اتفقت الحكومة الائتلافية في ألمانيا على خطة جديدة للخدمة العسكرية تهدف إلى تعزيز أعداد القوات بعد أشهر من الجدل والخلاف بين القوى السياسية.
تنص الخطة على أنه سيطلب من جميع الرجال الذين بلغوا 18 عاماً ملء استبيان لتقييم مدى ملاءمتهم للخدمة، وابتداءً من عام 2027 سيخضع الرجال أيضاً لفحص طبي لتحديد لياقتهم.
تأتي هذه الخطوة ضمن سعي برلين لبناء أقوى جيش تقليدي في أوروبا.
رئيس أكبر شركة دفاع ألمانية، راينمتال، قال لبي بي سي إنه يعتقد أن هذا الهدف يمكن تحقيقه خلال خمس سنوات. أرمين بابّرغر وصف هدف المستشار فريدريش ميرتس لتعزيز البундسفير بأنه «واقعي» وأكد أن الحكومة تتخذ «قرارات واضحة».
في وقت سابق من هذا العام حذر رئيس الدفاع الألماني الجنرال كارستن بروير من أن حلف الناتو الغربي يجب أن يستعد لاحتمال هجوم روسي خلال أربع سنوات. وأضاف بابّرغر أنه «ليس لديه كرة بلورية» لكنه اتفق على أن ألمانيا يجب أن تكون «جاهزة في 2029».
عندما شكّل المحافظون (CDU/CSU) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) ائتلافاً سابقاً هذا العام، اتفقوا على إعادة الخدمة العسكرية التي ستكون طوعية «في البداية».
يبلغ عدد أفراد البوندسفير حالياً نحو 182,000 فرد. النموذج الجديد للخدمة يهدف إلى زيادة هذا العدد بمقدار 20,000 خلال العام المقبل، وصولاً إلى ما بين 255,000 و260,000 خلال عشر سنوات، مدعومة بحوالى 200,000 احتيياط.
اعتباراً من العام المقبل سيتم إرسال استبيان إلى جميع الشبان والشابات البالغين 18 عاماً لتقييم اهتمامهم واستعدادهم للانضمام إلى القوات المسلحة؛ سيكون إلزامياً للرجال وطوعياً للنساء.
وابتداءً من يوليو 2027 سيُطلب من جميع الرجال البالغين 18 عاماً أيضاً الخضوع لفحص طبي لتحديد مدى لياقتهم للخدمة.
إذا لم تتحقق أهداف الحكومة قد ينظر البرلمان في شكل من أشكال التجنيد الإلزامي. وفي حال اندلاع حرب سيكون بوسع الجيش الاستناد إلى الاستبيانات والفحوص الطبية لاستدعاء المرشحين.
لا تزال فصائل من اليسار الألماني معارضة بشدة للخدمة الإلزامية، والكثير من الشباب متشككون. أظهر استطلاع لمؤسسة فورسا لصالح مجلة شتيرن أن قليلاً أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم أيدوا الخدمة الإلزامية، لكن نسبة المعارضة ارتفعت إلى 63% بين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً.
«لا أريد الذهاب إلى الحرب لأنني لا أريد أن أموت أو أن أتعرض لإطلاق نار»، قال جيمي، طالب يبلغ من العمر 17 عاماً من برلين، الذي شارك في احتجاج مناهض للتجنيد أمام البوندستاغ هذا الأسبوع. «كما أنني لا أريد إطلاق النار على الناس».
وأضاف أن فكرة هجوم على ألمانيا تبدو «سيناريو بعيداً وغير مرجح» وأن الحكومة تستخدم هذا الاحتمال لتبرير «سلب ملايين الشباب حقهم في تقرير ما ينبغي أن يفعلوه».
من جهة أخرى، وقع جيسون البالغ من العمر 21 عاماً على الالتحاق بالبوندسفير في وقت سابق هذا العام بسبب «الوضع الأمني الراهن». قال: «أردت أن أساهم في الدفاع عن السلام، والدفاع عن الديمقراطية إذا حدث الأسوأ». بانضمامه شعر بأنه «يعيد للمجتمع»، كما أنه يؤمن بإمكانات الجيش في الردع حتى لا يتجرأ خصوم محتملون على الهجوم.
سعى وزير الدفاع بوريس بيستوريوس لطمأنة الألمان، قائلاً إنه «رغم خطة الخدمة الجديدة لا يوجد ما يثير القلق… لا سبب للخوف». وأضاف: «كلما زادت قدرة قواتنا على الردع والدفاع عبر التسليح والتدريب والكوادر، قل احتمال أن نصبح طرفاً في نزاع على الإطلاق».
تراجع الإنفاق الدفاعي في ألمانيا بعد نهاية الحرب الباردة، وتم تعليق التجنيد الإلزامي في 2011. وبالنظر إلى تاريخها، كانت ألمانيا طوال فترة طويلة حذرة من إظهار القوة العسكرية، لكن فريدريش ميرتس أعلن في وقت سابق هذا العام أن قاعدة الدفاع الألمانية «يجب أن تكون الآن فعل كل ما يلزم»، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
تعرضت دول الناتو في أوروبا لضغوط من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرفع الإنفاق الدفاعي.
أسفرت حركات إعادة التسليح الأوروبية عن إيرادات كبيرة لشركة راينمتال. وقال رئيسها، أرمين بابّرغر، الذي تزود شركته أوكرانيا أيضاً: «نحن نحقق أرباحاً كبيرة لأن الطلب هائل». وأضاف: «علينا أن ننمو في المركبات والذخيرة، وأن نمتلك قدرات أقمار صناعية خاصة بنا. نحن نفعل الكثير في مجال الإلكترونيات والذكاء الاصطناعي أكثر من أي وقت مضى.»
أشارت تقارير أميركية العام الماضي إلى أن بابّرغر كان هدفاً لعملية اغتيال روسية مزعومة؛ ولم يتوافر تأكيد لتلك التقارير آنذاك، ولم يعلق بابّرغر عليها سوى بالقول: «أشعر أنني بخير، وأشعر بالأمان».
وعند سؤاله عمّا إذا كانت أوروبا في حالة حرب باردة أو هجينة، قال: «مهما سميتَها، فليست فترة سلمية».