مرّت أربع سنوات منذ أن غادرت حنيفة جيرووال أفغانستان على متن رحلة إجلاء أميركية، لكن كل شهر أغسطس تعود بها الذكريات إلى نفس اللحظة، وكأن الزمن قد تجمّد عند ذلك الشهر.
تجربة الإجلاء والفرار
تعمل حنيفة سابقًا في مجال حقوق الإنسان لدى الحكومة الأفغانية السابقة، ونُقلت مع آلاف الأفغان في أعقاب سيطرة طالبان في 15 أغسطس. تصف نفسها الآن عالقة في «مأزق قانوني» في الولايات المتحده، تسعى بحزم للحصول على وضع أكثر استقرارًا، بينما يتبدّل المشهد السياسي حولها وحول آلاف الأفغان الآخرين في أوضاع مماثلة.
«أشعر أنني ما زلت عالقة في أغسطس 2021، وبقية أشهر أغسطس لا أتذكر عنها شيئًا»، تقول حنيفة. تظل صور ذلك التدافع عند مطار كابل الدولي، والرصاص الذي سُمع أمام أعينهم، وأيام الاختباء، والرحلة إلى قطر ثم ألمانيا وأخيرًا إلى ولاية فيرجينيا الأمريكية، عالقة في ذاكرتها. وبعد ذلك جاءت محاولات إعادة بناء حياة جديدة من شظايا الحياة القديمة.
التأثير النفسي والقانوني
«كل شيء يطفو على السطح وكأننا نُعَيد عيش ذلك الصدمة التي نحاول التعافي منها منذ ذلك اليوم»، تضيف حنيفة. ومع صعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية جديدة في 20 يناير، تفاقمت مخاوفها، إذ أن سياسات الهجره الصارمة التي انتهجتها إدارته طالت معظم مجتمعات المهاجرين في الولايات المتحدة، مبيّنة هشاشة وضع مَن هم على أوضاع قانونية هشة.
تملك حنيفة قضية لجوء مُقَبَّلة تمنحها درجة من الحماية، لكنها لا تزال قلقة من أن تتبدّل سياسات الهجرة بين ليلة وضحاها، وتقول: «أخشى أن أواجه الترحيل في أي لحظة».
مسارات الوصول والفرص القانونية
وصل نحو 180 ألف أفغاني تقريبًا إلى الولايات المتحدة عبر مسارات متباينة: نحو 75 ألفًا عبر رحلات إجلاء فور انسحاب القوات في 2021 ضمن ما سُمّي «عملية حلفاء الترحيب»، وآخرون عبر طرق لجوء خطرة تعبر العالم وصولًا إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. كما نُقلت أعداد عبر برامج خاصة مثل تأشيرات المهاجرين الخاصة (SIVs) المخصّصة للعاملين مع الجيش الأمريكي، وبرامج الأولوية P1 وP2 التي أطلقتها إدارة بايدن للعاملين أو المعرّضين للاضطهاد بسبب عملهم لصالح جهات أميركية.
يشرح آدم بيتس من برنامج مساعدة اللاجئين الدولي أن بعض هذه المسارات—لا سيما SIV وبرامج اللاجئين—توفر مسارًا واضحًا للإقامة الدائمة ثم المواطنة، في حين أن مسارات أخرى تترك الناس في حالة عدم يقين دائم، معرضين لتقلبات السياسة والقرارات السياسية.
ضغوط متزايدة على الأفغان داخل الولايات المتحدة
اتخذت إدارة ترامب سلسلة قرارات ملموسة، وغالبًا متضاربة، أثّرت على وضع الأفغان في البلاد: ألغت حالة الحماية المؤقتة (TPS) لنتيجة ادعاء «تحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية» في أفغانستان، بينما أدرجت أفغانستان على قوائم حظر السفر وحدّت من منح التأشيرات بذريعة الأمن القومي ومكافحة الإرهاب. كما ألغت إدارة ترامب وضعًا خاصًا لمن دخلوا عبر تطبيق CBP One في أبريل، الأمر الذي قد يمس آلافاً ممن دخلوا عبر الحدود الجنوبية.
الكثير من الأفغان الذين نُقلوا في 2021 أُعطوا وضع «الإفراج الإنساني» المؤقت الذي سمح لهم بالعيش والعمل لمدة سنتين، ثم مُدَّ لاحقًا؛ لكن هذا الوضع على وشك الانتهاء، وقد يُسقط عدداً غير معروف منهم في حالة عدم وثائقية معرضة للترحيل إن لم تُؤمّن لهم مسارات قانونية بديلة. مشاريع قوانين كانت تطمح لمدد أو مسارات أكثر وضوحًا للمواطنة ظلت عالقة في الكونغرس سنوات.
الضغط على برامج الاستقبال وإغلاق المسارات
أغلقت إدارة ترامب أو عطّلت عمليًا عددًا من قنوات الدخول: أوقفت طلبات اللجوء عند الحدود الجنوبية معلنة حالة طوارئ وطنية، وكادت توقف برنامج اللاجئين الأمريكي تقريبًا، بينما بدا أن برامج الأولوية P1 وP2 التي أُنشئت للأفغان توقفت عمليًا. علّقت الإدارة أيضًا عمل مؤسسات الإيواء وإعادة التوطين، ما أجبر منظمات مثل «الخدمات الاجتماعية اللوثرية» على تقليص عملها وفصل عشرات الموظفين.
توتر في المجتمعات والمنظمات
تقول سوزان أنطولين من منظمة «النساء من أجل الأفغانيات» إن المنظمات تواجه حالة عدم يقين مستمرة وتضطر لتنوّع مصادر تمويلها والعمل بجهد أكبر بكثير للحفاظ على برامجها: «نحتاج أن نضاعف، إن لم نقل نراجع كل شيء، من أجل الاستمرار في دعم من نعالجهم». بيتس يصف تصاعد الإجراءات بأنه «تكثيف للخوف وعدم الاستقرار داخل المجتمع»، فصعوبة اتخاذ قرارات حياتية كبيرة عندما لا تعرف ماذا قد يحدث غدًا أو بعد شهر أو سنة.
أفق دولي قاتم
على الصعيد العالمي، لم تتبدّل الصورة كثيرًا: رغم سعي حكومة طالبان لكسب الاعتراف الدولي، تستمر الاتهامات بارتكاب انتهاكات حقوقية وانتقامية. ومع ذلك حفَظت طالبان أو طورت علاقات دبلوماسية مع بعض الدول، كما أعلنت روسيا في يوليو اعترافها بالحكومة كجهة شرعية. في الوقت نفسه، صعّدت باكستان وإيران عمليات ترحيل الأفغان، إذ أُبلغ أن أكثر من 1.4 مليون أفغاني غادروا أو طُردوا من إيران بين يناير ويوليو 2025، بحسب مفوضية اللاجئين. وأفادت تقارير بأن الإمارات بدأت بإرجاع بعض المُخَلّين الذين أُجلوا، كما أعادت ألمانيا طائرتَي ترحيل إلى أفغانستان في إطار إجراءات مماثلة رغم عدم اعترافها رسمياً بالحكومة الحالية هناك.
خاتمة وأمل ما يزال
تقول حنيفة إن الرسالة واضحة: «نعلم أنّ أفغانستان لم تعد أولوية للعالم»، لكنها لم تفقد الأمل بعد بأن الولايات المتحدة «لن تنسَ حلفاءها». وتضيف: «نحن مجتمع مرن، مُدرّب على الصمود والقتال بكل ما أوتينا من قوة»، وتؤكد أن هذا الإيمان بالقدرة على الصمود هو ما يمنحها بعض الأمل.