تتهيأ فرق متخصصة لتحديد هوية الرهائن القتلى، والوقوف على ملابسات الوفاة، ومساندة العائلات بكل دقة علمية وتعاطف إنساني.
تجري الآن عملية وطنية شاملة لتحديد الهوية: وزارة الصحة والمركز الوطني للطب الشرعي في أبو كبير أكدا إتمام الاستعدادات لاستلام الرفات المتعلقة بالرهائن المتوقع وصولهم إلى إسرائيل يوم الإثنين. هذه المهمة تُعد من أدق وأكثر العمليات تعقيداً في منظومة الصحة، إذ تمزج بين عملٍ علمي منهجي والتزام إنساني عميق تجاه الأسر والدولة.
المركز، برئاسة د. تشين كوغل، مكلف بتحديد الهوية والتحقيق في ظروف الوفاة وإعطاء اليقين للعائلات. يتم تنفيذ العمل بالتنسيق الوثيق مع قوات الدفاع، الحاخامية العسكرية، شرطة إسرائيل، ووزارة الخدمات الدينية.
تشارك عشرات التخصصات في المعهد: أطباء شرعيون، أنثروبولوجيون، أخصائيو تصوير وأشعة، فنيو مختبرات، خبراء DNA، وأطباء أسنان شرعيون، كلٌ يتولّى مرحلة محددة من عملية التحديد.
أكدت وزارة الصحة أن المعهد ظل يعمل باستمرار منذ اندلاع الحرب، وخلال العامين الماضيين ساهم في تحديد هوية أكثر من خمسين رهينة قُتِلوا أثناء الأسر. هذه الخبرة المتراكمة تمكّن الفرق من التحرك بسرعة ومهنية في الوقت الراهن مع الحفاظ على كرامة الإنسان وتقديم الدعم النفسي للأسر.
آلية العمل
سيجري التحديد وفق مراحل دقيقة ومتوافقة مع البروتوكولات الدولية المعتمدة. عند وصول الرفات تُجرى فحوصات تصوير مقطعي متقدمة لكامل الجسد لتحديد علامات مميزة مثل زراعات طبية أو كسور قديمة يمكن مقارنتها مع السجلات الطبية التي توفرها العائلات.
يتبع ذلك فحص طبي شرعي مفصّل يجريه اختصاصيون، يشمل توثيق العلامات الظاهرية، الوشوم، الندوب، والإصابات التي قد تكون قبل الموت أو بعده. كما تُجرى فحوصات أسنان بواسطة وحدات متطوعة من شرطة إسرائيل لمقارنة صور الأشعة والسجلات السابقة. قسم الأشعة الشرعية، بقيادة د. ألون كريسبين، سيُجري مقارنات إضافية باستخدام صور الأشعة والتصوير المقسَّط لتحديد معالم تشريحية مميزة.
تُؤخذ عينات لإجراء تحاليل جينية متقدمة في مختبر الأحياء بالمركز تحت إشراف د. نوريت بوبليل، حيث تُجرى تحليلات دقيقة وتقارن بعينات مرجعية مأخوذة من العائلات. الهدف الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من اليقين العلمي، وهو غالباً ما يتطلب جهداً تكاملياً بين تخصصات الوراثة، التشريح، الأنثروبولوجيا، والأشعة.
في الحالات الواضحة وحالما تسمح حالة الرفات، قد تُنجز عملية التحديد في ساعة ونصف تقريباً، أما الحالات المعقدة فقد تستغرق ساعات طويلة أو أياماً حتى يتحقق اليقين العلمي الكامل. بعد إتمام التحديد تُقدَّم النتائج للجهات المعنية في وزارة الصحة والهيئات الدفاعية، وتُبلَّغ العائلات شخصياً، وبعد ذلك تُسلَّم الجثامين للدفن وفق رغبات العائلات وإجراءات الجيش.
البعد الإنساني
المعهد شدّد على أن طواقمه ستبقى متاحة للعائلات بعد انتهاء إجراءات التحديد لشرح النتائج والإجابة عن الأسئلة، بهدف ضمان فهم تام من قبل عائلات الضحايا وإتاحة سبيل للإغلاق النفسي.
كما تطرقت الوزارة إلى البُعد النفسي لهذا الصدمة الوطنية، مشددة على أن حالة الغموض والتوتر المحيطة بعمليات التحديد تؤثر على المجتمع بأسره، ودعت إلى اليقظة لحالة الصحة النفسية للفرد والجماعة. التوصيات تشمل التضامن والدعم المتبادل بين الأقارب والأصدقاء، تجنّب مشاهدة فيديوهات أو شائعات مقلقة، والانخراط في أنشطة تعزز الصمود النفسي مثل قضاء الوقت مع الأحبة والمحافظة على الروتين اليومي.
حذّرت الوزارة أيضاً من تداول المعومات غير الصادرة عن مصادر رسمية، وناشدت الجمهور التصرف بمسؤولية وحساسية تجاه أسر المفجوعين والعائدين من الأسر. «نحمل جميعاً جراح الحزن والألم الغير مرئية، ومن المرجّح أن كثيرين من حولنا يتعاملون مع فقدان. كونوا متعاطفين، واسعوا لمساعدة المتألمين.»