اتهامات لاذعة متبادلة بين روسيا وأوكرانيا والحرب تُطغِي على مساعي السلام

أعلنت روسيا عن نية تشديد موقفها التفاوضي في المحادثات الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد اتهام كييف بمحاولة مهاجمة إحدى مقرات رئاسة الجمهورية في نوفغورود — اتهامات تنفيها أوكرانيا وتصفها موسكو بأنها مسوغات لمزيد من العدوان. التصعيد الكلامي واستبدال الاتهامات المتبادلة ساد المشهد بينما تظل جهود التوصل إلى سلام هشة وغير مستقرة.

المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، قال للصحفيين إن الهجوم المزعوم بالطائرات من دون طيار استهدف تعطيل المباحثات الدبلوماسية الأخيرة لوقف القتال، موضحًا أن «هذا الفعل الإرهابي موجه لنسف عملية التفاوض»، وأن الجيش الروسي «يعلم متى وكيف سيفعلونن» رداً على ذلك. وأضاف أن العاقبة الدبلوماسية ستكون تشديد الموقف التفاوضي لروسيا.

موسكو زعمت أيضاً يوم الاثنين أن مقر بوتين في نوفغورود تعرّض لهجوم بـ91 طائرة من دون طيار طويلة المدى أُسقطت جميعها بواسطة منظومات الدفاع الجوي، ولم يقتل أو يُصاب أحد. ولم تضف وزارة الدفاع الروسية سوى بيان مقتضب أكد إسقاط 91 طائرة وهي في طريقها إلى مقر بوتين الذي يبعد نحو 360 كيلومتراً شمال موسكو.

من جهتها، نفت أوكرانيا وقوع أي هجوم واعتبرت الاتهامات «ادعاءات كاذبة» تهدف لتقويض فرصة التوصل إلى اتفاق سلام. وكتب وزير الخارجية الأوكراني أندريي سيبيها على منصة «إكس» أن موسكو لم تقدم أي دليل مقنع يدعم مزاعمها، وأضاف: «لن تقدم لأنه لا يوجد دليل. لم يحدث أي هجوم من هذا القبيل». ووصف سجل روسيا بما سماه «سجلًا طويلاً من الادعاءات الكاذبة» ومارستها للتشويش واتهام الآخرين بأفعال تُخطط لها هي نفسها.

تزايدت الانتقادات الأوكرانية أيضاً بسبب بيانات دول مثل الإمارات والهند وباكستان التي أبدت قلقها من حادثة — بحسب ما قالت — لم تقع في الواقع، ما استدعى استياءً أوكرانياً. فيما رفض بيسكوف مطالبات الإعلام الغربي وكييف بنفي الحادث وسمّها «محاولات مجنونة» لنفي ما حصل، دون تقديم موسكو أي صور لحطام أو أدلة مستقلة تثبت وقوع الضربات.

يقرأ  الحكم بالسجن المؤبدعلى أكثر المجرمين الجنسيين نشاطًا على الإنترنت في كوريا الجنوبية

في سياق آخر، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يقود مبادرة الوساطة للسلام، أنه أُبلغ بالهجوم المزعوم خلال مكالمة هاتفية مع بوتين وأنه «غاضب جدًا» تجاه ما تم إبلاغه به، معربًا عن نيته التحقق مما إذا كانت هناك أدلة على حدوث الحادث.

وعلى هامش النقاشات، التقى قادة أوروبيون وكنديون لبحث تحريك مسار السلام. وبعد المحادثات، كتب المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن المجموعة «تُحرّك عملية السلام إلى الأمام» وأن الشفافية والصدق مطلوبة من الجميع ومن روسيا على وجه الخصوص. وقال رئيس وزراء بولندا دونالد توسك إن السلام قد يتحقق في غضون أسابيع، وإن هناك مؤشرات تبعث على الأمل، لكن النتائج ليست مضمونة تماماً. وحثّ على اجتماع عاجل في يناير لاتخاذ قرارات حول مستقبل أوكرانيا وهذه المنطقة.

تبقى مسألة تنازل كييف عن أراض في دونباس حجر عثرة أساسيًا؛ روسيا تطالب بسحب قوات أوكرانية من أجزاء من إقليم الدونباس التي لم تتمكن موسكو من احتلالها خلال سنوات القتال الأربع تقريبًا، بينما تصر كييف على وقف القتال عند خطوط الجبهة الحالية وتُرجّح واشنطن إنشاء منطقة اقتصادية حرة إذا سحبت أوكرانيا قواتها. الرئيس زيلينسكي أصرّ أن أوكرانيا لن تتخلى عن أراضيها وأن الدستور الأوكراني يمنع ذلك.

في تطور موازٍ، أفادت كييف بأن روسيا نفذت هجمات على بنى تحتية في إقليم أوديسا، مستهدفة سفينة مدنية ترفع علم بنما محمّلة بالحبوب وخزانات وقود في مينائي بيفديني وتشورنومورسك، وهما مرفآن حيويان لتجارة أوكرانيا الخارجية واقتصادها الحربي. نائب رئيس الوزراء أوليكسي كوليبا قال على تيليغرام إن الهجوم ألحق أضرارًا بسفينة مدنية وأصاب خزاناً نفطياً وأوقع جريحًا واحدًا، واعتبر أن الهدف استهداف الموانئ المدنية لتعطيل اللوجستيات وعرقلة الشحن.

رغم ذلك، واصل المرفآن عملهما، بحسب المسؤولين الأوكرانيين، بينما أمرت كييف بإجلاء مئات السكان من 14 مستوطنة في إقليم تشيرنيهيف الشمالي، القريب من الحدود مع بيلاروس المتحالفة مع موسكو، بعد تعرضها لقصف روسي يومي بحسب أوكرانيا.

يقرأ  برشلونة ينتصر على غوادالاخارا ويتأهل من الدور الرابع لكأس الملك — أخبار كرة القدم

الخلاصة: بينما تتبادل موسكو وكييف الاتهامات والإنكار، يبقى مسار السلام هشًا، وتزداد الضغوط الدولية لتقديم أدلة وشفافية، في وقت تتصاعد فيه العمليات العسكرية على الأرض والبحر وتتعقد مسألة الأراضي كعقبة مركزية أمام أي تسوية.

أضف تعليق