قصف الجيش اسرائيلياً ناطحة سحاب أخرى في مدينة غزة بعد أن وجه إنذاراً لسكان الفلسطينيين بإخلاء المباني وإلا «المواجهة بالموت»، في ظل حصار مستمر وأزمة مجاعة مفروضة على القطاع.
أدرجت القيادة العسكرية الإسرائيلية المزيد من الأبراج الشاهقة على خريطة الأهداف التي نشرتها السبت، وبعد وقت قصير من الإعلان قصفت برج السوسي المؤلف من 15 طابقاً، الواقع مقابل مبنى تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حي تل الهوا.
وقال هاني محمود مراسل الجزيرة في غزة إن «هذه الهجمات تثير ذعراً في صفوف الناس، خصوصاً بالنظر إلى الوقت الذي يُمنحون فيه للإخلاء. نصف ساعة أو ساعة ليست مدة كافية لفرار السكان من هذه المباني».
وزعمت القوات الإسرائيلية، من دون تقديم دلائل، أن المباني المستهدفة استُخدمت من قبل حركة حماس لجمع معلومات لمراقبة تحركات الجيش، وأن مجموعات مسلحة زرعت «أجهزة تفجير عديدة» وحفرت نفقاً في المنطقة.
ورفضت غرفة الإعلام الحكومي في غزة هذه الادعاءات واعتبرتها «جزءاً من سياسة ممنهجة للخداع تستخدمها الحتلال لتبرير استهداف المدنيين والبنى التحتية» ولإخراج الفلسطينيين قسرياً من منازلهم، مشيرة إلى أن نحو 90% من بنية غزة التحتية دُمّرت على يد إسرائيل.
كانت الأبنية المستهدفة قريبة من برج مشتة المكون من 12 طابقاً، الذي قُصف يوم الجمعة واتُلف تماماً، في إطار تحرك إسرائيلي للسيطرة على مدينة غزة وسط انتقادات دولية.
وقالت وزارة الصحة في القطاع إن ما لا يقل عن 68 فلسطينياً قتلوا و362 جريحاً في أنحاء قطاع غزة خلال اليوم الماضي، فيما شملت الأرقام 23 باحثاً عن مساعدات قُتلوا و143 جريحاً على يد القوات الإسرائيلية. وأضافت الوزارة أن ما لا يقل عن ستة فلسطينيين توفوا بسبب الجوع الناجم عن الحصار، ليصل إجمالي وفيات الجوع منذ ما يقارب العامين من الحرب إلى 382 قتيلاً بينهم 135 طفلاً.
ومنذ اندلاع الحرب على إثر هجمات قادتها حركة حماس على جنوبي إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أفادت السلطات بأن 64,368 فلسطينياً قُتلوا و162,367 جُرحوا نتيجة العمليات الإسرائيلية.
أعلنت إسرائيل منطقة «إنسانية» جديدة قرب الساحل وباشرت قصف المنطقة
أبلغت مصادر بمستشفى ناصر في خان يونس الجزيرة بأن ضربات جوية إسرائيلية استهدفت خيمة للمشردين في منطقة المواسي، ما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل وإصابة عدة آخرين. ورغم إعلان الجيش الإسرائيلي عن مناطق «آمنة» أو «إنسانية» في مراحل سابقة من الحرب، فقد تعرَّضت تلك المخيمات لهجمات متكررة راح ضحيتها مئات المدنيين النازحين.
وقبل ساعات من الغارات الأخيرة، أعلن الجيش إقامة منطقة مماثلة في المواسي على طول الساحل البحر الأبيض المتوسط لقطاع غزة، مدعياً أنها ستضم بنية تحتية مثل مستشفيات ميدانية وخطوط مياه ومحطات تحلية وإمدادات غذائية.
من دير البلح، قالت هند خضري مراسلة الجزيرة إن الفلسطينيين لا يثقون بمناطق «الإنسانية» المزعومة، فخيام مماثلة استُهدفت مرات عدة من قبل إسرائيل ولا مكان آمن حقيقياً.
وخيارات سكان مدينة غزة قليلة: البقاء يعني احتمال القتل، والمغادرة تنطوي على مخاطر الطريق وتكاليف مالية كبيرة لنقل الأمتعة والعيش جنوباً.
وأولئك الذين عادوا إلى منازلهم في حي الزيتون بعدما انسحبت القوات الإسرائيلية مؤخراً بعد أسابيع من العمليات البرية وجدوا أن كل ما يملكونه قد دُمّر. قال قيسيل كيشكو، أحد السكان، للجزيرة: «ما بنيناه خلال خمسين عاماً تهدّم في خمسة أيام. لا شيء بقي قائماً — لا مبانٍ ولا طرق ولا بنية تحتية. نمشي فوق أنقاض وأجساد أحبائنا».
قالت نهى تفيش إن من المستحيل إحياء أكبر مركز حضري في غزة: «بماذا سيعود الناس؟ لا شيء يعودون إليه».
كما وجد أحمد ريهِم منزله مدموماً بالكامل، وأضاف: «كأن حي الزيتون بأكمله تعرَّض لقنبلة نووية».