نوع اتفاقات الـCOP — تأجيل الحسم إلى محادثات لاحقة وتأسيس حوار مستمر عن التجارة في إطار محادثات الأمم المتحدة المقبلة، بمشاركة الحكومات ومؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية.

5) ترامب يكسب بغيابه — الصين تكسب بصمتها
أكبر دولتين مصنعتيْن للكربون في العالم، الولايات المتحدة والصين، كان لهما أثر مماثل على هذه القمة بوسائل مختلفة. غياب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح شركاءه شجاعة أكبر في المواقف، بينما لعبت روسيا دوراً بارزاً في عرقلة جهود إدراج خرائط طريق. كما توقع، كانت السعودية وغيرها من كبار المنتجين معاديةً لتقليص الوقود الأحفوري. الصين اختارت الصمت السياسي وركّزت على إبرام الصفقات الاقتصادية: في نهاية المطاف، يقترح الخبراء، ستتفوق أعمال الصين الميدانية على جهود الولايات المتحدة في تسويق الوقود الأحفوري. كما قال لي شوو: «احتفظت الصين بملف سياسي منخفض وركّزت على تحقيق المكاسب في العالم الحقيقي. الطاقة الشمسية هي أرخص مصدر للطاقة، والاتجاه بعيد المدى واضح، والصين تهيمن على هذا القطاع وهذا يضع الولايات المتحدة في موقف صعب».

يقرأ  الهند تهزم باكستان بفارق 88 ركضًا وتتصدّر جدول نقاط كأس العالم للسيدات للكريكيت

خلاصة سريعة: القمة كشفت عن شقاق بالغ في الآراء حول كيفية التعامل مع الوقود الأحفوري ومهدت لسؤال أكثر عمقاً حول مدى قدرة آليات التفاوض التقليدية على إعطاء استجابات فعّالة لتحديات القرن الحادي والعشرين، فيما يبقى المسار مستمرًا وتبقى الأسئلة مفتوحة أمام صياغة خطوات عملية جديدة.

أضف تعليق