احتجاجات دامية واشتباكات في سوريا — ماذا حدث وما التالي؟ أخبار الاحتجاجات

شهدت المناطق الساحلية السورية موجة احتجاجات جديدة اتسمت بطابع طائفي متصاعد منذ الإطاحة بنظام بشار الاسد قبل نحو عام، ما أعاد تسليط الضوء على هشاشة السلم الأهلي في بلد أنهكته أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية.

ما الذي أشعل الاحتجاجات؟
تفجّر الغضب الشعبي بعد استهداف مسجد العلويين في حي وادي الذهب بحمص خلال صلاة الجمعة، حيث تبنّت جماعة صغيرة تعرف باسم سرايا أنصار السنة التفجير، معلنة أن هدفها كان استهداف أفراد الطائفة العلوية. سبق للجماعة نفسها أن تبنت تفجيراً انتحارياً استهدف كنيسة بدمشق في يونيو، وأسفر عن سقوط عشرات القتلى. هذا الاعتداء تزامن مع موجة مظاهرات طالب خلالها العلويون بضمانات أمنية وإصلاحات سياسية رداً على ما وصفوه بتصاعد الاعتداءات الممنهجة ضد أفراد مجتمعهم.

من يقود الاحتجاجات؟
تصاعدت الدعوات إلى التظاهر بعد تحرّكات زعّم قيادي علوي مقيم خارج البلاد أنه رائد فيها؛ يتزعّم مجلساً عرف باسم “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا وفي الخارج” وناشد أتباعه المطالبة بالنظام الفدرالي السياسي الذي يتيح للصناطق المحلية اشتراكاً أكبر في صنع القرار وتحديد مصائرها. المتظاهرون طالبوا أيضاً بمزيد من الحماية لمجتمعهم ومحاسبة مرتكبي الهجمات على المدنيين وضمانات سياسية واضحة.

طبيعة المواجهات ومسرحها
شهدت مدن الساحل—لا سيما اللاذقية وطرطوس وبانياس—اشتباكات بين متظاهرين علويين ومجموعات مناوئة تؤيد الحكومة الانتقالية الجديدة. أفاد مراسلون بوقوع رشق بالحجارة، وإطلاق نار باتجاه قوات الأمن عند دوار الأزهري في اللاذقية، فيما ألقيت قنبلة يدوية على مركز شرطة الأنزة في بانياس، ما أسفر عن إصابات بين عناصر الأمن. ردّت وزارة الدفاع بنشر وحدات عسكرية في مراكز هذه المدن، مشيرة إلى تدخلها بعد هجمات وصفتها بـ”الجماعات الخارجة عن القانون” التي استهدفت المدنيين وأفراد الأمن.

يقرأ  بولندا تنشر طائرات في أجوائها تحسبًا لهجمات طائرات مسيّرة من مناطق قريبة في أوكرانيا

الخسائر والإصابات
أفادت وكالة الأنباء الرسمية عن سقوط قتلى وجرحى، حيث تحدثت تقارير أولية عن سقوط أربعة قتلى ومئات الجرحى في اللاذقية جراء اشتباكات وتعرضات متنوعة (طعن ورشق وحوادث إطلاق نار). في وقت لاحق، أعلنت وزارة الداخلية مقتل أحد عناصرها وإصابة آخرين في تبادل للعنف، وأُصيب عنصران شرطيتان في طرطوس إثر رمي قنبلة على مركز الشرطة.

من هم العلويون؟
العلويون طائفة دينية تُشكّل ثاني أكبر مجموعة بعد السنة في سوريا، ويُقدّر حضورهم بنحو عشرة بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 23 مليون نسمة. لعب أفراد الطائفة دوراً بارزاً في الأجهزة الأمنية والعسكرية خلال حكم الأسد منذ عام 2000، ونتيجة لذلك ارتبطت مواقع النفوذ والسلطة بصورة مركزة بهذه المجموعة. منذ سقوط النظام، تفجّرت توترات طائفية متكررة على الساحل، وكانت حوادث الاغتيال والانتقام الجماعي من بين أبرز مظاهرها.

سياق أوسع للصراع
هذه الاحتجاجات ليست الحادث الأول من نوعها؛ فقد شهدت المنطقة الساحلية سابقاً موجات عنف أعقبها اتهامات بعمليات إعدام ميدانية راح ضحيتها الآلاف خلال أيام من المواجهات، وخلصت لجنة تحقيق حكومية إلى أن نحو 1,400 شخص قتلوا في موجة عنف سابقة. وعلى صعيد آخر اندلعت صراعات بين دروز وبدو سُنة في السويداء جنوبي البلاد، وتعقّدت الأوضاع حين تدخلت قوى إقليمية بعمليات جوية طالت أهدافاً في دمشق، وهو ما زاد من حساسية المشهد الداخلي وشكّل عاملاً إضافياً في تفاقم انعدام الثقة بين المكونات.

هل تستطيع الحكومة الحفاظ على السلم؟
شدّد الرئيس المؤقت أحمد الشراع على ضرورة الحفاظ على “الوحدة الوطنية والسلام الداخلي”، مشيراً إلى أن الجيل الجديد لم يتعرف بعد جيداً على جيرانه نتيجة إرث سياسات النظام السابق. لكن قدرة الحكومة الانتقالية على فرض سيطرة مركزية موحدة تبدو محدودة: المطالب المتزايدة باللامركزية والفدرلة، خاصة من أقليات تخشى تهميشها، تعكس هشاشة ثقة المجتمعات بالمؤسسات المركزية. فشل عملية دمج مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في إطار الحكومة الجديدة رغم اتفاق مارس يشير إلى أن ثغرات الثقة لا تزال عميقة، وهو ما يبقي البلاد محكومة بدائرة من الشك المتبادل والخوف من العنف المتجدد.

يقرأ  إعصار «كالمايجي» يقترب من فيتنام بعد مقتل ١١٤ شخصًا في الفلبين — أخبار الطقس

خلاصة
الاحتجاجات الحالية على الساحل السوري ليست احتجاجات عابرة، بل بؤر تعبير عن مخاوف مجتمعية متجذرة. إن ما إذا كانت السلطات قادرة على احتواء التصعيد وبناء ثقة متبادلة بين المكونات يبقى السؤال المحوري الذي يحدد مسار الاستقرار السياسي والاجتماعي في سوريا خلال الأشهر المقبلة. لا يوحد نصّ لإعادة صياغته أو ترجمتة.

أضف تعليق