أوكرانيا تتعرض لعدة ضربات روسية وسط مساعٍ تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب — أخبار الحرب الروسية الأوكرانية

تتصاعد المساعي الدبلوماسية في واشنطن لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا، لكن القتال لم يتوقف إذ شنت روسيا هجوماً ليلياً بواسطة 270 طائرة مسيرة و10 صواريخ، وفق بيان لسلاح الجو الأوكراني.

وأفاد وزير الطاقة الأوكراني أن المهاجمين استهدفوا منشآت طاقة في منطقة بولتافا الوسطى، حيث يقع المصفاة الوحيدة في البلاد، مما تسبب في حرائق هائلة يوم الثلاثاء.

كان الهجوم الأكبر هذا الشهر، وجاء بعد يوم من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض لمناقشة جهوده للسلام.

وأعلنت روسيا وأوكرانيا أيضاً أنهما تبادلتا جثث جنودهما القتلى يوم الثلاثاء، في إطار اتفاقات أُبرمت خلال محادثات السلام في إسطنبول بتركيا في وقت سابق من العام.

وقال فلاديمير ميدينسكي، المُعين الرئاسي الروسي الذي ترأس وفد بلاده في جولات المفاوضات الثلاث التي سهلتها تركيا، على تيليغرام: «اليوم سلمنا الجانب الأوكراني ألف جثة من جنود القوات المسلحة الأوكرانية. هم أعطونا 19».

وأكدت هيئة تنسيق معالجة أسرى الحرب في أوكرانيا استلام جثث ألف من عناصرها، معربة عن شكرها للّجنة الدولية للصليب الأحمر على المساعدة في تنفيذ عملية التبادل.

عُقدت ثلاث جولات جديدة من المحادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول—في 16 مايو و2 يونيو و23 يوليو—وأفضت إلى تبادلات كبيرة للأسرى، لكن ما عدا مسودات مذكرات تبيّن مواقف الطرفين لم يُحرز تقدم كبير نحو اتفاق سلام مقبول للطرفين.

تقدمت جهود السلام بعد قمة ألاسكا الأسبوع الماضي بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ثم تلاها اجتماع متابعة في واشنطن جمع ترامب وزيلينسكي وزعماء أوروبيين يوم الإثنين.

من أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات مسألة تبادل الأراضي وضمانات أمنية لأوكرانيا.

وطالبت أوكرانيا وداعمونها الأوروبيون مراراً بوقف لإطلاق النار أثناء إجراء المفاوضات، لكن بوتين رفض هذه الفكرة، ومع تقدم قواته الميداني لا يملك حافزاً لتجميد حركتها.

يقرأ  بحرية روسيا تبدو مرهقة بعد تكبدها ضربات من أوكرانيا وخسارتها ميناءً استراتيجياً، بحسب مسؤولين غربيين

قبل لقائه مع الزعيم الروسي، هدد ترامب روسيا بـ«عواقب وخيمة» إن لم تُقبل وقفاً لإطلاق النار، لكنه تراجع لاحقاً عن هذا المطلب وقال إنه من الأفضل التركيز على اتفاق سلام شامل—النهج الذي يفضله بوتين.

هل توجد ضمانات امنية؟

للقبول باتفاق سلام مع روسيا، تطالب أوكرانيا بتعهدات تكفل قدرتها على ردع أي هجمات مستقبلية من القوات الروسية. ويعني ذلك، وفق زيلينسكي، جيشاً أوكرانياً قوياً مزوداً بالأسلحة والتدريب من الشركاء الغربيين.

وقد يتضمن ذلك ضماناً شبيهاً بالمادة الخامسة لميثاق الناتو التي تعتبر الهجوم على عضو اعتداءً على الجميع، لكن كيفية تطبيق مثل هذا الضمان ليست واضحة بعد.

كما تسعى حلفاء كييف الأوروبيون إلى إقامة قوة تكون بمثابة سند أي اتفاق سلام. وهو ما عُرف بـ«ائتلاف الراغبين» الذي ضم نحو 30 دولة بينها دول أوروبية واليابان وأستراليا، مع بقاء دور الولايات المتحدة في هذه القوة غير محدد.

ويحرص القادة الأوروبيون، خشية أن لا تتوقف طموحات موسكو الإقليمية عند أوكرانيا، على ربط قدرة الولايات المتحدة العسكرية بهذا الإطار.

قال ترامب إنه سيساعد في توفير حماية، لكنه امتنع عن الالتزام بنشر قوات برية أميركية، مكتفياً بوعد بـ«التنسيق» من واشنطن.

ورفضت روسيا مراراً فكرة قوة من هذا النوع وصرّحت بأنها لن تقبل بوجود قوات حلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية.

ترأس رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعاً افتراضياً لدول الائتلاف يوم الثلاثاء. وقال رئيس الوزراء الهولندي ووزير الخارجية السابق مارك روتا، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، إنه بعد مزيد من النقاش على المستوى الرسمي سيعقد اجتماع افتراضي مع ترامب وقادة أوروبيين.

أعلن زيلينسكي والقادة الأوروبيون أن بوتين طالب بتخلي أوكرانيا عن دونباس، المنطقة الصناعية في شرق أوكرانيا التي تضم دونيتسك ولوهانسك، والتي شهدت أعنف القتال لكن لم تُحتَل بالكامل من قبل القوات الروسية.

يقرأ  ترمب يقترح قمة تجمع بوتين وزيلينسكيفي مسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا

وتحتل قوات موسكو أيضاً القرم وأجزاء من ستّ مناطق أخرى ضمّتها روسيا—ما يناهز خُمس مساحة أوكرانيا—وإجمالاً المجتمع الدولي يرفض شرعية الوجود الروسي في هذه المناطق.

تقول الباحثة زائرة الأنّا ماتفييفا في كلية كينغز بلندن إن التوصّل إلى صيغة لضمانات أمنية لأوكرانيا يشكل مفتاحاً لتمهيد الطريق لتبادل أراضٍ محتمل.

وأضافت لمراسل الجزيرة: «الضمانات الأمنية كانت وسيلة لإعطاء الأوروبيين شيئاً ملموساً… حتى يكون لديهم ما يؤكلون بينما يحرز ترامب تقدماً مع زيلينسكي وبوتين على مسار منفصل. يبدو أن بوتين وافق على بعض الضمانات الغربية، وأعتقد أن ذلك يمثل اختراقاً».

من جهته، قال ترامب يوم الثلاثاء إنه يأمل أن يتقدم بوتين نحو إنهاء الحرب، لكنه أقر بأن زعيم الكرملين قد لا يرغب أصلاً في إبرام صفقة، ما قد يخلق «وضعاً صعباً» له.

وفي مقابلة مع برنامج Fox & Friends على قناة فوكس نيوز قال ترامب عن مسار بوتين: «سنكتشف خلال الأسابيع القليلة المقبلة… من الممكن ألا يريد عقد صفقة».

ولم تقدم موسكو التزاماً صريحاً بعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي، وهو ما توقعه ترامب في محادثاته الاثنين. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الثلاثاء إن موسكو لم ترُد أي صيغ لمناقشة عملية السلام، لكن أي لقاء لقادة الدول «يجب إعداده بأقصى درجات التحقيق والدقة».

وقال مراسل الجزيرة أسامة بن جاويد من موسكو إن روسيا لم تستبعد إمكانية عقد لقاء ثنائي أو ثلاثي—وهو الأمر الذي نوقش مع قادة أوروبيين وزيلينسكي أيضاً.

وأضاف بن جاويد أن موسكو اعتبرت البيت الأبيض «صادقاً في جهوده». «يبدو… أن الجميع لا يرغبون في إغضاب إدارة ترامب، وهم جميعاً يرغبون في التماشي»، بحسب ما نقله.

أضف تعليق