إصابة العشرات وتعزيز أمني مكثف في كينيا خلال تأبين أودينغا قبل دفنه

شهدت مدينة كيسومو في غرب كينيا تزايدًا في أعداد الجرحى خلال العرض العام الأخير لجثمان رئيس الوزراء الأسبق والرمز السياسي رايلا أودينغا، بعدما تسبّبت اضطرابات سابقة بسقوط قتلى وإصابات في الأيام التي سبقت ذلك.

وقعت الإصابات يوم السبت داخل استاد جومو كينياتا الدولي، رغم نشر قوات عسكرية وشرطية واستخدام المراقبة الجوية ضمن تدابير احترازية تهدف إلى منع تكرار الحوادث الدموية والفوضوية التي شهدتها مراسم التأبين يومي الخميس والجمعة.

عالجت فرق الصليب الأحمر الكيني المئات من حالات الإغماء الناجمة عن الإرهاق والهلع، وقامت فرق الإسعاف بإخلاء المصابين مع تدافع الحشود داخل المكان. ونُقل جثمان أودينغا إلى مسقط رأسه في بوندو لدفنه يوم الأحد، في موكب جذَب عشرات الآلاف من أقصى المنطقة إلى أقصاها.

وُضِعت تلك الاحتياطات بعد أن أدت أعمال العنف والفوضى إلى مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص خلال مراسم للتأبين للقائد المعارض والرمز الوطني البالغ من العمر 80 عامًا، الذي انهار أثناء نزهة صباحية في ولاية كيرالا بالهند قبيل وفاته.

القى محافظ مقاطعة سيايا، جيمس أورينغو، نداءً لضبط النفس مع تهيئة الترتيبات لنقل الجثمان إلى بوندو، التي تبعد نحو ستين كيلومترًا غرب كيسومو، حيث شهدت الاضطرابات الأخيرة. وقال أورينغو لوسائل الإعلام المحلية: «أناشد الجمهور والمجتمع عامةً الحفاظ على السلم خلال هذه الفترة».

انقلب منظر العرض الأول إلى عنف دامٍ يوم الخميس، حين أطلقت قوات الأمن ذخائر وغاز مسيل للدموع في حشود كانت تتدافع صوب منصة عُرض عليها نعش أودينغا، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل داخل استاد بالعاصمة نيروبي. وفي اليوم التالي اجتاح الذعر المشيعين عند انتهاء جنازة رسمية أقيمت في موقع آخر بالعاصمة، مما تسبب في تدافع أودى بحياة شخصين إضافيين وأرسل 163 آخرين لتلقّي الرعاية الطبية.

يقرأ  أكثر من 200 موظف سابق في الشاباك يعارضون تعيين زيني

تميزت كل مراحل الحداد بحضور جماهيري هائل منذ عودة الجثمان إلى البلاد يوم الخميس، حيث سار أنصاره مسافة تقارب الثلاثين كيلومترًا من مطار نيروبي مرافِقين الجثمان في مسيرة جماهيرية مؤثرة. وقد احتشد عشرات الآلاف في مراسم الدولة يوم الجمعة، غنوا ورقصوا ولوحوا بالملايات احتفاءً بشخصية تناقلها الناس بمحبة تحت اسم «بابا» (والذي يعني بالأرفاق السواحلية الأب).

حضر مراسم التأبين مسؤولون كبار من بينهم الرئيس ويليام روتو والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في حين ناشد أقرباؤه الحضور التزام الهدوء والنظام خلال المراسم. وقال شقيقه أوبورو للمشيعين: «لا ينبغي أن يُلقى الغاز المسيل للدموع على رايلا وهو ميت؛ لقد تعرض له بما فيه الكفاية وهو على قيد الحياة».

من جهته، نعى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي كان أبوه كينيًا، أودينغا واصفًا إياه بـ«بطل حقيقي للديمقراطية» ومشيدًا بعقود من النضال والتضحيات من أجل الحرية والحكم الذاتي في كينيا، ومشيدًا باستعداده لاختيار طريق المصالحة السلمية دون التنازل عن مبادئه الأساسية.

لم يَبلغ أودينغا منصب الرئاسة رغم خمس محاولات امتدت لثلاثة عقود، لكنه أثر بعمق في مسار التطور الديمقراطي في كينيا أكثر من كثيرين تولوا هذا المنصب، مما أثار موجة حزن واسعة على الصعيد الوطني وفي أنحاء أفريقيا. وقد كان له دور محوري في إعادة البلاد إلى نظام التعدد الحزبي في تسعينيات القرن الماضي، وقاد تمرير دستور عام 2010 الذي أعاد توزيع السلطات بعيدًا عن مركزية السلطة التنفيذية.

أضف تعليق