وزارة الخارجية الأمريكية تصنّف أربع مجموعات بألقاب «إرهابية عالمية مُحددة»
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تصنيف أربع مجموعات أوروبية على أنها «إرهابية عالمية مُحددة» لارتباطها بالحركة اليسارية المتشتّتة المعروفة باسم أنتي-فا (المناضلة ضد الفاشية). جاء الإعلان يوم الخميس كخطوة إضافية في حملة ترامب لتفكيك الحركة، التي يُشار إليها اختصارًا بـ«أنتيفا».
المجموعات الأربعة المشمولة بالعقوبات هي: Antifa Ost في ألمانيا؛ الاتحاد اللاّمركزي للفدرالية الأناركية/الجبهة الثورية الدولية (FAI/FRI) في إيطاليا؛ «العدالة البروليتارية المسلحة» في اليونان؛ و«الدفاع الذاتي الطبقي الثوري» أيضًا في اليونان.
وأفادت وزارة الخارجية بأنها ستدرج هذه المجموعات كذلك كـ«منظمات إرهابية أجنبية» اعتبارًا من 20 نوفمبر، مشيرة إلى اتهامات بارتكاب أعمال عنف متعددة عبر أوروبا في سياق قتالها للرأسمالية والحكومات اليمينية وقمع الشعب الفلسطيني.
وحذّرت الوزارة من أن هذه التصنيفات تحمل تبعات قانونية لأي شخص أو كيان مقيم في الولايات المتحدة يتعامل مع تلك المجموعات. وقالت في بيانها: «الأشخاص الذين يشاركون في معاملات أو أنشطة معينة مع الجهات المصنفة اليوم قد يعرضون أنفسهم لخطر العقوبات»، وأضافت أن التعامل معها قد ينطوي على خطر عقوبات ثانوية بموجب سلطات مكافحة الإرهاب.
وقد اتهم منتقدون إدارة ترامب بتوسيع مفهوم «الإرهاب» إلى ما يتجاوز معناه التقليدي. فبينما يستُخدم مصطلح الإرهاب عادة لوصف تهديدات داخلية ودولية تستخدم العنف لتحقيق أهداف سياسية، طبّق ترامب هذا الوَسم على عصابات المخدرات ومجموعات إجرامية لاتينية وحركة أنتي-فا.
من جانبهم، يشير خبراء إلى أن أنتي-فا حركة سياسية واحتجاجية واسعة بلا قيادة موحدة؛ تُعرف أكثر كمجموعة قيم ومبادئ منها ككيان منظّم، وكثير من احتجاجاتها تجري سلميًا. ومع ذلك، أصدر ترامب في 22 سبتمبر أمرًا تنفيذياً أعلن فيه عزمه تصنيف الحركة كـ«منظمة إرهابية داخلية»، وادّعى أن «أنتيفا مشروع عسكري وأناركِي يدعو صراحة إلى إسقاط حكومة الولايات المتحدة والسلطات المكلفة بفرض القانون ونظامنا القانوني»، وأنها «تستخدم وسائل غير قانونية لتنظيم وتنفيذ حملة عنف وإرهاب على مستوى البلاد لتحقيق هذه الأهداف».
وقد تُجعل تلك التسمية نشاطات متصلة بأنتي-فا غير قانونية، ذلك أن تقديم «دعم مادي» لمنظمات مصنفة إرهابية جرم اتحاديًا. لكن، وبما أن أنتي-فا ليست مجموعة متراصة، فليس هناك آلية واضحة لتتبع ممولي الحركة؛ إذ تتألف من مجموعات مستقلة ذات مصادر تمويل متباينة غالبًا ما تُحجب عن العلن أو تكون مبادرات محلية صغيرة — وغالبًا ما تُستخدم الأموال للمساعدة في كفالات المحتجزين.
أثار الخبراء أيضًا مخاوف دستورية تتعلق بالتعديل الأول لحرية التعبير والتجمع، معتبرين أن تصنيفات من هذا النوع قد تُثبّط النشاط السياسي اليساري. قال المؤرخ مارك براي، مؤلف «أنتيفا: دليل مكافحة الفاشية»، إن الحديث عن «أنتيفا» بصيغة المفرد مضلل ويساهم في جهود ترامب لقمع اليسار. وشكك براي في assertions ادعاءات ترامب بأن أنتي-فا «تنظم نفسها بصورة منسقة وتخفي مصادر تمويلها وعملياتها لعرقلة أجهزة إنفاذ القانون»، موضحًا أن نظرية وجود مولّين خفيين كـجورج سوروس وراء كل تحرّك يساري تعبر عن نظرية تآمرية شائعة لدى اليمين.
وأضاف براي أن مجموعات أنتي-فا لا تملك ميزانيات ضخمة، بل تعتمد في الغالب على جمع التبرعات من الجمهور أو مساهمات الأعضاء، وغالبًا ما تُستخدم هذه الأموال لأغراض بسيطة مثل الكفالات. ويتفق عدد من الخبراء على أن أنتي-فا هي أيديولوجيا أو تيار فكري أكثر من كونها منظمة موحدة.
وحذّر المؤرخون من أن تحويل تسمية «منظمة إرهابية» إلى سلاح سياسي قد يصبح ذريعة شاملة للقمع ضد أي مناصر لليسار، مما يثير مخاوف جدّية بشأن قمع الحريات السياسية تحت إدارة يمينية.