أمير قطر يحذّر من رؤية توسُّعية لِـاسرائيل ويَدِين اعتداء الدوحة
حذّر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، من الرؤية التوسعية التي تسعى إلى تحويل المنطقة العربية إلى مجال نفوذ إسرائيلي، مديناً بقوة الضربات التي استهدفت العاصمة الدوحة الأسبوع الماضي ووصفها بأنها «اعتداء سافر، غادر وجبان». جاء ذلك في افتتاح كلمته خلال القمة الطارئة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وقال الشيخ تميم إن العاصمة القطرية تعرّضت لهجوم غادر استهدف مسكناً يضمّ عائلات قادة حماس ووفد التفاوض، مضيفاً أن الشعب القطري والمجتمع الدولي تفاجآ واهتزّا أمام هذا العمل الإرهابي الجبان الذي أوقع ستة قتلى. وأكد أن قطر عازمة على اتخاذ كل ما يلزم للحفاظ على سيادتها ومواجهة أي عدوان يهدد أمنها.
ووصفت الدوحة، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة وتعد شريكاً وثيقاً للولايات المتحدة، هذا الاعتداء بأنه «إرهاب دولة». استهدف الضرب قادة حماس الذين اجتمعوا لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار المدعوم أميركياً، فيما أفادت الحركة بأن قياداتها العليا نجت من محاولة الاغتيال.
نبه الشيخ تميم إلى أن تصرّفات إسرائيل تكشف عدم رغبة حقيقية لديها في السلام، وأنها تعمل على إفشال المساعي التفاوضية الرامية إلى إنهاء الحرب في غزة، التي أودت بحياة أكثر من ٦٤٬٨٠٠ فلسطيني، وفق تقديرات أشار إليها. وأضاف: «كل من يستهدف بشكل متكرر ومنهجي طرفاً تفاوضياً يعمل على تعطيل المفاوضات».
كما اتهم أمير قطر إسرائيل بأنها تخوض حرباً تهدف إلى تدمير قطاع غزة، الذي يتعرّض لقصف متواصل منذ 23 شهراً، واصفاً ما يجري بأنه «حرب إبادة» تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للسكن تمهيداً لتهجير سكانها.
من جهتها، نقلت مراسلة الجزيرة ندى إبراهيم من الدوحة أن القمة شهدت تأييداً قوياً لقطر وإدانة لإسرائيل باعتبار أن هذا الاعتداء يقوّض الأمن والاستقرار الإقليميين.
دور الوساطة القطري واستنكار المجتمع الدولي
برزت قطر كوسيط أساسي في مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023. وقد وُصِفت الأعمال الإسرائيلية في غزة بأنها ترقى لحدّ الإبادة الجماعية من طرف منظمات حقوقية عدة، بينها الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية.
وعبر أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم حليفة إسرائيل الأبرز، الولايات المتحدة، عن إدانة واسعة للاعتداء على الدوحة. وخاطب رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، المجلس مشدداً على أن الدوحة لن تتسامح مع مزيد من الانتهاكات لأمنها وسيادتها، واصفاً الممارسات الإسرائيلية بأنها تقوّض استقرار المنطقة بصورة متهوّرة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدد بالعودة إلى استهداف قادة حماس إذا لم تُطرد قيادات الحركة من قطر، وكرر أمام مسؤول أميركي أنه «سيصيب حماس أينما كان». وجاءت هذه التهديدات رغم تطمين الرئيس الأميركي دونالد ترمب للأمير تميم الأسبوع الماضي بأن «مثل هذا الأمر لن يتكرّر على أراضيهم»، واعتبار إدارة ترمب أن الضربة إلى الدوحة لم تخدم أهداف إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن نائب وزير الخارجية أو المبعوث المكلّف سيتوجه إلى قطر، في إطار الاتصالات الدبلوماسية المتسارعة بعد الحادث.
موقف القطراء من مبادرة السلام العربية
استطرد أمير قطر بأن إصرار نتنياهو على جعل المنطقة مساحة نفوذ إسرائيلية هو وهم خطير، وأن رفض إسرائيل لمبادرة السلام العربية ساهم في دوائر العنف المتكررة بالمنطقة. وذكر أن المبادرة العربية، التي أُقرت لأول مرة من قبل الجامعة العربية عام 2002 وأكدت في 2007 و2017، عرضت تطبيعاً كاملاً مع الدول العربية مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان وجنوب لبنان.
وقد رفضها رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون واعتبرها «غير قابلة للبدء»، بينما تجاهلتها حكومات إسرائيل المتعاقبة، ومن بينها حكومة نتنياهو. وختم الشيخ تميم بالقول إن قبول إسرائيل تلك المبادرة كان من الممكن أن يجنّب المنطقة كثيراً من المآسي، لولا الرفض المتكرر.