إعادة رسم الدوائر في كاليفورنيا: الديمقراطيون يصعِّدون المعركة ضد ترامب

سانتا باربرا، كاليفورنيا — في ظهيرة سبت دافئة بمدينة جوليتا، خرجت المتطوعة المحلية أوبري لوغو تمشي على رصيف سكني وهي تحمل مجموعة منشورات في يدها.

كانت تلك أول مرة تلتحق فيها بحملة طرق الأبواب لصالح حملة سياسية، لكنها شعرت بأنّ عليها المشاركة في الجهود لتمرير المبادرة الانتخابية رقم 50. وهي تنظر إلى البيوت المزيّنة بزينة الهالووين وتقول: «الأمر يبدو وكأنه حالة طارئة. نحاول مقاومة تلاعبٍ بالديمقراطية».

المقترح 50 مطروح على بطاقات الاقتراع في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر في كاليفورنيا، ونجاحه أو فشله قد ينعكس على الانتخابات أبعد من 2025. يمنح المقترح الناخبين خيارًا واضحًا: الموافقة أم الرفض على خريطة دوائر الكونغرس الجديدة التي صممت لتمنح الحزب الديمقراطي خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب الأمريكي.

يقول المدافعون إن التحرك ضروري لمواجهة محاولات مشابهة يقودها الجمهوريون في ولايات أخرى. بينما يحذر المعارضون من أن المقترح سيحرم الجمهوريين في كاليفورنيا من صوت فعّال في الكونغرس. كلا الطرفين يؤطّران حملاتهما على أنها معركة للحفاظ على الديمقراطية وتحقيق تمثيل عادل.

نتيجة التصويت يوم الثلاثاء مرشحة لأن يكون لها أثر كبير على انتخابات التجديد النصفي 2026، حيث تتنافس الأطراف على السيطرة على مجلس النواب. الحزب الجمهوري بقيادة ترامب يملك حاليًا أغلبية ضئيلة، وبينما تُعد الانتخابات القادمة استفتاءً ضمنيًا على فترة رئاسيته المحتملة الثانية، فقد دفع ترامب بنفسه إلى اعتماد خرائط انتخابية حزبية في معاقل جمهورية مثل تكساس للحفاظ على الأكثرية.

جذب المقترح انتباهًا قوميًا واسعًا، إذ انتقد ترامب التصويت واصفًا إياه بـ«غير النزيه»، في حين أيده سلفه الديمقراطي باراك أوباما واعتبر له أهمية واسعة: «هذا التصويت سيترك آثارًا حاسمة، ليس فقط في كاليفورنيا بل في كل بلدنا».

استجابة لتكساس

أعلن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم في منتصف آب/أغسطس أن المقترح سيُعرض على الناخبين، مشددًا على أن الديمقراطيين لا يستطيعون أن «ينسحبوا أحاديًا» بينما تسعى ولايات جمهورية إلى رسم دوائر حزبية. قال نيوسوم: «نطلب من الناخبين موافقتهم لإجراء إعادة تقاسم الدوائر في 2026 و2028 و2030 استجابة لما يحدث في تكساس».

يقرأ  التتبُّع الرقمي: مفتاح تحويل أسواق السلع في أفريقيا

جاءت تكساس كمصدر إلهام للمقترح. إذ ظهرت تقارير في حزيران/يونيو تفيد بأن إدارة ترامب مارست ضغوطًا بهدوء على سياسيين في الولاية الجنوبية لإعادة رسم دوائر الكونغرس تمهيدًا لانتخابات التجديد النصفي الحاسمة عام 2026. كل دائرة تنتخب ممثلها للكونغرس، والهوامش في مجلس النواب ضيقة إلى درجة أن بضعة أصوات قد تقرر مصير مشروع قانون.

يملك الجمهوريون حاليًا أغلبية ضئيلة تصل إلى 219 مقعدًا، بفارق ستة مقاعد فقط عن الديمقراطيين. خوفًا من مكاسب ديمقراطية في التجديد النصفي، مرّر المجلس التشريعي الذي يهيمن عليه الجمهوريون في تكساس خريطة جديدة للدوائر مصممة لتقليل أصوات الديمقراطيين وزيادة مقاعد الجمهوريين. ولايات محافظة أخرى مثل نورث كارولاينا وميسوري تحرّكت أيضًا في اتجاه مماثل.

يرى كثيرون في مبادرة كاليفورنيا اختبارًا لمدى استعداد الديمقراطيين للرد على سعي ترامب لإعادة تشكيل المشهد الانتخابي، حتى لو استلزم ذلك استخدام أساليب قد يرفضونها عادة. قال دوغ ألارد، مقيم في جوليتا وعمره 77 عامًا، وصوّت لصالح المقترح: «إذا لم ترد الولايات الديمقراطية على ما فعلته تكساس، فستنسخ بقيّة الولايات الجمهورية نفس الأسلوب».

تعليق عمل اللجنة غير الحزبية؟

في كاليفورنيا، لا يمكن للمجلس التشريعي ببساطة أن يصوّت على خريطة جديدة للكونغرس. ففي انتخابات 2010، فوض الناخبون مهمة رسم الخرائط إلى هيئة غير حزبية تُعرف بلجنة إعادة تقسيم الدوائر للمواطنين، التي كانت تعمل على وضع خرائط تراعي التمثيل النسبي.

لا يقضي مقترح نوفمبر على وجود هذه اللجنة، لكنه يقترح تعليق عملها حتى عام 2030 واستبدال الخريطة القائمة بخريطة جديدة يرسمها المجلس التشريعي. والنتيجة المحتملة ستكون انتخاب عدد أقل بكثير من الجمهوريين في الكونغرس عن كاليفورنيا.

قال صاموئيل وانغ، مدير مشروع برينستون لمكافحة التلاعب بالدوائر: «كان لدى كاليفورنيا تسع دوائر في الانتخابات الأخيرة حسمت بفارق أقل من سبع نقاط. تقديراتنا تُظهر أنه، إذا مرّ المقترح 50، فستتبقى دائرة واحدة فقط تشتمل على هذا القرب في النتيجة».

يقرأ  حريق ضخم يلتهم مستودع في ريد هوك— تُدمر عشرات استوديوهات الفنانين

ركّز مؤيدو المقترح على طابع التغيير المؤقت: ستستأنف اللجنة غير الحزبية عملها بعد خمس سنوات. كما قال نيوسوم إن كاليفورنيا ستتخلى عن المقترح إذا تبنته تكساس أيضًا مع خريطتها الحزبية. ويشير المؤيدون أيضًا إلى أن ناخبي كاليفورنيا سيحصلون على الفرصة ليتخذوا قرارًا بشأن اعتماد الخريطة التشريعية الجديدة أم لا، وهو أمر لم يحدث في تكساس، ومن شأن هذه التحفّظات أن تجذب ناخبيين قد يرون التلاعب بالدوائر كممارسة مناقضة للديمقراطية. روّجت كاليفورنيا في السابق للهيئة المستقلة بوصفها نموذجاً لنزاهة إعادة رسم الدوائر الانتخابية.
النائب الجمهوري في جمعية الولاية كارل ديمايو يتحدّث إلى حضور تجمع «لا لاقتراح 50» في ريدينغ بولاية كاليفورنيا بتاريخ 21 أكتوبر [غودو فريدو أ. فاسكيز/أسوشييتد برس]

صراع على المستوى الوطني

حملات إعلانية بمشاركة شخصيات وطنية مثل أوباما والنائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز سعت كذلك لطمأنة الناخبين، وصوّرت مقترح 50 كحاجز ضروري أمام محاولة الجمهوريين للاستحواذ على السلطة.
قالت أوكاسيو-كورتيز إن «مقترح 50 يعيد توازن القوى ويعيد السلطة إلى الناس»، مؤكدة أن التصويت هو جزء من «النضال من أجل الديمقراطية في جميع الولايات الخمسين».

لكنّ المعارضين يخشون أن يمنح التعديل السياسيين على مستوى الولايات وعلى المستوى الوطني سلطة التلاعب بحدود الدوائر لضمان أغلبية على حساب ناخبين فرديين.

يرى خبراء مثل وانغ أن ناخبي كاليفورنيا يواجهون مقايضة: المقترح يجسّد توتراً بين حماية التمثيل العادل على المستوى المحلي مقابل المستوى الفدرالي.
قال وانغ: «لا فائدة من وجود ممثّل منتخب بشكل عادل عن دائرتك إذا كانت اللعبة مُرتّبة بحيث تُحجَم السياسات التي تؤيدها على المستوى الوطني.»
لاحظ أن كثيراً من النقاشات المحيطة بمقترح 50 تتناول قضايا سياسية وطنية، وأن مؤيدي المقترح متّحدون إلى حدّ كبير في معارضة سياسات ترمب.
«يبدو لي أن الناخبين ينظرون إلى هذه القضية من خلال منظار وطني»، أضاف وانغ.

أوبري لوغو تطرق الأبواب دعماً لمقترح 50 في جوليتا، كاليفورنيا، بتاريخ 25 أكتوبر [براين أوسغود/الجزيرة]

يقرأ  لقاء ترامب وبوتين يُؤجَّل — صحيفة نيويورك تايمز

تصعيد بالمقابل

أعرب بعض المنتقدين عن القلق من مخاطر تصعيد التكتيكات بالمقابل بين الديمقراطيين والجمهوريين بشكل متزايد.
من أبرز الأصوات الداعية إلى رفض مقترح 50 الحاكم السابق للجمهورية أرنولد شوارزينيغر، الذي شارك طويلاً في جهود مكافحة التلاعب بالدوائر الانتخابية.
قال شوارزينيغر في مقابلة تلفزيونية حديثة: «هناك حرب تدور في جميع أنحاء الوليات المتحدة. من سيغش الآخر أكثر؟»
أضاف: «بدأت تكساس ذلك. فعلوا شيئاً خاطئاً فادحاً. ثم فجأة تقول كاليفورنيا: ‘حسناً، إذن علينا أن نفعل شيئاً خاطئاً أيضاً.’ والآن بدأت ولايات أخرى تقفز على الخط».

اقترح وانغ أن مساراً لتخفيف حدة الصراع على إعادة رسم الخرائط هو إقرار إصلاحات غير حزبية على مستوى وطني، تمنع كل ولاية على حدة من رسم خرائط تميل لتفضيل حزب على آخر.
«هناك أدلة وافرة على أن اللجان المستقلة ترسم خرائط أكثر عدلاً من المجالس التشريعية»، قال وانغ.

سبق للنواب الديمقراطيين أن اقترحوا تشريعات تجعل إعادة رسم الدوائر ممارسة وطنية غير حزبية، لكن تلك الجهود لم تحظَ بدعم جمهوري، وارتفاع التوترات قد يجعل مثل هذا المسعى أقل احتمالاً في مناخنا السياسي الحالي.

في وقت سابق من هذا الأسبوع أعلن إدارة ترمب أنها سترسل مسؤولين اتحاديين إلى كاليفورنيا لـ«مراقبة» انتخابات الرابع من نوفمبر بحثاً عن مخالفات. وصف الحاكم نيوزوم الإعلان بأنه عمل من أعمال ترهيب الناخبين يهدف إلى تقليص الإقبال وزعزعة الثقة بالنتائج.

لترمب تاريخ طويل في الترويج بشدّة لنظريات المؤامرة عن «انتخابات مزوّرة»، لا سيما بشأن خسارته في انتخابات 2020. استُخدمت تلك الخطابات لتبرير سلسلة من المحاولات العدائية للطعن في نتائج الاقتراع.

أعطى ناخبون مثل هانك، وهو مقيم في كاليفورنيا يبلغ من العمر 77 عاماً وطلب عدم نشر اسمه الكامل، إجراءات إدارة ترمب سبباً للتصويت بـ«نعم» على مقترح 50.
قال هانك: «لا يمكننا السماح للاتجاه الحالي أن يهيمن. ولايات أخرى تقوم بإعادة رسم الدوائر لصالحها، وبلدنا يمر بأزمة كبيرة. همّي يمتد إلى المستوى الوطني.»

أضف تعليق