اتفقت حكومة استراليا على دفع نحو 1.6 مليار دولار على مدى ثلاثين سنة لجزر ناورو الصغيرة، مقابل إعادة توطين ما يصل إلى 354 شخصاً كانوا تحت الاحتجاز ويُصنّفون على أن لهم «لا حق قانونيّ في البقاء» في البلاد، في أحدث حلقة من سياسات الاحتجاز الخارجي المثيرة للجدل.
وقع الطرفان في الأسبوع الماضي اتفاقية سرية تقضي بأن تستقبل ناورو حتى 354 شخصاً لا يملكون حقّ البقاء في أستراليا، مقابل دفعة أولية قيمتها 408 ملايين دولار أسترالي (حوالي 267 مليون دولار أميركي) وما يقرب من 70 مليون دولار أسترالي (نحو 46 مليون دولار) سنوياً بعد ذلك.
وقال السيناتور المستقل ديفيد بوكوك إن جلسة مجلس الشيوخ العاجلة ليلة الأربعاء كشفت أن «الاتفاق مع ناورو لاستقبال طالبي اللجوء» قد يكلف الحكومة الاسترالية ما يصل إلى 2.5 مليار دولار أسترالي (ما يعادل نحو 1.6 مليار دولار أميركي) على مدى ثلاثين سنة.
وجاءت جلسة مجلس الشيوخ بعد إعلان وزير الشؤون الداخلية توني بيرك الأسبوع الماضي أنه وقع مذكرة تفاهم مع رئيس ناورو «لضمان المعاملة اللائقة والإقامة الطويلة لأشخاص لا يملكون حقّاً قانونياً في البقاء في أستراليا، ليتم استقبالهم في ناورو».
وقالت كلير شارب، مديرة شؤون الهجرة بوزارة الشؤون الداخلية، إن «الأمر يصب في مصلحة البلدين أن ننجز ذلك بكفاءة قدر الإمكان»، وأضافت: «ينطبق ذلك على ناورو أيضاً، لأن الأموال لن تتدفّق قبل وصول الأشخاص».
وتقدّر أعداد سكان ناورو بنحو 12.500 نسمة، ومساحتها البرّية لا تتجاوز 21 كيلومتراً مربعاً، مما يجعلها من أصغر الدول في العالم.
وقال رئيس ناورو دايفيد أديانغ في بيان الأحد إن الاتفاق مع أستراليا سيُسهم في «دعم مرونة ناورو الاقتصادية على المدى الطويل».
من جهتها، وصفت جانا فافيرو، نائبة الرئيس التنفيذي لمركز موارد طالبي اللجوء في ملبورن، الاتفاق بأنه «تمييزي ومخز وخطير»، محذّرة من أن لغة الاتفاق الواسعة قد تسمح بترحيل آلاف الأشخاص من أستراليا. «هذا يعني عشرات ألاف الأرواح في خطر — ليس العدد الضئيل الذي تحاول الحكومة أن تصور به للمواطنين»، قالت فافيرو.
وأشار مسؤولون هجرة أستراليون إلى أنه لا توجد ضمانات أن جميع الأشخاص الـ354 — بينهم من مدانين بجرائم خطيرة — سيُرحلون إلى ناورو، إذ يظل القرار النهائي بيد الجزيرة.
واجهت الحكومة الاسترالية صعوبة في إيجاد حلّ للأشخاص الذين لا يملك بلد آخر يقبل استقبالهم بعد إلغاء تأشيراتهم؛ إذ قضت المحكمة العليا في 2023 بأن الاحتجاز إلى أجل غير مسمى غير مشروع إذا كان الترحيل غير متاح، ما أدى إلى إطلاق سراح 220 شخصاً. وأكدت السلطات أن عدد الأفراد الذين هم في هذه الحال حالياً يبلغ 354.
وفي فبراير دفعت أستراليا مبلغاً لم يُكشف عنه لقبول ناورو ثلاثة مهاجرين مدانين بجرائم عنيفة، لكن طعوناً قانونية أبطأت نقلهم، حسبما ورد.
كانت ناورو إحدى الدولتين اللتين أرسلت لهما أستراليا طالبي لجوء عندما أطلقت برنامج الاحتجاز الخارجي المثير للجدل عام 2001. وفي يونيو 2023 عاد آخر اللاجئين الموجودين في ناورو إلى أستراليا بعد أن وفى رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز بوعد انتخابي بإنهاء الاحتجاز الخارجي.
وفي يناير من هذا العام خلُصت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى أن سياسة أستراليا الخارجية انتهكت مادتين من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 — إحداهما تتعلق بالاحتجاز التعسفي والأخرى بحماية الحق في الطعن على الاحتجاز أمام المحاكم.
سعت ناورو في السنوات الأخيرة إلى تنويع مصادر دخلها عبر برامج مرتبطة بالهجرة، في محاولة لإنعاش اقتصاد اعتمد تاريخياً على تصدير الفوسفات، الذي استنفد مخزونه إلى حد كبير؛ ويُقدّر الباحثون اليوم أن نحو 80% من أراضي ناورو باتت غير صالحة للسكن نتيجة التعدين.
وفي الشهر الماضي أعلنت حكومة ناورو أنها رحّبت بأوائل المواطنين الجدد بموجب برنامج «الجنسية من أجل المرونة الاقتصادية والمناخية»، الذي يمنح جنسية وجواز سفر مقابل حد أدنى من الاستثمار قيمته 105 آلاف دولار. وتأمل الحكومة في جمع عشرات الملايين من الدولارات سنوياً عبر هذا البرنامج لتمويل التكيّف مع ارتفاع منسوب البحار، بينما تواجه دول جزرية قريبة مثل توفالو تهديدات وجودية بسبب التغير المناخي.