اندماج أنغلو أميريكان وتيك: قوة عالمية جديدة تهيمن على سوق النحاس
أعلنت شركتا أنغلو أميريكان المدرجة في لندن وتيك ريسورسز الكندية عن خطة لدمج أعمالهما في صفقة تُعد ثاني أكبر عملية اندماج واستحواذ في قطاع التعدين، لتؤسس كياناً جديداً متركزاً على النحاس باسم «أنغلو تيك». بموجب الاتفاق المقترح، الذي يخضع لموافقات تنظيمية، سيملك مساهمو أنغلو أميريكان نسبة 62.4% من الشركةة الجديدة، بينما سيحوز مساهمو تيك على 37.6%.
مقترن بقيمة سوقية مجمعة تتجاوز 53 مليار دولار، سيكون مقر أنغلو تيك في كندا مع إدراج أساسي في بورصة لندن. وتستهدف الصفقة تأسيس خامس أكبر منتج للنحاس على مستوى العالم، وتعكس رهان أنغلو الكبير على مستقبل النحاس، في ظل تزايد الطلب المتوقع نتيجة الانتشار السريع للسيارات الكهربائية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية للطاقة والبناء. ويظل اندماج غلينكور مع إكستراتا عام 2013 بقيمة تقارب 90 مليار دولار أكبر صفقة في تاريخ التعدين.
تسارع شركات التعدين لتطوير مشاريع جديدة وظهرت موجة من عروض الاستحواذ، رغم أن نحو كبير منها لم يُترجم بعد إلى صفقات مكتملة. وخلال السنوات الأخيرة كلا الشركتين خضعا لإعادة هيكلة مهمة نتيجة محاولات استحواذ خارجية وتحولات استراتيجية داخل القطاع. في هذا السياق، قال جوناثان برايس، الرئيس التنفيذي لتيك، لوكالة رويترز إن احتمال اندلاع حرب عروض على الصفقة «خارج سيطرة الشركة»، مؤكداً أن تركيزهم منصبُّ على الحصول على الموافقات اللازمة لتمكين الاندماج.
خلفية العروض السابقة توضح المناخ التنافسي: رفض مجلس إدارة أنغلو عرض استحواذ من بي إتش بي قيمته 53 مليار دولار العام الماضي، بينما رفضت تيك عرض استحواذ من غلينكور بقيمة 22.5 مليار دولار في 2023، علماً أنها باعت نشاطها في الفحم الفولاذي لغلينكور مقابل 6.93 مليار دولار. وقد وصف مصدر مطلع الصفقة بأنها «دفاع قوي» عن مصالح المساهمين.
هيكل الصفقة قائم بالكامل على تبادل أسهم دون دفع علاوة نقدية، وهو ما قد يفتح المجال لعروض منافسة، لكن مساهمي أنغلو سيحصلون على توزيعات خاصة بقيمة 4.5 مليار دولار. وأشار محللو بنك بيرينبرغ إلى أن «خطر المتطفلين» سيبقى سؤالاً أساسياً للسوق، مع احتمال تدخل غلينكور وبي إتش بي مجدداً. ويُطبق على أي عرض استحواذ غير مرغوب شرط فسخ بقيمة 330 مليون دولار.
من جانبه، اعتبر آدم ماثيوز من مجلس معاشات كنيسة إنجلترا أن الاندماج «تجميع منطقي يجمع ثقافات متكاملة»، مضيفاً أن الشركتين تتمتعان بتقدير كبير وأن الصناعة ستخرج أقوى من هذا التحرك. سيستمر دنكان وانبلاد في منصب الرئيس التنفيذي للشركة الجديدة، بينما يتولى جوناثان برايس منصب النائب الأول للرئيس التنفيذي. ووصف وانبلاد الصفقة بأنها «اندماج حقيقي بين نظراء»، مشيراً إلى أن مجلس إدارة أنغلو تيك سيُكوَّن من أعضاء متساوين من كلا الشركتين.
توقعات الكفاءة وتخفيض التكاليف
تتوقع الشركتان أن تولد عملية الدمج وفورات تشغيلية وتكاملاً إضافياً يترجم إلى توفير سنوي يصل إلى نحو 800 مليون دولار بحلول السنة الرابعة بعد إتمام الصفقة. وأكد وانبلاد أن الهيكل القائم على تبادل أسهم يسمح بالاستفادة من أفضل ما لدى الطرفين دون الحاجة لدفع علاوة للحصول على المنافع الكاملة.
تستفيد العملية أيضاً من قرب عمليتي التعدين التابعتين للشركتين في تشيلي — كويبريدا بلانكا (Quebrada Blanca) وكونياواسي (Collahuasi) — ما يُتوقع أن يعزز الفوائد التشغيلية المشتركة. وتجدر الإشارة إلى أن كويبريدا بلانكا، المنجم الرائد لتيك، عانى مؤخراً من مشكلة مرتبطة بمخلفات المناجم أدت إلى إخفاق في تحقيق التوجيهات الإنتاجية ومكنت من ضغط على أسهم الشركة.
الجدول الزمني والموافقات
توقع برايس أن الحصول على الموافقات التنظيمية قد يستغرق بين 12 و18 شهراً، مشيراً إلى أن عائلة كيفيل (Keevil) الكندية، التي تسيطر على غالبية أسهم فئة A في تيك، أعلنت دعمها غير القابل للتراجع للصفقة. وأكد مصدر مقرب أن إبقاء المقرّ الرئيسي في كندا بهدف حفظ «الإرث الكندي» لتيك سيسهم في تهيئة الأجواء أمام الجهات التنظيمية هناك، خصوصاً بعد الموقف المتشدد الذي أبدته سلطات كندية سابقاً تجاه عرض غلينكور للاستحواذ على تيك. وتُعد مثل هذه التنازلات في بنود الاتفاق عاملاً قد يثني بعض المنافسين عن تقديم عروض بديلة مشابهة.