أرسلت إسبانيا 500 عسكري إضافي من وحدة الطوارئ العسكرية لدعم جهود إخماد الحرائق، فيما تكافح البلاد نحو 20 حريقًا كبيرًا متناثراً خلال موجة حر بدأت الأسبوع الماضي.
«لا تزال أمامنا أيام صعبة، ولسوء الحظ الطقس ليس في صفنا»، قال رئيس الحكومة بيدرو سانشيز في مؤتمر صحافي صباح الأحد في أورينسي، إحدى أكثر المناطق تضررًا في شمال غرب البلاد. وأعلن زيادة التعزيزات العسكرية ليبلغ مجموع الجنود المنتشرين على مستوى إسبانيا 1900 جندي.
في غاليسيا وحدها يواجه رجال الإطفاء 12 حريقًا رئيسيًا، جميعها قرب مدينة أورينسي، بحسب ألفونسو رويدا، رئيس حكومة المنطقة، الذي أضاف: «المنازل لا تزال مهددة، لذا فرضنا إجراءات عزل ونقوم بعمليات إخلاء».
جاءت هذه التصريحات فيما تترقب السلطات وصول تعزيزات جوية وعدت بها دول أوروبية أخرى. وأعلنت شركة السكك الحديدية الوطنية (رينفي) تعليق رحلات القطار عالية السرعة بين مدريد وغلِسيا المقررة يوم الأحد بسبب الحرائق. ونصحت السلطات في غاليسيا السكان بارتداء الكمامات وتقليل التواجد في الهواء الطلق لتجنب استنشاق الدخان والرماد.
تعاني جنوب أوروبا أحد أسوأ مواسم الحرائق منذ عقدين، وتُعد إسبانيا من الدول الأكثر تضررًا. ففي الأسبوع الماضي وحده أودت الحرائق بحياة ثلاثة أشخاص وأحرقت أكثر من 1150 كيلومترًا مربعًا، فيما تكافح البرتغال المجاورة حرائق واسعة النطاق أيضًا. وتتوقع وكالة الأرصاد الإسبانية أن ترتفع درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية في بعض المناطق يوم الأحد. وأكدت فرجينيا باركونيس، المديرة العامة لخدمات الطوارئ، لقناة التلفزيون الإسبانية العامة أن درجات الحرارة قد تنخفض اعتبارًا من الثلاثاء، لكن الظروف الجوية الحالية «بالغة السوء».
مساعدات الاتحاد الأوروبي في الطريق
«طائرات الإطفاء تأتي من كل الجهات، لكنها لا تصل إلى هنا»، قال أحد السكان، باسيليو رودريغيز، لوكالة رويترز يوم السبت. وكانت إسبانيا تنتظر وصول طائرتي إغراق بالمياه هولنديتين لتلتحقا بطائرات من فرنسا وإيطاليا التي تساعد بالفعل بموجب اتفاقية تعاون أوروبي. وتوقعت باركونيس أن يصل رجال إطفاء من دول أخرى إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة.
تُظهر بيانات وزارة الداخلية أن 27 شخصًا اعتُقلوا و92 آخرين يخضعون للتحقيق بتهمة الاشتغال بإشعال الحرائق منذ يونيو/حزيران.
في البرتغال أحرقت الحرائقل نحو 1550 كيلومترًا مربعًا من الغطاء النباتي حتى الآن هذا العام، وفق بيانات أولية من معهد الحفاظ على الطبيعة والغابات — وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المتوسط لهذا الفصل الزمني في الفترة من 2006 إلى 2024، ونحو نصف هذه المساحة احترقت خلال الأيام الثلاثة الماضية فقط. ويكافح آلاف من رجال الإطفاء ثمانية حرائق كبيرة في وسط وشمال البرتغال، أكبرها قرب بيوداو، منطقة جبلية ذات مناظر خلابة وجاذبة للسياح. وفي ترانسوسو، شمالًا، يستعر حريق منذ ثمانية أيام، بينما أدى حريق أصغر إلى مقتل مقيم محلي يوم الجمعة — أول وفاة هذا الموسم.
من المتوقع أن تهدأ درجات الحرارة في البرتغال خلال الأيام المقبلة. وقد فُرضت حالة إنذار وطني بسبب الحرائق في الثاني من أغسطس/آب وكان من المقرر أن تنتهي الأحد، قبل وصول طائرتي إطفاء سويديتين بيوم واحد. وكما في إسبانيا، استنزفت الحرائق موارد البرتغال: فقد نشرت وكالة الحماية المدنية أكثر من 4000 رجل إطفاء و1300 مركبة و17 طائرة يوم الأحد.
حرائق أيضاً في تركيا
طلبت اليونان وبلغاريا والجبل الأسود وألبانيا مؤخرًا مساعدة قوة الإطفاء الأوروبية للتعامل مع حرائق الغابات، وقد نُشِطت القوة هذا العام بمعدل يضاهي ما جرى طوال موسم حرائق الصيف الماضي بأكمله.
في تركيا، التي أودت الحرائق الأخيرة فيها بحياة 19 شخصًا، أُخليت أجزاء من المنطقة التاريخية التي تضم مواقع تذكارية لحملة جاليبولي في الحرب العالمية الأولى يوم الأحد، بعد أن هددت النيران منازل في شمال غرب البلاد. وذكر محافظ تشانكالي عمر تورامان أن ست قرى أُخليت احترازيًا. وتقاتل نحو 1300 عنصر إطفاء مدعومين بـ30 طائرة للسيطرة على الحرائق، وفق الإدارة العامة للغابات. وضربت تركيا مئات الحرائق منذ أواخر يونيو بفعل موجات حرارة قياسية وجفاف ورياح قوية.
أظهرت بيانات خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ أن أوروبا ترتفع درجة حرارتها بمعدل يوازي ضعف متوسط الزيادة العالمي منذ ثمانينيات القرن الماضي. ويقول العلماء إن تغير المناخ يزيد من وتيرة وشدة موجات الحر والجفاف في أجزاء من القارة، مما يجعلها أكثر عرضة لاندلاع الحرائق وسرعة انتشارها.