اسرائيل تبذل جهوداً أخيرة لتعديل صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يتعلق بمرحلة لاحقة من خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي نُقّحت مؤخراً لتشمل إشارة إلى «مسار ذي مصداقية» نحو إقامة دولة فلسطينية.
أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزرائه يوم الأحد أن موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية «لم يتغير قيد أنملة»، وذلك قبل يوم واحد من تصويت المجلس على مشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة وينصّ على إقامة إدارة انتقالية وإرسال قوة تثبيت دولية إلى غزة.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية (كان) أن حكومة نتنياهو تقود مسعى دبلوماسياً في اللحظات الأخيرة لتعديل مسودة القرار، التي عدّلتها واشنطن بعد ضغوط من دول عربية وإسلامية متوقعة الإسهام بقوات للقوة الدولية، لإدراج لغة أكثر تحديداً بشأن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
تنص الصياغة المعدلة على أن «الظروف قد تتوافر لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية» بعد تنفيذ إصلاحات في مؤسسات السلطة الفلسطينية «بشكل أمين» وتقدّم جهود إعادة إعمار غزة.
واجهت خطة ترامب من إطلاقها انتقادات باعتبارها هامشت صوت الفلسطينيين وتطلعاتهم، رغم الضجيج الإعلامي والمراسم التي صاحبت الإعلان عنها.
في بيان مشترك صدر الجمعة، دعت ثمانية دول — قطر ومصر والإمارات والسعودية وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا — إلى «التبني السريع» لمسودة القرار أمام مجلس الأمن المكوّن من 15 دولة، فيما شدّد محتملو الإسهام بالقوة على ضرورة حصولهم على تفويض أممي للمشاركة.
من جانبها، أعلنت إسرائيل سابقاً أنها لن تقبل بوجود لتركيا على الأرض، رغم أن أنقرة كانت وسيطاً أساسياً في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة. وفي المقابل، واصلت تركيا انتقاداتها القوية لأعمال إسرائيل في غزة وأصدرت أخيراً مذكرات توقيف بتهمة «الإبادة» بحق نتنياهو ومسؤولين آخرين.
في الساعات التي سبقت تصويت حاسم متوقع أن ينال تسعة أصوات ويتعرض لاحتمال امتناع روسيا والصين، كثفت مقربون من نتنياهو ومسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية محادثاتهم مع نظرائهم الأمريكيين، وفق تقارير كان.
الضغط الداخلي على نتنياهو كبير: انسحاب أحزاب اليمين المتطرف من الحكومة بسبب خطة وقف إطلاق النار التي راهن عليها ترامب قد يُطيح بتحالفه اليميني قبل الانتخابات المقررة بحلول أكتوبر 2026. وفي محطة الأحد تباينت مواقف مسؤولي حكومته الذين أعلنوا رفض أي مقترح يدعم إقامة دولة فلسطينية.
كتب وزير الدفاع إسرائيل كاتس على منصة إكس أن «سياسة إسرائيل واضحة: لن تقام دولة فلسطينية»، وتبع ذلك وزير الخارجية جدعون ساعر الذي قال إن بلاده «لن توافق على قيام دولة إرهابية فلسطينية في قلب أرض إسرائيل». وصف وزير الأمن القومي المتطرف إيتامار بن غفير الهوية الفلسطينية بأنها «اختراع»، بينما حث وزير المالية المتشدد بيتزيليل سموتريتش، الداعم الرئيسي لحركة المستوطنين والمُدرَج على قوائم عقوبات دولية بتهم التحريض على العنف ضد الفلسطينيين، نتنياهو على اتخاذ خطوات حاسمة وواضحة تنهي أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية على أرض الوطن.
من جهة أخرى، يمنح مشروع القرار في مجلس الأمن الغطاء الدولي للمرحلة الثانية من خطة ترامب المكونة من عشرين بنداً، والتي أدت إلى وقف لإطلاق النار بعد حربين داميتين استمرتا عامين وأسفرتا عن مقتل قرابة 70 ألف فلسطيني. دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، لكنه تعرض لانتهاكات متكررة من قبل إسرائيل بهجمات شبه يومية أوقعت مئات القتلى.
وسادت مناورة دبلوماسية مكثفة قبيل التصويت، حيث عممت روسيا نص قرار مضاداً يختلف عن النسخة الأمريكية، ويتضمن لغة أقوى بشأن إقامة دولة فلسطينية ويشدّد على ضرورة أن تتصل الضفة الغربية وغزة لتشكلا دولة متصلة تحت سلطة السلطة الفلسطينية. وقالت بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة إن هدفها «تعديل المفهوم الأمريكي وإعادته إلى انسجامه مع قرارات المجلس السابقة».
وأضافت البعثة أن نصها «لا يتعارض مع المبادرة الأمريكية»، بل يقرّ «بجهود الوسطاء — الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا — التي بدونها لما كان وقف النار المنشود وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين ممكناً».