أصدرت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بيانًا مشتركًا جاء بعد أكثر من شهر على تفعيل آلية اعداداة أعادت بموجبها فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، في أول تطبيق لهذه الآلية منذ نحو عقد من الزمن.
وقالت الدول الثلاث إنها تسعى إلى إعادة إطلاق مفاوضات نووية متوقفة مع إيران والولايات المتحدة، بعد أن شرعت في نهاية أغسطس بإجراءات «السناب باك» التي أعادت العمل بعقوبات الأمم المتحدة ضد طهران، والتي دخلت حيز التنفيذ بعد مضي شهر على تفعيلها.
وقد تزامن البيان المشترك مع مرور ما يقرب من أسبوعين على إعادة فرض العقوبات، فيما ردت إيران باستدعاء سفرائها لدى الدول الأوروبية الثلاث لإجراء مشاورات رسمية، وأعلنت أنها لن تستأنف المفاوضات فورًا بعد إحياء التدابير العقابية.
تشمل العقوبات حظرًا عالميًا على أية أشكال تعاون مع إيران في مجالات نووية وعسكرية ومصرفية وشحنية، وتهدف إلى فرض مزيد من الضغوط الاقتصادية على طهران. ومع ذلك، يبقى مدى التزام كافة الدول بتطبيق هذه العقوبات محل تساؤل؛ فقد هبطت قيمة العملة الوطنية الإيرانية، الريال، إلى مستويات قياسية في اليوم السابق لدخول العقوبات حيّز التنفيذ (27 سبتمبر).
وجاء في بيان المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا: «نحن عازمون على إعادة إطلاق المفاوضات مع إيران والولايات المتحدة من أجل اتفاق شامل ودائم وقابل للتحقق يضمن ألا تمتلك إيران سلاحًا نوويًا»، تاكيداً على تصميمهم على إحراز تقدم دبلوماسي يقي المجتمع الدولي مخاطر انتشار السلاح النووي.
من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، يوم الاثنين إن «لا خطط لدينا للتفاوض في هذه المرحلة»، مضيفًا أن طهران تدرس «العواقب والآثار» المترتبة على إعادة العمل بالعقوبات. وأضاف أيضًا: «بالطبع ستستمر الدبلوماسية — بمعنى الحفاظ على الاتصالات والمشاورات — وكلما شعرنا أن الدبلوماسية يمكن أن تكون فعالة سنصدر قرارات تتسق مع مصالح البلاد وأولوياتها.»
مخاوف نووية
تستند اتهامات الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبمساندة إسرائيل، إلى أن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران باستمرار. خلال صراع استمر 12 يومًا في يونيو، شنت الولايات المتحدة ضربات على مواقع نووية داخل إيران، مرافقة لحملة جوية إسرائيلية استهدفت قادة وعلية الضباط والعلماء النوويين الإيرانيين، إضافة إلى ضربات أصابت مناطق سكنية. وردت إيران بقصف إسرائيلي بصواريخ وطائرات بدون طيار على أهداف داخل إسرائيل ومواقع مرتبطة بالولايات المتحدة. ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، أسفرت الضربات الإسرائيلية على إيران عن مقتل ما لا يقل عن 1100 شخص.
قالت الدول الثلاث في بيانها إن «تفعيل آلية السناب باك كان مبررًا»، مؤكدة أن «البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين».
في 2015 أبرمت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث مع روسيا والصين اتفاقًا مع إيران يقنن أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات. إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قررت في 2018 الانسحاب من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات أميركية واسعة النطاق، فما دفع إيران بدورها إلى التراجع عن بعض التزاماتها، لا سيما ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
وتفيد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران هي الدولة الوحيدة من بين الدول غير الحائزة على أسلحة نووية التي وصلت إلى مستوى تخصيب يقترب من 60 بالمئة، وهو مستوى يقترب من العتبة التي تبلغ 90 بالمئة اللازمة لصنع قنبلة، ويتجاوز بكثير النسب المسموح بها للاستخدامات المدنية.