سجَّلت اسبانيا هذا الأسبوع ثالث وفاة نتيجة حرائق الغابات، في حين شرعت اليونان في احتواء حريق كاد يهدّد ثالث مدنها من حيث الحجم، وذلك وسط موجة حرّ مستمرة تجتاح جنوب أوروبا منذ الأسبوع الماضي.
أعلنت السلطات وفاة متطوّع إطفاء يبلغ من العمر 37 عاماً يوم الخميس، إثر إصابته بحروق بالغة أثناء محاولته مكافحة النيران في منطقة قشتالة وليون بشمال غرب البلاد، ليرتفع بذلك عدد الضحايا إلى ثلاثة بعد وقوع حالات وفاة سابقة هناك وقرب مدريد خلال الأسبوع نفسه. وعبّر رئيس الوزراء بيدرو سانشيز عن تعازيه عبر منشور على الإنترنت قائلاً إنّ “الوضع لا زال خطيراً، واتخاذ احتياطات إضافية ضروري. شكراً مجدداً لكل من يعمل بلا كلل لدرء النيران.”
وقد أدّت موجة الحرّ الشديدة، التي يُرجح العلماء أن تغيُّر المناخ الذي يسببه الإنسان يجعله أطول وأكثر حدّة، إلى تأجيج الحرائق وإرهاق فرق الإطفاء عبر جنوب القارة، بما في ذلك البرتغال ودول البلقان. وقد التهمت النيران في هذا البلد أكثر من 157 ألف هكتار هذا العام — أي أكثر من ثلاثة أضعاف المساحة المحروقة في الفترة نفسها من عام 2024 —، ما اضطر الآلاف إلى إخلاء منازلهم هذا الأسبوع، خصوصاً في قشتالة وليون.
وأعلنت فرق التحقيق الإسبانية يوم الخميس توقيف أربعة أشخاص يشتبه في إشعالهم حرائق غابية، ليرتفع إجمالي الموقوفين هذا الموسم إلى 30 مشتبهاً. كما قررت فرنسا إرسال طائرتَي إطفاء لدعم عمليات الإخماد، في حين ناشدت الحكومة طائرات إضافية من الاتحاد الأوروبي لتعزيز فرق الإطفاء المكدودة خصوصاً في الشمال الغربي.
في اليونان، التي طلبت مساعدة من الاتحاد الأوروبي، حقّقت فرق الإطفاء تقدماً ضد حريقٍ كبيرٍ قرب مدينة باتراس الساحلية الغربية. وأفاد المتحدث باسم فرق الإطفاء فاسيليس فاثراكوجيانيس أن رجال الإطفاء واجهوا جيوباً نارية متفرقة مع بقاء الحريق “نشطاً” في الضواحي الشرقية للمدينة، وأن 15 على الأقل من عناصر الإطفاء نُقلوا إلى المستشفيات أو تلقوا علاجات لحروق أو لاستنشاق الدخان أو للإرهاق. وبيّن أن نحو 600 طاقم بري وحوالى 30 طائرة قَصْف مائي انتشرت منذ الفجر في مختلف المواقع، وأن هدوءاً نسبياً في سرعة الرياح ساهم في تيسير جهود الإخماد.
امتدت بؤر حرائق كبرى أيضاً لتجهد طواقم الطوارئ في الجزيرة السياحية زانتي وجزيرة خيوس والمناطق المحيطة بمدينة بريفزا الغربية. واستند المرصد الوطني لأثينا إلى بيانات برنامج كوبيرنيكوس لرصد الأقمار الصناعية، فبيّن أن تلك الحرائق وحريق باتراس أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار.
وأفادت السلطات بإيقاف ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين 19 و27 عاماً للاشتباه في إشعال بعض الحرائق حول باتراس.
مساعدات الاتحاد الأوروبي أُرسلت إلى عدة دول
عبأت البرتغال أكثر من 1900 رجل إطفاء لمواجهة أربعة حرائق رئيسية، وكان أحدها في منطقة ترانكوسو وسط البلاد قد أتلف ما يقدّر بـ14 ألف هكتار منذ السبت. وفتح جبهة جديدة يوم الأربعاء في المناطق الجبلية بمنطقة أرغانيل استنزفت أكثر من 800 عنصر إطفاء. ووصفت سيدة من قرية موريسيا ما شاهدته لشبكة Sic Noticias بأنّ “النيران كانت هائلة… كان الأمر مخيفاً” وهي تحدق في منحدر يكتنفه الدخان الكثيف.
وبدا أن دول البلقان قد تجاوزت أسوأ مرحلات موجة الحرّ الاستثنائية التي عمّقت موسم الحرائق المعتاد، إذ دمر الحرائق منازل واستدعى إجلاء آلاف السكان. وأرسلت اليونان مساعدات إلى ألبانيا في إطار منظومة دولية لمكافحة عشرات الحرائق؛ وأكدت السلطات مقتل رجل ثمانيني في حريق جنوب العاصمة تيرانا. كما أُخلي سكان أربعة قرى في وسط ألبانيا قرب مخزن ذخيرة عسكري سابق، ووردت تقارير عن انفجارات ناجمة عن قذائف منقورة تعود لحرب العالم الثانية في مقاطعة كورشا الجنوبية القريبة من الحدود اليونانية، فيما اندلعت حرائق أتلفت عشرات المنازل في منطقة مركزية من البلاد.
في توركيا، قتل عامل في الغابات يوم الأربعاء أثناء استجابته لحريق في إقليم جنوبي، وقالت وزارة الزراعة والغابات إن العامل توفي نتيجة حادث مرتبط بصهريج إطفاء ما أدى إلى إصابة أربعة آخرين. وتواجه البلاد حرائق شديدة منذ أواخر يونيو، وقد أودت النيران بحياة 18 شخصاً إجمالاً، بينهم 10 متطوعين وإنقاذيون وعمال غابات لقوا حتفهم في يوليو.
وأشارت وكالة الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي إلى أنها استجابت هذا الأسبوع لطلبات مساعدة من اليونان وإسبانيا وبلغاريا والجبل الأسود وألبانيا، مرسلة طائرات وإمكانات هليكوبتر من دول أعضاء أخرى. وأضافت أن الآلية قد فُعّلت 16 مرة هذا الموسم وسط “عدد مرتفع من حرائق الغابات الكارثية”، وأن عدد مرات التفعيل حتى الآن في 2025 يضاهي إجمالي التفعيل الذي شهده موسم الحرائق بأكمله عام 2024.