ستيفن ماكدونيل — مراسل في الصين
العلماء الصينيون يخوضون معركة لحماية أحد آخر الثدييات الكبيرة المتبقية في نهر اليانغتسى، وحظر الصيد الشامل في المنطقة صار عاملَ مساعدةٍ حاسمًا في جهودهم.
في معهد علم الأحياء المائي في ووهان، على بُعد نحو خمسة كيلومترات من ضفتي النهر، تقف هياكل محنطة لصِنفَيّ دلافين الأنهار المنقرضة (البايجي) والأسماك المجدافية خلف زجاج العرض، كذكريات قاتمة لما فقده النظام البيئي.
«الآن وقد انقرضت تلك الأنواع، سنُنقذ خنزير البحر عديم الزعانف لليانغتسى» يقول البروفيسور وانغ شي لهيئة الإذاعة البريطانية. «لقد أصبح هذا الحيوان الأهم هنا».
توفي آخر بايجي معروف في عام 2002 بعد أن اعتنى به الباحثون في المعهد لمدة اثنين وعشرين عامًا. وفي العام التالي أُصيب آخر سمك مجدافي معروف بصيدٍ عَرَضيّ، رغم أنه وُسِم بجهاز تتبع راديوي وأُطلق سراحه، لكنه اختفى نهائيًا.
الهدف الراهن هو أن لا تتعرض خنازير البحر عديمة الزعانف — التي يُقدّر عددها بنحو 1200 فرد في البرية — لنفس المصير.
يرى البروفيسور وانغ أن هذه الخنازير البحرية تمثل المفترس الأعلى المتبقي في النهر: «إن قلت أعدادها فذلك يعكس تدهور صحة النظام البيئي بأكمله».
مفهوم وقف الصيد الشامل اقترحه البروفيسور تساو ونشوان من الأكاديمية الصينية للعلوم عام 2006، لكن الضغوط العلمية المستمرة هي التي أدت إلى تطبيق حظر كامل لمدة عشر سنوات قبل نحو خمس سنوات. يُنفذ هذا الحظر بمساعدة الشرطة، وينطوي على عقوبات قد تصل إلى السجن للذين يُضبطون وهم يصطادون في مجرى اليانغتسى أو في البحيرات والرافدات المتصلة به. كان لذلك أثرٌ اجتماعي كبير، إذ فقد نحو 220 ألف صياد مصدر رزقهم.
مع ذلك، تبقى خنازير البحر عديمة الزعانف في حالة خطر بالغ. بعضها يُحتجز في المعهد لأغراض البحث تحت إشراف الأكاديمية الصينية للعلوم؛ ويمكن للزوار مراقبتها عن قرب من خلال سطوح المراقبة أو من داخل منطقة مشاهدة أسفل خزان عميق. يخبر الباحثون أنها تفرح بزيارة البشر وتستعرض مهارتها بالسباحة السريعة محاذية للزجاج، وكأنها تبتسم بمكرّ حين تمر بجانب المشاهدين.
أما في البرية، فهي ما زالت تتشبث بالبقاء حيث فشلت أنواع أخرى. بناء السد الرئيسي لخزانات السدود الثلاثة عام 2006 لم يؤثر مباشرة على تكاثر خنازير البحر لأنّها لا تهاجر صعودًا للتكاثر، لكنه أثّر على الأسماك التي تعتمد عليها كغذاء، وخصوصًا على أنواعٍ كبيرة كالسلمون النهري والستيرجين والأسماك المجدافية التي تدهورت مواطن تكاثرها.
وانغ دينغ، المختص بالحيتانيات لدى الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، كرّس حياته للحفاظ على صحة اليانغتسى. هو يلحظ الإيجابيات والسلبيات للسدود ويستعيد صورة الماضي: «في مواسم الفيضانات كنا نُشكّل فرقًا من الرجال لأيام على ضفاف النهر لندافع عن السدود الترابية، خوفًا من انهيارها جراء الماء الهائج». اليوم، كما يقول، يخفف سد الثلاثة أخطار الفيضانات، لكن في المقابل يمنع الأسماك العملاقة من الوصول إلى مناطق التوالد، فتُعاد إلى النهر بكثافات صناعية — عشرات الآلاف في كل دفعة — لأنها لم تعد تتكاثر ذاتيًا في البرية.
بالرغم من إطلاق أكثر من مليون سمكة مستَنسَخة في اليانغتسى مؤخرًا، باءت محاولات استعادة سلالاتها بالفشل لأن الصيد البري والتغيرات البيئية منعاها من التكاثر بحرية.
يأمل البروفيسور وانغ وزملاؤه أن يستمر حظر الصيد بعد انتهاء مدته الأصلية. أبحاثهم المنشورة في نشرة الأكاديمية الصينية للعلوم تسجل زيادة دراماتيكية في أعداد الأسماك منذ بدء الحظر في 2021، ما يعزز فرص الغذاء أمام الخنازير البحرية.
تهديد آخر أصعب من محلوله هو الضجيج تحت الماء الناجم عن حركة السفن: «السفن خطيرة على أدمغة الحيوانات لأنها تصدر صوتًا عاليًا» كما يشير وانغ شي. الضوضاء البحرية هذه تخلّف تلوّثًا صوتيًا يقلق الكائنات ويعوق تواصلها الصوتي — وقد يكون عاملاً في اختفاء البايجي الذي اعتمد في اتصالاته على السونار. لكن وقف حركة الملاحة النشطة نهائيًا يبدو أمراً شبه مستحيل، فهي تنقل الركاب والبضائع وتشكّل شريانًا أساسياً لاقتصاد وسط الصين.
على صعيد آخر، كان من الأسهل نسبياً نقل المصانع الكيميائية بعيدًا عن مجرى النهر: آلاف المصانع أُغلقت أو نُقلت في العقد الماضي، وتحسن بذلك مستوى مياه النهر إلى حد ملحوظ. كما أن المجتمع المحلي شارك بفاعلية في جهود الحماية: يروي يانغ هي، المصوّر الهاوٍ الذي صار يقضي أيامه على ضفاف النهر لالتقاط صور الخنازير البحرية، أنه بلغ السلطات ذات مرة عن خنزير بحر عالق بشبكة فتم إغلاق ذاك المقطع من النهر مؤقتًا إلى أن نجا الحيوان، الذي تبين لاحقًا أنه حامِل — تجربة جعلته يشعر بفرح بالغ.
الأرقام تروي القصة الأوضح: في تسعينيات القرن الماضي كان هناك نحو 3300 خنزير بحر عديم الزعانف في البرية، ونصف هذا العدد اختفى بحلول 2006. بعد تطبيق حظر الصيد ونقل المصانع، توقفت حالة الانحدار، وفي سجلات السنوات الخمس الأخيرة ارتفعت أعداد الخنازير بنحو رُبع. هذه الزيادة تمنح العلماء شعورًا بالفخر والأمل، لأنها مؤشر قوي على تحسن الصحة البيئية الشاملة.
«نحن ننقذ الخنزير عديم الزعانف لننقذ نهر اليانغتسى» يقول وانغ دينغ. «هو بمثابة مرآة كبرى تُظهر لنا مدى نجاح إجراءاتنا في حماية هذا النظام البيئي.»
المهم الآن المحافظة على المكاسب وتحويل هذه الإجراءات المؤقتة إلى سياسات مستدامة تضمن استعادة النهر وما يعيش فيه الى حالة صحية مستقرة — فحياة ملايين البشر والكائنات تعتمد على ذلك. الان جهد يجب أن يستمر، والنتائج المبشرة تحفز على الاستمرار.