أبرز المخاطر الاقتصادية التي تهدّد دول البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في أوروبا

شهدت بعض دول أوروبا الوسطى، وعلى رأسها المجر ورومانيا وسلوفينيا، تدهورًا في آفاقها الاقتصادية مع تفاقم أثر الرسوم الجمركية وتكثف المنافسة الصينية، ما ضغط بشدة على صادراتها.

هذا ما ورد في أحدث توقعات بنك أوروبا لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD).

نما الناتج في الدول الـ43 التي يستثمر فيها البنك من 2.8% في 2024 إلى 3.3% في النصف الأول من 2025. وبعد أداء أقوى من المتوقع في النصف الأول من 2025، يتوقع البنك تباطؤًا ملحوظًا للنمو في النصف الثاني من العام عبر مناطقه، التي تشمل آسيا الوسطى، والبحر المتوسط الجنوبي والشرقي، وكذلك جنوب شرق أوروبا وأوروبا الوسطى ودول البلطيق. هذه التوقعات لا تتضمن المناطق التي انضمت مؤخرًا مثل أفريقيا جنوب الصحراء والعراق.

أبرز المخاطر التي تعيق النمو هي استمرار التوترات التجارية وتراجع الطلب العالمي. ومع ذلك، يبدي البنك تفاؤلًا بعودة وتيرة النمو في 2026؛ إذ يتوقع تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي نموًا قدره 3.1% هذا العام قبل أن يتسارع إلى 3.3% في 2026.

مقارنةً بتوقعاته السابقة، تعني هذه الأرقام تحسنًا طفيفًا لأداء 2025 وتراجعًا طفيفًا لتوقعات 2026.

أجرى البنك تخفيضات كبيرة في توقعاته لعدد من دوله، خصوصًا أعضاء الاتحاد الأوروبي في أوروبا الوسطى ودول البلطيق، مقارنةً بتقرير مايو 2025.

توقّع نمو سلوفينيا خُفّض بشدّة بمقدار 1.2 نقطة مئوية هذا العام، ليصل إلى نحو 0.7%. وتعرضت صادراتها إلى الولايات المتحدة لانخفاض حاد في النصف الأول من العام، بما يعادل نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي.

المجر شهدت تعديلًا هبوطيًا بمقدار 1 نقطة مئوية مع توقع نمو حوالي 0.5% هذا العام. وتراجع الاستثمار في البلاد ناجم جزئيًا عن تجميد أموال أوروبية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التمويل. كما تأثر إنتاج المجر بضعف الاقتصاد الألماني، حيث سجّل قطاع التصنيع انكماشًا أشد من التقديرات السابقة، بحسب التقرير.

يقرأ  إيطاليا تعتقل مشتبهًا أوكرانيًا في قضية تخريب أنابيب «نورد ستريم» عام ٢٠٢٢

كما تم تخفيض توقعات لاتفيا وإستونيا بمقدار 0.9% و0.8% على التوالي.

تتوقع دول وسط أوروبا ودول البلطيق التسع نموًا بنحو 2.4% في 2025 و2.7% في 2026.

تعاني هذه البلدان من آفاق محدودة للنمو بسبب ضعف الطلب الخارجي عن المتوقع، وعمليات تقشف في الميزانيات، وارتفاع الرسوم الأمريكية التي تضر بتبادلها التجاري. ويمكن أن تعوّض هذه التأثيرات جزئيًا زيادة الاستثمارات في البنية التحتية، بحسب تقرير البنك.

بين الدول الأوروبية التي تحسنت توقعاتها بولندا، حيث رُفعت توقعاتها بمقدار 0.2 نقطة إلى نمو متوقع بنحو 2.5% هذا العام. كما حُسّنت توقعات ليتوانيا لعام 2026 بمقدار 0.6 نقطة.

وأشارت بياتا ياڤورشِيك، كبيرة الاقتصاديين في البنك، إلى أن البلدان ذات الأداء الأفضل هي تلك الأكبر والأكثر تنوعًا اقتصادياً مثل بولندا، الأقل اعتمادًا على الصادرات، والتي استثمرت بكثافة، خصوصًا في القطاع العام.

تعزّزت آفاق بولندا بفعل استثماراتها في البنية التحتية، بما في ذلك مشاريع الانتقال الطاقي، وأعمال السكك الحديدية والقطاعات المرتبطة بالدفاع.

في شرق أوروبا والقوقاز، خُفّضت توقعات أوكراينا بمقدار 0.8 نقطة إلى نمو متوقع حوالي 2.5% هذا العام، نتيجة التأثير المستمر للاعتداء الروسي وضعف المحاصيل.

أما في جنوب شرق الاتحاد الأوروبي، فتم تخفيض توقعات النمو في بلغاريا واليونان ورومانيا بمقدار 0.3% لهذا العام و0.5% لعام 2026. وتقابل تراجع الصادرات في تلك المنطقة مستوى أقوى من الاستثمار، مع وجود رومانيا في أضعف وضع. ويشير تقرير البنك إلى أن رومانيا “ستحتاج إلى استثمار كامل لأموال الاتحاد الأوروبي لتحفيز النمو”. ويتوقع البنك متوسط نمو للناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.7% في 2025 و1.9% في 2026 للدول الثلاث في جنوب شرق الاتحاد الأوروبي.

تشكل التوترات التجارية إحدى نقاط الضغط على هذه المناطق وبالأخص على الدول الأوروبية، بحسب التقرير. فتقريبًا جميع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة تواجه رسمًا جمركيًا بنسبة 15% حتى نهاية أغسطس 2025. وقد منح ذلك بعض الاقتصادات دفعة مؤقتة في النصف الأول من العام، لكن على المدى الطويل يتوقع أن تؤثر هذه الرسوم سلبًا على الناتج.

يقرأ  بعد تغلبه على فريتز، يواجه ديوكوفيتش ألكاراز في نصف نهائي بطولة أمريكا المفتوحة

كما أن الدول الأوروبية تواجه خطرًا طويل الأمد من تشديد المنافسة التجارية مع الصين. فالصين تمثل نحو ربع الصادرات العالمية، وتصدر أكثر من ألمانيا والولايات المتحدة معًا، كما أن صادراتها من السيارات والبطاريات قد زادت خلال العقد الماضي، وهي سلع تشكّل جزءًا مهمًا من صادرات بعض اقتصادات مناطق عمل البنك.

مع ذلك، قد تستفيد بعض الدول الأوروبية التي يعمل فيها البنك من فرص في أسواق تصدير رئيسية، لا سيما حيث تسعى الولايات المتحدة لخفض اعتمادها على الموردين الصينيين. كما لفتت ياڤورشِيك إلى أن سياسة الولايات المتحدة التجارية قد تكون تهديدًا وفي الوقت نفسه فرصة: فقد تجعل السلع القادمة من الصين أقل تنافسية، ما يتيح لدول شرق أوروبا استبدال إمدادات كانت في السابق تأتي من الصين.

تضاف إلى ذلك هشاشة مالية لدى بعض دول البنك خلال العامين المقبلين، إذ تتحمّل عدد من الاقتصادات تكاليف مرتفعة لخدمة ديونها. ففي حالة المجر، تبلغ تكلفة خدمة الدين نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي؛ بينما تتجاوز 2% لكل من بولندا ورومانيا في 2025.

كما أبرزت كبيرة الاقتصاديين الفوائد المحتملة للاستثمار الصيني في الدول الأوروبية، مشيرة إلى تقرير دراغي الصادر قبل عام والذي اقترح جلب استثمارات صينية مباشرة في تصنيع السيارات وفرض نقل التكنولوجيا إلى الشركات الأوروبية.

أما الإنفاق الدفاعي في أوروبا فينظر إليه كثيرون كوسيلة لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي، لكن ما إذا كان هذا الإنفاق سيحفز النمو فعلاً يعتمد على ثلاثة عوامل، بحسب ياڤورشِيك. الأول تخصيص جزء مهم من الإنفاق نحو ما هو ضروري خارج جوهر الدفاع — مثل البنية التحتية، أمن الطاقة، وأمن تكنولوجيا المعلومات — إذ تخدم هذه البنود القطاع الخاص وتنعش النمو. الثاني يتعلق بمدى الاعتماد على الواردات مقابل الشراء محليًا. أما العامل الثالث فتكمن في الاستثمار في تطوير أفضل منظومة دفاعية للمستقبل، لا فقط أفضل منظومات اليوم.

يقرأ  كلية محافظة في ولاية فلوريداتكلف نحاتاً لإنشاء تمثال لتشارلي كيرك

وختمت قائلة إن زيادة الإنفاق على البحث والتطوير ستعطي دفعة أقوى للنمو الاقتصادي المستقبلي.

أضف تعليق