أوكرانيا تجهّز خطة سلام جديدة — زيلينسكي يستبعد التنازل عن أي أرض

بينما تستمر محادثات السلام، تتواصل الاشتباكات على خط الجبهة في شرق أوكرانيا.

تستعد كييف لتقديم خطة سلام مُعدّلة إلى البيت الأبيض تسعى من خلالها لتفادي أي تنازلات إقليمية لصالح روسيا. وتركّز المقترحات الأوكرانية على تقديم بدائل للولايات المتحدة، بعدما استبعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي مجدداً التخلّي عن أراضٍ، مؤكداً أنه «لا يملك الحق» قانونياً بموجب التشريعات الأوكرانية أو القانون الدولي للقيام بذلك.

جاءت تصريحاته خلال لقائه قادة أوروبيين وقادة حلف الناتو يوم الاثنين، في محاولة جماعية لردع واشنطن عن دعم صفقة سلام تتضمن تنازلات كبيرة لروسيا، والتي يخشى الحلفاء أن تجعل أوكرانيا عرضة لغزو مستقبلي. وفي الوقت نفسه، تعرضت مدينة سومي في شمال غرب البلاد لانقطاعٍ شبه كامل للتيار الكهربائي بعد هجوم بطائرة من دون طيار روسية ليلًا؛ وأفاد حاكم المنطقة بأن أكثر من عشرة طائرات مسيرة ضربت بنية تحتية كهربائية، في أحدث هجمات ليلية من جانب روسيا، دون تسجيل وفيات.

تأتي جولة زيلينسكي الدبلوماسية المستمرة في أوروبا بعد أيام من مفاوضات مكثفة بين المفاوضين الأميركيين والأوكرانيين خلال عطلة نهاية الأسبوع، لم تسفر عن اتفاق ترضى به كييف. وكان من المقرر أن يطلع كبير مساعديه روستم عمروف الرئيس على نتائج القمة الخاصة، وأشار على قناته في تلغرام إلى أنه سيعرض تفاصيل المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن فريق زيلينسكي قد يقدّم مقترحاً جديداً للأمريكيين في أسرع وقت ممكن، ربما اعتباراً من يوم الثلاثاء.

في مؤتمر صحفي قال زيلينسكي إن روسيا تُصرّ على أن تتخلى أوكرانيا عن أراضٍ، لكن «نحن لا نريد التنازل عن شيء». وأضاف: «ليس لنا الحق القانوني في ذلك بموجب القوانين الأوكرانية ودستورنا والقانون الدولي. ولا نملك حقاً أخلاقياً أيضاً». ويؤكد زيلينسكي منذ زمن أن أي تغييرات على حدود أوكرانيا يجب أن تُقرّ بواسطة استفتاء شعبي.

يقرأ  عائلة رجل قُتِلَ في هجوم زورق أميركي بمنطقة الكاريبي ترفع شكوى— أخبار حقوق الإنسان

على صعيد المسودات، قال إن خطة الولايات المتحدة الأولية المكوّنة من 28 بنداً — والتي رفضتها كييف وقادة أوروبيون لكونها تميل لصالح روسيا — جرى تقليصها إلى 20 بنداً وفقاً لوكالة إنترفكس-أوكرانيا. وأوضح أن البنود «المؤيدة لأوكرانيا» لم تُحذف من المسودة، لكن كذلك لم يكن هناك «تسوية» بشأن مسألة الأراضي. وميّز زيلينسكي قضيتي السيطرة على إقليم الدونباس الشرقي ومحطة زابوريجيا النووية باعتبارهما من أكثر القضايا حساسية.

تضمنت النسخة المسربة الأصلية للخطة المدعومة أميركياً اقتراح تسليم السيطرة الكاملة على الدونباس لروسيا، رغم أن القوات الروسية لم تتمكن من السيطرة عليه بالكامل بعد ما يقارب أربع سنوات من الحرب. كما اقترحت المسودة أن تُقسَّم الطاقة المنتجة في زابوريجيا — أكبر محطة نووية في أوروبا — بين روسيا وأوكرانيا.

أعرب قادة كييف وبدول أوروبية عن إحراز تقدم في صقل تلك المسودة خلال الأسابيع الماضية، وأشادوا بإدارة ترامب لجهود الوساطة لوقف الاقتتال. ومع ذلك، اعتُبر قمة داونينغ ستريت التي عُقدت على عجل يوم الاثنين — بحضور زيلينسكي ورئيس وزراء بريطانيا السير كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس — بمثابة إظهار دعم واسع لأوكرانيا في سعيها لمقاومة ضغوط البيت الأبيض.

وقال رقم عشرة (مقر رئاسة الوزراء البريطانية) إنه تم الاتفاق على أن المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة تمثّل «لحظة حاسمة» لتكثيف الدعم لأوكرانيا، مع تكرار الدعوات إلى «سلام عادل ودائم… يتضمن ضمانات أمنية قوية».

تظل طبيعة تلك الضمانات الأمنية المستقبلية مسألة مفتوحة في المفاوضات. وتستمر الجهود لتشكيل تحالف دولي مستعد لتقديم دعم عسكري مستمر لكييف في حال التوصل إلى صفقة سلام، إلا أن الشكل الذي قد يتخذه هذا الدعم لم يتضح بعد. بينما اقترحت كل من المملكة المتحدة وفرنسا نشر قوات دولية في أوكرانيا، أبدت عدة دول دفاعية كبرى في أوروبا، من بينها ألمانيا وإيطاليا، تشككها في هذه الفكرة. كما لا يزال غير واضح إلى أي حد ستكون الولايات المتحدة مستعدة لدعم ترتيبات دفاعية مستقبلاً لأوكرانيا.

يقرأ  مع اقتراب ترامب وشي من إبرام صفقة... قليلون يتوقعون تهدئة التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والصينأخبار التجارة الدولية

بعد محادثات لندن، سافر زيلينسكي إلى بروكسل للقاء رئيس حلف الناتو مارك روتّيه ورئيسة المفوضية الأوروبية أوروسلا فون دير لاين، وسيجتمع برئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني يوم الثلاثاء.

من جانبها، زعمت موسكو أيضاً أن محادثاتها مع البيت الأبيض كانت بنّاءة، على الرغم من ندرة المؤشرات العلنية على أي تنازل عن أهداف الكرملين التي أعلنت عنها عند إطلاق الغزو الشامل في فبراير 2022.

في ختام الأسبوع، أشار ترامب إلى أنه يرى زيلينسكي العقبة الرئيسة في سبيل إبرام صفقة سلام — وهو هدف أجنبي رئيسي طرحه كرئيسٍ محتمل، وادّعى أنه قادر على تحقيقه بسرعة خلال حملته الانتخابية لعام 2024. وقال للصحفيين إن روسيا «على ما يرام» مع خطة السلام التي عرضتها الولايات المتحدة على الطرفين، معبّراً عن «خيبة أمل طفيفة» لكون زيلينسكي لم يطلع عليها بعد؛ ولم يتضح ما إذا كان هذا صحيحاً بالفعل.

أضف تعليق