اتهم وزير الخارجية الأوكراني أندريي سيبيها روسيا بـ”بصق وجه العالم” بعد محادثات بالكرملين اعتبرها مضيعة للوقت، في أعقاب لقاءات بين وفد أميركي وقيادة الكرملين لم تسفر عن نتائج عملية لوقف الحرب في اوكرانيا.
وقال سيبيها إن “على روسيا أن تضع حداً لسفك الدماء الذي بدأت به. إن لم يحدث ذلك، وإذا عاد بوتين ليبصق في وجه العالم مرة أخرى، فلابد أن تترتب على ذلك عواقب”. مع ذلك أضاف أن الوفد الأميركي وصف اللقاءات بأنها ذات “دلالة إيجابية لمسار السلام” ودعا المسؤولين الأوكرانيين إلى استكمال المباحثات في واشطن في القريب العاجل.
أمضى مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر نحو خمس ساعات مع بوتين في الكرملين، وقال البيت الأبيض إنهما أطلعا الرئيس بعد لقاء “مستفيض ومنتج”. لكن من جانب الكرملين قال مستشار السياسة الخارجية لروسيا يوري أوشاكوف إنه لم يتم التوصل إلى “تسوية” لإنهاء الحرب، وإن بعض المقترحات الأميركية تبدو مقبولة نسبياً لكنها تحتاج مزيد نقاش، فيما انتقد الرئيس الروسي اقتراحات أخرى علناً.
لا تزال نقطتا الاختلاف الجوهرية بين موسكو وكييف قائمتين: مصير الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها القوات الروسية وضمانات الأمن لأوكرانيا. ويرى كييف وشركاؤها الأوروبيون أن أقوى وسيلة لردع عدوان روسي مستقبلي هي انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهو ما تعارضه روسيا بشدة، وقد أشار ترامب مراراً إلى عدم نيته السماح بضم كييف إلى الحلف. وصنفت الكرملين مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو بأنها “سؤال رئيسي” طُرح خلال المحادثات.
أشار أوشاكوف إلى أن الموقف الروسي تفاوضياً تعزز بسبب مكاسب عسكرية حديثة، وقال إن الجنود الروس “سهَّلوا على شركائنا الأجانب إعادة تقييم سبل التسوية”، في إشارة إلى تقدمات ميدانية جزئية. وقد بُثّ تسجيل لبوتين مرتدياً زيّاً عسكرياً أثناء اطلاع القادة على ما وصفوا بالاستيلاء على مدينة بوكروفسك الاستراتيجية في شرق البلاد، على الرغم من أن القتال مستمرّ هناك وأن القوات الروسية لا تسيطر على المدينة بأكملها.
تحليلات مستقلة تشير إلى أن القوات الروسية حققت تقدمات تدريجية في الشرق، ووفقا لإحصاءات معهد دراسات الحرب الأميركي فقد استولت روسيا على نحو 701 كيلومتر مربع في نوفمبر، وتمتلك الآن نحو 19.3% من أراضي أوكرانيا. من جهة أخرى أكد الكرملين أن بوتين مستعد لمواصلة اللقاءات مع الأميركيين “عدد المرات التي يلزمها”.
مع تحسّن وتيرة التواصل الروسي ــ الأميركي، اتسعت الهوة بين موسكو وأوروبا: اتهم بوتين أوروبا بمحاولة عرقلة العلاقات مع الولايات المتحدة وفرض شروط لا تقبلها روسيا، وقال قبيل لقائه ويتكوف وكوشنر إنه لا يرغب في صراع مع أوروبا لكنه “مستعد للحرب”. رفضت حكومة المملكة المتحدة تصريحات بوتين ووصفتها بأنها “خطاب كرمليني فارغ من رئيس لا يأخذ السلام بجدية”.
على صعيد آخر، أبرمت دول الاتحاد الأوروبي اتفاقاً للانفكاك الكامل عن واردات الغاز الروسية بحلول نهاية 2027، ما يعني حظراً على عقود أنابيب الغاز طويلة الأمد مع روسيا اعتباراً من سبتمبر 2027 وعقود الغاز المسال طويلة الأجل اعتباراً من يناير 2027. ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين هذا الاتفاق بأنه “فجر عصر جديد”، بينما قال مفوض الطاقة في الاتحاد دان يورغنسن: “اخترنا أمن الطاقة واستقلالية أوروبا. لا مزيد من الابتزاز. لا مزيد من تلاعب السوق على يد بوتين. نحن نقف ثابتين مع أوكرانيا”.
كما اقترحت المفوضية جمع 90 مليار يورو لدعم أوكرانيا لتغطية احتياجاتها العسكرية والخدمات الأساسية أثناء استمرار الحرب. وسيتطلب الاقتراح إما موافقة بلجيكا على “قرض تعويضي” باستخدام أصول روسية مجمدة على أراضيها أو تمويل الأموال عبر الاقتراض الدولي. رحبت رئيسة وزراء أوكرانيا يوليا سفيردينكو بالمقترح الذي سيغطي نحو ثلثي احتياجات تمويل أوكرانيا للسنتين المقبلتين، بينما أعربت بلجيكا عن تحفظات بشأن استخدام الأصول المجمدة خشية تبعات قانونية من موسكو، وأبدى المصرف المركزي الأوروبي معارضة لأن يعمل كضامن لقرض التعويض.
يُذكر أن حجم القرض المقترح أصغر من خطة سابقة كانت تبلغ نحو 140 مليار يورو، وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان واديفول أن بلاده “تدعم هذا الرسم وبالطبع تأخذ مخاوف بلجيكا على محمل الجد”.