تصاعد التوتر بين الولايات المتحده وفنزويلا
أعرب قادة دول أمريكا اللاتينية ومسؤولون في الأمم المتحدة عن قلقهم البالغ إزاء التصعيد الحاصل بين الولايات المتحدة وفنزويلا حول مستقبل صادرات النفط من هذا البلد الجنوب أميركي. تأتي هذه التصريحات لافتة للانتباه بينما تجتمع الجمعية الوطنية الفنزويلية لمناقشة تهديد الرئيس الأمريكي بفرض حصار كامل على ناقلات النفط المتجهة إلى داخل وخارج فنزويلا.
النّفط يشكّل صادرات فنزويلا الأساسية وركناً اقتصادياً لا غنى عنه، ويحذر خبراء من أن تهديد واشنطن بقطع الأسواق الخارجية أمام النفط الفنزويلي يهدف إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي وإسقاط قيادة الرئيس نيكولاس مادورو.
التوترات بين الطرفين بلغت مستويات مرتفعة بالفعل؛ إذ دفعت إدارة ترامب بعتاد عسكري وتعزيزات إلى البحر الكاريبي، وردّ مادورو بتحركات لقواته. هذا المناخ دفع بأمين عام الأمم المتحدة إلى المناشدة من أجل التهدئة وخفض التصعيد.
عن طريق المتحدث فرحان حق، طالب أنطونيو غوتيريش الطرفين بـ«الالتزام بالتزاماتهما بموجب القانون الدولي» و«الحفاظ على السلم في المنطقه». كما تواصل غوتيريش هاتفياً مع مادورو، مؤكداً ضرورة احترام القانون الدولي من قبل الجميع.
من جهتها، انتقدت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، ما اعتبرته غياباً كافياً للأمم المتحدة عن الساحة لمنع نشوب صراع واسع في الأمريكتين. وقالت في مؤتمرها الصحفي الصباحي إنها تدعو الأمم المتحدة إلى القيام بدورها لمنع إراقة الدماء، وأن الحلول ينبغي أن تكون سلمية عبر الحوار وليس التدخّل.
التوتر الإقليمي تجسّد أيضاً في اجتماع وزاري عقد في البرازيل، حيث أعرب الرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا عن بالغ قلقه من مواقف ترامب تجاه أمريكا اللاتينية وتهديداته. وصرّح أنه تحدث مع ترامب بشأن فنزويلا وحثّه على البحث عن مخرج دبلوماسي، مؤكداً أن «قوة الكلمة قد تفوق قوة السلاح»، وأن الدبلوماسية أقل كلفة وتستغرق وقتاً أقل إذا توفرت النّية والصدق في الحوار.
وقد عرض لولا وسيطية البرازيل لتسهيل الاتصالات مع فنزويلا؛ فقد أعادت البرازيل في 2022 علاقاتها مع حكومة مادورو، وتكرّر دعوته لترامب قائلاً: «إذا كنت ترغب في الحديث بصورة طيبة مع فنزويلا، بإمكاننا المساهمة. لكن يتعيّن عليك أن تكون مستعداً للحوار وأن تتحلّى بالصبر».
تأتي هذه المواقف في أعقاب آخر تهديدات أطلقها ترامب مطلع الأسبوع، حين أعلن عبر منصته الإلكترونية أنه صنّف حكومة مادورو «منظمة إرهابية أجنبية» وأنه سينفّذ «حصاراً كلياً وشاملاً لجميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات المتجهة إلى فنزويلا وخارجها». وادعى أن فنزويلا «محاطة بأكبر أسطول جُمِع في تاريخ أمريكا الجنوبية» وأن العمليّات ستتصاعد.
إضافة إلى ذلك عرض ترامب مكافأة مالية قدرها 50 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو، ونشر انتشاراً عسكرياً يقارب 15 ألف جندي في البحر الكاريبي مع طائرات وسفن حربية من بينها حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد.
في الأسبوع الماضي صادرت الإدارة الأمريكية أيضاً ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا، بزعم أنها خاضعة لعقوبات، وأعلنت أن شحنتها ستبقى في حوزة الولايات المتحدة.
منذ فترة رئاسته الأولى قاد ترامب سياسة «ضغوط قصوى» على حكومة مادورو، الذي اتّهمت حكومته بانتهاكات حقوق الإنسان امتدت من التعذيب إلى السّجن التعسفي للمعارضين. وفي الانتخابات الرئاسية الماضية أعلن مادورو فوزه في اقتراع اتهمه خصومه بالاحتيال، تلا ذلك حملة قمع أدّت إلى سقوط ضحايا بين المتظاهرين.
منتقدو ترامب يرون أن استخدامه للصراع مع مادورو يشكّل ذريعة لتوسيع صلاحياته الرئاسية والقيام بتحرّكات مثيرة للجدل في منطقة الكاريبي. ومنذ الثاني من سبتمبر، مثلاً، شنت الإدارة ضربات جوية على نحو 25 زورقاً ومنشأة بحرية في سياق حملة مكافحة المخدّرات، وأسفرت تلك العمليات عن ما يُقدَّر بنحو 95 قتيلاً، وقد شبّه خبراء الأمم المتحدة هذه الهجمات بعمليات إعدام خارج نطاق القانون، ما يطرح تساؤلات حول قانونيّة بعض الإجراءات.
من جانب آخر، يصرّ ترامب على أن الضربات كانت ضرورية، ويلقِي باللوم على مادورو وزعماء آخرين في المنطقة لمحاولة إغراق الولايات المتحدة بالمخدّرات والمجرمين، وهي اتهامات قدّمها مع أدلة ضئيلة أو منعدمة. ولا تزال هويات الأشخاص المتواجدين على الزوارق المستهدفة مجهولة إلى حد كبير.