أُفرِج عن الناشط الحقوقي المصري‑البريطاني البارز علاء عبد الفتاح بعد أن قضى معظم اثنتي عشرة سنة الماضية في السجن، وفقًا لما أعلنت أسرته، وذلك بعد يوم واحد من صدور عفو رئاسي من الرئيس عبد الفتاح السيسى شملَه وخمسة معتقلين آخرين.
قالت والدته، ليلى سويف، منذ منزلها في الجيزة في وقت مبكر من صباح الثلاثاء وهي تقف إلى جانب ابنها محاطة بأفراد العائلة والأصدقاء المبتهجين: «لا أستطيع وصف ما أشعر به». وأضافت: «نحن بالطبع فرحون، لكن فرحتنا الأكبر ستكون حين لا يكون هناك سجناء سياسيون في مصر».
لقد أصبح احتجازه الطويل وإضراباته المتكررة عن الطعام رمزًا لمأساة التراجع الديمقراطي في البلاد، الأمر الذي دفع بالدعوات الدولية إلى مطالبة الحكومة المصرية بالإفراج عنه.
تعرّض للاعتقال قبل ثورة الربيع العربي التي أطاحت بحسني مبارك عام 2011 وخلال سنوات الاضطراب التي تلتها، لكن نقده لممارسات القمع ضد المعارضين السياسيين بعد تولي قائد الجيش آنذاك عبد الفتاح السيسي السلطة في 2014 كان السبب في فترات سجنه الأطول على الإطلاق.
في 2014 حُكم عليه بالسجن 15 سنة بتهمة التظاهر دون تصريح. أفرِج عنه مؤقتًا عام 2019 ووُضِع تحت المراقبة، لكنه اعتُقل مجددًا في نهاية ذلك العام وحُكم عليه بخمس سنوات إضافية.
نشر أصدقاء العائلة وأنصارها على منصات التواصل الاجتماعي صورًا له بعد الإفراج، تُظهِر علاء مبتسمًا وهو يعانق والدته وأقاربًا آخرين.
ظهر علاء وسط عائلته لدى عودته إلى المنزل في الجيزة، حيث استقبلته والدته ليلى وشقيقته سناء، فيما تفاعل عدد كبير من المؤيدين مع الخبر على وسائل الإعلام.
احتفت شقيقته منى سيف بالإفراج على حسابها بالقول: «العالم ملان كوابيس وظلم وعنف وحاجات تكسر القلب.. لكن ممكن ناخد نفس وندّي الفرصة للفرح يدخل قلوبنا.. ونكمل الطريق». وفي منشور منفصل دعت: «يا رب نفس الفرحة لأهل كل المعتقلين». وأضافت متسائلةً عن مقدار الجمال والسرور الذي كان سيملأ العالم لو تحقق ذلك في لحظة واحدة.
رحلة اعتقاله الطويلة باتت مأساة وطنية تُبرز هشاشة المسارات الديمقراطية في مصر، كما رأت منظمات ومراقبون دوليون.
رحبت وزيرة خارجية المملكة المتحدة يفيت كوبر بخبر العفو قائلةً: «أرحب بقوة بأخبار حصول علاء عبد الفتاح على عفو رئاسي». وأضافت أنها ممتنة للرئيس السيسي وتتطلع إلى تمكن علاء من العودة إلى المملكة المتحدة والالتئام مع أسرته.
حصل علاء على الجنسية البريطانية عبر والدته عام 2021، وينحدر من أسرة معروفة بالعمل المدني والنضال السياسي التي أطلقت حملات عديدة من أجل إطلاق سراحه.
التقت والدته برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في وقت سابق هذا العام لمناصرة إطلاق سراحه، وتصاعد تحركها في سبتمبر 2024 حين توقعت خروج ابنها بسبب احتسابه لمدد الحبس الاحتياطي، فخاضت إضرابًا طويلًا عن الطعام في المملكة المتحدة انتهى بعد تدهور وضعها الصحي واستجابةً لنداءات العائلة.
تعهد ستارمر ببذل كل ما في وسعه لتأمين الإفراج عنه، فيما خاض علاء بدوره سلسلة إضرابات عن الطعام خلال حبسه، كان آخرها في أوائل سبتمبر، احتجاجًا على سجنه وتضامنًا مع والدته. وأكثر إضراباته خطورة كان في 2022 أثناء استضافة مصر لقمة المناخ التابعة للأمم المتحدة في شرم الشيخ، حيث فقد وعيه وأعيد إلى الحالة الطبيعية عبر تقديم محاليل.
ورحّب المجلس القومي لحقوق الإنسان، الهيئة الممولة من الدولة، بالإفراج معتبرًا أنه مؤشر على تركيز متزايد لدى السلطات المصرية على تحقيق العدالة بسرعة.