أوكرانيا تتخلى عن سعيها للانضمام إلى الناتو هل ستحصل كييف على ضمانات أمنية من الغرب؟ أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

زيلينسكي مستعد للتخلي عن طموح الانضمام إلى الناتو مقابل ضمانات أمنية غربية أقوى

أعلن رئيس اوكرانيا فولوديمير زيلينسكي استعداده للتخلي عن مطلب انضمام بلاده إلى حلف الناتو مقابل حصول كييف على ضمانات أمنية غربية مشددة وقانونية. وقال ذلك أثناء سلسلة محادثات يجريها مع مبعوثين أميركيين وأوروبيين سعياً لإنهاء الحرب مع روسيا.

تبدّل استراتيجي
يمثّل هذا التحوّل تراجعاً كبيراً عن موقف أوكرانيا السابق الذي اعتبر الانضمام إلى الناتو أقوى رادع لأي هجوم روسي مستقبلي. واعتبر زيلينسكي أن الاقتراح الأخير يُعد تنازلاً من طرف كييف بعد سنوات من المطالبة بعضوية الحلف.

ما الذي قاله زيلينسكي فعلاً؟
في تسجيلات صوتية نُشرت على مجموعات صحفية قبل الاجتماع، قال زيلينسكي إن أوكرانيا تتوقع الآن ضمانات أمنية بديلة تضاهي إلى حد كبير الحماية التي يتمتع بها أعضاء الناتو. وشرح أن الخيارات المطروحة تشمل ضمانات ثنائية مع الولايات المتحدة، وضمانات شبيهة بالمادة الخامسة بالنسبة لنا من الولايات المتحدة، وضمانات من شركاء أوروبيين ودول أخرى مثل كندا واليابان، وذلك لمنع اجتياح روسي جديد.

الشروط القانونية والضمانات
شدد زيلينسكي على أن أي ضمانات جديدة يجب أن تكون ملزمة بموجب القانون ومعتمدة رسمياً من الحكومة الأميركية. وأفاد بأنه يتوقع تلقي ردود بعد محادثات جارية بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين في ألمانيا. ومع ذلك، يبقى الشعب الأوكراني كثيراً ما يشعر بالتشاؤم بعد أشهر من آمال دبلوماسية تبدو متجددة لكنها غالباً ما تتبدد.

كيفية بنية الضمانات المقترحة؟
الضمانات المقترحة لن ترتقي إلى مستوى المادة الخامسة في دستور الناتو—أي أنها لن تنص على التزام تلقائي للدفاع الجماعي—بل ستكون صيغة مخصصة تمنح أوكرانيا حماية عبر معاهدات ثنائية أو متعددة الأطراف. من المتوقع أن تتضمن التزامات بتقديم دعم سريع وملموس حال تعرضت أوكرانيا لهجوم مجدّد، مثل مساعدات عسكرية وتبادل معلومات استخبارية وتوريد أسلحة وفرض عقوبات ومساعدات مالية. لكن تفعيل هذه المساعدة لن يكون أوتوماتيكياً كما في آليات الناتو، وسيوضع لكل ضامن التزامه بشروطه الخاصة وبدون هياكل قيادة موحدة للحلف.

يقرأ  إطلاق نار في حفل عيد ميلاد بكاليفورنيا يودي بحياة ٤ أشخاص ويصيب ١٠ — أخبار العنف المسلح

العقبات الكبرى
طوال الأشهر الماضية حاولت واشنطن الموازنة بين مطالب روسيا وأهداف أوكرانيا، بينما يضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب بسرعة ويزداد إحباطه من التأخيرات. من أهم نقاط الخلاف قضية دونيتسك الشرقية التي يسيطر على أجزاء كبيرة منها الاحتلال الروسي؛ إذ يصرّ فلاديمير بوتين على أن تنسحب قوات أوكرانيا من المناطق المتبقية تحت سيطرة كييف في دونيتسك كشرط مركزي للسلام، وهو مطلب ترفضه أوكرانيا باستمرار.

المنطقة منزوعة السلاح وخيارات التنسيق
نقلت التقارير أن واشنطن اقترحت سحب قوات أوكرانية من دونيتسك وتحويلها إلى منطقة اقتصادية منزوعة السلاح، لكن زيلينسكي اعتبر الفكرة غير عملية وتساءل عمّن سيدير تلك المنطقة. وطرح سيناريوًات لجلاء القوات كقوة شرطية فقط مع انسحابات متبادلة متوازية، متسائلاً إن انسحبت قوات أوكرانيا 5–10 كيلومترات فلماذا لا تنسحب القوات الروسية بنفس المسافة داخل المناطق المحتلة؟

موقف موسكو وردود خبرائها
من جانبها، قالت موسكو إنها تعتبر مسألة توسّع الناتو إحدى القضايا الأساسية التي تستدعي نقاشاً خاصاً، وإنها تنتظر من واشنطن تقديم المفهوم الذي نوقش في برلين. كما حذّر مستشار بوتين يوري أوشاكوف من أن الشرطة الروسية وحرسها الوطني قد يظلان في أجزاء من دونيتسك حتى لو صُفّ الإقليم كمنطقة منزوعة السلاح، وأضاف أن التوصل إلى حلّ توافقي قد يستغرق وقتاً طويلاً لأن مقترحات أميركية قيل إنها تصبّ في مصلحة موسكو تعرّضت لتعديلات من قبل أوكرانيا وشركائها الأوروبيين جعلتها أسوأ من وجهة نظر الكرملين.

المشهد العام
في برلين التقى مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف وابن صهر الرئيس جارد كوشنر بزيلينسكي، ووصف ويتكوف اللقاء بأنه أحرز “تقدماً كبيراً”. لكن مع بقاء نقاط خلاف أساسية، لا تزال طبيعة الاتفاق النهائي على الضمانات الأمنية ومآلاته غير واضحة، وبدا أن حلّ القضايا الإقليمية والعرقلة السياسية سيحددان سرعة وأركان أي تسوية مستقبلية. قال أوشاكوف: «الأمريكيون على دراية بموقفنا ويفهمونه».

يقرأ  الأفغان بحاجة ماسة إلى تأشيرات سفر إلى ألمانيا

هل تُجرى محادثات أخرى أيضاً؟

الأحد، قال زيلينسكي إنه تحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبيل لقائه مبعوثي ترامب، شاكراً إياه على دعمه عبر منصة إكس، ومشدداً على أننا «ننسق عن كثب ونعمل معاً من أجل أمننا المشترك».

وردّ ماكرون بالقول إن «فرنسا إلى جانب أوكرانيا وستظل كذلك، من أجل بناء سلام قوي ودائم يضمن أمن أوكرانيا وسيادتها وأمن أوروبا على المدى الطويل».

قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي يقود جهود الدعم الأوروبي إلى جانب ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن «عقود الـ‹باكس أمريكانا› قد انتهت إلى حد كبير بالنسبة لنا في أوروبا، وكذلك بالنسبة لألمانيا». ومع ذلك حذّر ميرتس من أن هدف بوتين «تغيير جذري في الحدود في أوروبا، واستعادة الاتحاد السوفييتي القديم ضمن حدوده… إذا سقطت أوكرانيا فلن يتوقف».

نفت موسكو أن تكون لها نية لإعادة تأسيس الاتحاد السوفييتي أو مهاجمة حلفاء أوروبيين. ومع ذلك، لطالَما انتقد بوتين توسّع حلف الناتو حول حدود روسيا. وفي خطاب متلفز في 24 فبراير 2022، يوم شنّت فيه روسيا غزواً واسع النطاق، قال بوتين إن «أي توسّع إضافي لبنى تحتيّة لحلف شمال الأطلسي أو محاولات الحصول على موطئ قدم عسكري على الأراضي الأوكرانية أمر غير مقبول بالنسبة لنا».

ما الذي يحدث على الجبهة؟

خلال عطلة نهاية الأسبوع، قالت القوات الجوية الأوكرانية إن روسيا أطلقت صواريخ باليستية و138 طائرة هجومية من دون طيار خلال الليل. تم اعتراض أو تدمير 110 منها، مع تسجيل ضربات صاروخية وطائرات مسيّرة في ستة مواقع.

قال زيلينسكي الأحد إن مئات الآلاف من العائلات في المناطق الجنوبية والشرقية والشمالية الشرقية لا تزال بلا كهرباء، وإنّ السلطات تعمل على إعادة التيار والحرارة والمياه بعد هجوم واسع الليلة السابقة.

يقرأ  جيش الدفاع الإسرائيلي يسيطر على أكثر من نصف مدينة غزةو٨٠٠٬٠٠٠ نسمة يفرّون من المنطقة

وأضاف أن روسيا أطلقت أكثر من 1500 طائرة هجومية من دون طيار وأكثر من 900 قنبلة جوية موجهة و46 صاروخاً من أنواع مختلفة على أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن دفاعاتها الجوية أسقطت 235 طائرة أوكرانية من دون طيار فجر السبت والأحد.

في منطقة كراسنودار، استهدفت طائرات مسيّرة بلدة أفبْسكي التي تضم مصفاة نفط؛ وقالت السلطات إن انفجارات كسّرت نوافذ مبانٍ سكنية لكن لم تُسجّل أضرار في المصفاة.

تصاعدت المعارك أيضاً في بحر آزوف والبحر الأسود؛ إذ ضربت القوات الروسية موانئ أوكرانية مؤخراً وتسببت بأضرار لسفن مملوكة لتركيا، بينها سفينة كانت تحمل إمدادات غذائية. وذكر نائب رئيس الوزراء الأوكراني أوليكسي كوليبا أن هجوماً على أوديسا أدى إلى اندلاع حرائق في صوامع الحبوب.

أضف تعليق