أين يقف السلام بعد دبلوماسية محمومة؟

هل اقتربنا من إحراز سلام في أوكرانيا؟ بعد أيام دبلوماسية محمومة وغالبًا متخبطة، بدا أن دونالد ترامب يعتقد أننا اقرب إلى إبرام صفقة، قائلاً للصحفيين الثلاثاء إن «نحن نقترب جدًا من اتفاق».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بدت ملامحه متجهّمة خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعرب من جانبه عن تفاؤل حذر: هناك «آفاق كثيرة قد تجعل مسار السلام ممكنًا». وأضاف بعد مراجعة نتائج مباحثات الأحد في جنيف أن «هنالك نتائج مهمة، لكن لا يزال ثمة عمل كثير يجب إنجازه».

رد الفعل الروسي كان أكثر تحفظًا؛ إلى جانب تذمّر خافت من تسريبات غير مصرح بها وتدخل أوروبي، لم يصدر عن موسكو ترحيب صاخب. مساعد الكرملين يوري أوشاكوف قال إن موسكو تتبنى بعض عناصر مسودة الخطة الأخيرة بإيجابية، لكن «الكثير منها يتطلب نقاشات فنية متخصصة». وأوضح المتحدّث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن اعتبار أن الاتفاق قريب سيكون «سبقًا لأوانه».

تسريب مسودة الخطة الأميركية المكوّنة من 28 بندًا جعل من يوم الأربعاء الماضي وكأنه من زمن بعيد؛ فقد أثار النص، الذي احتوى إشارات إلى تنازل أوكراني عن أراضٍ وتقليص حجم قواتها، قلقًا شديدًا في كييف ودفع دبلوماسيين أوروبيين للتحرك سريعًا لاحتواء تداعياته. في بعض المظاهر بدا المشهد تكرارًا لما جرى في أغسطس حين سارع زعماء أوروبيون إلى واشنطن لطلب توضيحات بعد استقبال ترامب الحار لبوتين في ألاسكا.

بحلول عطلة نهاية الأسبوع كانت الدول الأوروبية قد أعدت اقتراحًا مضادًا، أيضًا من 28 بندًا، استبدل بنود التنازلات الإقليمية الصريحة بمقترح «التفاوض على تبادل إقليمي» وشدّد اللغة المتعلقة بالضمانات الأمنية، وهي النقطة الجوهرية لاهتمامات كييف. لكن مدى التأثير الأوروبي على مباحثات الأحد في جنيف لا يزال غامضًا.

البيان المشترك الأميركي–الأوكراني الصادر بعد انتهاء المحادثات وصفها بـ«المثمرة للغاية»، مشددًا على أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يوفّر «سلامًا مستدامًا وعادلاً». والتقط كثير من القادة الأوروبيين، من بينهم سير كير ستارمر، عبارة «مستدام وعادل» كدليل على إحراز تقدم.

يقرأ  الانتخابات الرئاسية في الكاميرون — مع ترجيح فوز بول بيا، ما الذي على المحك؟ | أخبار بوكو حرام

المسؤولون الأوكرانيون بدوا مرتاحين أيضًا؛ نائب وزير الخارجية الأول سيرغي كيسليتسيا قال إن النسخة الحديثة من الخطة خُفّضت إلى 19 بندًا، مع تأجيل القضايا الأكثر إشكالية — الأراضي وعلاقات أوكرانيا المستقبلية مع الناتو — ليقررهما ترامب وزيلينسكي مباشرة. وفي ظل اتهامات متبادلة حول مصدر تسريب النسخة الأولى، فُرضت رقابة شديدة على النسخة الحالية.

رغم محادثات في أبوظبي شارك فيها وزير الجيش الأميركي دان دريسكول (كإضافة جديدة إلى فريق ترامب المعني بأوكرانيا)، ورئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف ومسؤولون روس، يقول أوشاكوف إن الخطة لم تُناقش بعد بالتفصيل. ومع وصول الموفد الخاص لترامب ستيف ويتكوف إلى موسكو الأسبوع المقبل، وحديث عن زيارة مرتقبة لزيلينسكي إلى البيت الأبيض، لا يبدو أن زخم الدبلوماسية سيتباطأ.

أين نحن على أرض الواقع؟ دانيال فرايد، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون أوروبا وأوراسيا، يقول إننا «في مسار سريع نحو شيء ما»، لكنه لا يستطيع التأكيد إن كان هذا المسار يقود إلى فشل أم إلى نجاح — فقط أن الأمور تتحرك بسرعة. فرايد وصف خطة الأسبوع الماضي بأنها «فوضى حارة» لكنه أقرّ بأن الدافع وراءها حقيقي، وأن الإدارة الأميركية تدفع بقوة نحو تسوية.

الشعور بالخوف الذي خيّم على كييف الأسبوع الماضي — حتى وصفه زيلينسكي بأنه أحد أصعب لحظات التاريخ الأوكراني — تراجع بعض الشيء. ميروسلافا غونغادزه، زميلة غير مقيمة في مركز أوراسيا بالمجلس الأطلسي، قالت من كييف إن وفد أوكرانيا في جنيف كان «راضٍ جدًا»، مضيفة أن هدف الجولة لم يكن بالضرورة إبرام اتفاق فوري بقدر ما كان طرد مسودة الـ28 بندًا وإدخال مصالح أوكرانيا في أي مفاوضات محتملة وإظهار استعداد كييف الحقيقي للنقاش والتفاوض.

لكن حتى إذا شعرّت كييف أنها نجحت إلى حد ما في الصدّ عن أسوأ المطالب — ولا يزال نطاق هذا النجاح غير واضح — فما زالت مخاوف قائمة. أهمها: ما نوع الضمانات الأمنية التي يمكن أن تتلقاها أوكرانيا إذا أبرمت اتفاقًا مع دولة شنت عليها عدوانًا غير مبرر ولا تزال تبدو راغبة في المزيد؟ «السؤال الأساسي هنا هو الضمانات الأمنية»، تقول غونغادزه. «من سيقدّم هذه الضمانات، من سيحاسب على خرقها، وأي حدود ستصبح محمية فعلاً؟» إذا كانت الإجابات ضعيفة، فإن ذلك يهيئ أوكرانيا لأزمة أخرى.

يقرأ  الروهنغيا يسألون الأمم المتحدة: «أين العدالة؟»بين تصاعد العنف في ميانمار وتقلص المساعدات

ردًا على الوعد الأميركي الغامض في الوثيقة الأصلية بتقديم «ضمانات أمنية موثوقة»، تحدث قادة أوروبيون عن ضمان أميركي «يقارب المادة الخامسة»، في إشارة إلى مبدأ الدفاع الجماعي لحلف الناتو. وقد ذكرت شبكة أكسيوس الأسبوع الماضي وجود ورقة أميركية منفصلة عُرضت على أوكرانيا تصوّر «نموذجًا للضمانات الأمنية مبنيًا على مبادئ المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي، مكيّفًا لظروف هذا النزاع».

هذا الجانب الحاسم من الخطة لا يزال بوضوح قيد التبلور. وبعد اجتماع افتراضي لقافلة الدول الراغبة التي تقودها بريطانيا وفرنسا، اتفق المشاركون مع الوزير الأميركي (المشار إليه في النص الأصلي بمركو روبيو) على «تسريع العمل المشترك مع الولايات المتحدة للمضي قدمًا في إعداد خطط الضمانات الأمنية». يقول سير كير ستارمر إن الخطط التشغيلية لقوة متعددة الجنسيات لـ«طمانة» أو «تطمين» أوكرانيا مكتملة من الناحية الشكلية، لكنّها تظلّ ـ حتى تُوضح إدارة ترامب نوع الدعم الذي قد تقدمه، إن وُجد ـ خططاً نظرية إلى حدّ بعيد.

«يجب تفصيل ضمانات الأمن»، يقول السفير فريد.

«فكرة ائتلاف الراغبين جيدة، لكنّها لم تسفر عن نتائج حتى الآن، جزئياً لأنّهم ينتظرون ما إذا كان الأميركيون سيدعمونهم وبدرجة أخرى لأنهم ينتظرون توضيح مضمون المهمة التي سيذهبون إليها».

الوضع الإقليمي على الأرض يبقى مجهولاً إلى حدّ كبير.

الخطة ذات الـ28 نقطة التي عرضت الأسبوع الماضي صرّحت بوضوح أنّ القرم ولوجانسك ودونيتسك ستُعتبر «بواقع الأمر» روسية، وأنّ القوات الأوكرانية ستنسحب من الأجزاء شديدة النزاع في إقليم دونيتسك التي لا تزال تحت سيطرة كييف.

كلّ هذا الخطاب اختفى من المقترح المضاد الأوروبي. فقد تحدّث هذا المقترح عن التزام أوكرانيا «بعدم استعادة أراضيها السيادية المحتلة بالوسائل العسكرية». وأضاف أنّ كلّ المفاوضات الإقليمية «ستنطلق من خط الاتصال» — أي خطوط المواجهة الحالية.

يقرأ  إلى أين قد تنتهي جواهر متحف اللوفر المسروقة؟وهل سيُلقى القبض على اللصوص؟ — أخبار الجريمة

لا يُعرف إلى أي مدى أثّر النهج الأوروبي في الوثيقة التي صدرت بعد المحادثات في جنيف.

النص المشترك بين الولايات المتحدة واوكرانيا أعطى لمحة مائلة فقط، مؤكّداً أنّ الجانبين «جددّا التزامهما بأن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يحفظ سيادة أوكرانيا بالكامل».

كلمة «بكاملها» بدت أنها تحمل ثِقلاً كبيراً.

نظراً لتقلب موقف ترامب تجاه الحرب في أوكرانيا، وطموحات بوتين المستمرة، والصعوبات الداخلية التي يواجهها زيلنسكي — الجولة الحالية من الدبلوماسية تجري بينما يكتنفه تحقيق فساد يهزّ مكانته المحلية — فمن الصعب للغاية التكهن بمسار هذه العملية في المستقبل القريب.

وربما يكون من التفاؤل المبالغ فيه الاعتقاد أننا نقترب من نهايتها.

«ما زلنا في منتصف هذه العملية»، تقول ليزلي شيد، إحدى زميلات مجلس الأطلنطي غير المقيمات. «لا يزال أمامنا طريق طويل».

ومع كل الفوضى الظاهرة حول جهود إدارة ترامب، بما في ذلك طاقم متغير باستمرار — وربما متنافس — تعتقد شيد أنّ الإدارة تتعامل بجدّية.

«يبدو أنّ الرئيس… يعطِي أولوية حقيقية لإيجاد سلام في اوكرانيا. وأعتقد أنّ هذا مهم بالفعل.»

أضف تعليق