ارتفاع جديد في انبعاثات الوقود الأحفوري

مارك بوينتينغ — مراسل شؤون المناخ
مات مكغراث — المراسل البيئي

تُظهر بيانات جديدة أن حرق العالم للوقود الأحفوري سيطلق هذا العام كميات غير مسبوقة من ثاني أكسيد الكربون المُساهِمة في احتباس الحرارة العالمية. وهذه إشارة إضافية إلى أن جهود خفض الانبعاثات تسير ببطء يفوق بكثير ما هو مطلوب لتحقيق الأهداف الدولية، فيما يجتمع ممثلو الدول في البرازيل لحوار الأمم المتحدة للمناخ (COP30).

مع ذلك، نما الانبعاسات بوتيرة أبطأ بكثير خلال العقد الماضي مع انطلاق متسارع لمصادر الطاقة المتجددة، ما يبعث بالأمل في إمكان تقييد اتجاه الاحترار العالمي. وتحليل منفصل لمركز الأبحاث في الطاقة النظيفة “إمبر” يشير إلى أن استخدام الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء قد استقر تقريباً في 2025، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى النمو السريع للطاقة الشمسية.

هذا يدعم الفكرة القائلة بأن الانبعاثات العالمية قد تكون اقترقت من ذروتها — رغم صعوبة تحديد توقيت ذلك بدقة. تقديرات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لعام 2025 لا تزال عرضة للتعديل لأن العام لم ينتهِ بعد، لكنها ترسم صورة مختلطة. إذ تتوقع مجموعة “الميزانية الكربونية العالمية” — التي تضم أكثر من 130 عالماً من 21 دولة — أن تنمو انبعاثات الوقود الأحفوري والإسمنت مرة أخرى إلى نحو 38.1 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، بارتفاع يقارب 1.1% عن 2024.

في المقابل، من المتوقع أن تكون انبعاسات تغيّر استخدام الأراضي — مثل إزالة الغابات الدائمة — أقل هذا العام من العام الماضي. ويرجع ذلك أساساً إلى انتهاء ظاهرة النينيا الطبيعية التي كانت تساهم في تسريع خسائر الغابات، وهو امتداد لاتجاه طويل الأمد. وبالنتيجة، من المتوقع أن تصل الانبعاسات الكلية الناجمة عن جميع الأنشطة البشرية إلى نحو 42.2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في 2025، بانخفاض طفيف عن 42.4 مليار طن في 2024.

يقرأ  إسرائيل تستهدف فرق الطوارئ أثناء محاولتها إنقاذ المحاصرين في مدينة غزة

يكمن الوضوح في أن وتيرة نمو الانبعاثات تباطأت على مدى العقد الماضي — إلى نحو 0.3% سنوياً مقارنةً بـ1.9% سنوياً في العقد الذي سبقه. وعلى مدار عشر سنوات، خفضت 35 دولة انبعاثاتها من الوقود الأحفوري بينما نمت اقتصاداتها في الوقت نفسه، ما يقرب من ضعف عدد الدول التي فعلت ذلك في العقد السابق.

تقول كورين لو كوير، أستاذة علم تغيّر المناخ بجامعة إيست أنغليا: “لم نبلغ بعد نقطة الانخفاض في الانبعاثات بالوتيرة المطلوبة لمواجهة تغيّر المناخ، لكن هنالك في الوقت نفسه تطوّرات إيجابية كثيرة”. وأضافت أن تباطؤ النمو في الانبعاثات يعود إلى “ذلك النمو الاستثنائي في مصادر الطاقة المتجددة في الصين وأماكن أخرى”.

تتضح آثار ازدهار المتجددة خصوصاً في قطاع الكهرباء. فحسب “إمبر”، من المتوقع أن يستقر أو ينخفض قليلاً توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري هذا العام — وهو ما لم يحدث منذ جائحة كوفيد-19. وما يميّز هذا العام، بحسب المركز، أن ذلك التوقف وقع على الرغم من زيادة حادة في الطلب على الكهرباء، وليس نتيجة ركود اقتصادي؛ وقد استُوفِي الطلب الإضافي في أغلبه من طاقة الرياح وخاصة الطاقة الشمسية.

يقول نيكولا فولغوم، محلل بيانات أول في “إمبر”: “عشنا قروناً اعتمدت فيها الاقتصادات على الوقود الأحفوري للنمو، وخلال العقد الماضي تغيّر ذلك للمرة الأولى”. وأضاف: “تنمو الطاقة الشمسية بوتيرة قياسية، أسرع من أي مصدر كهربائي في التاريخ”.

أهمية ما يحدث في قطاع الطاقة الكهربائية تكمن في أنه القطاع الأكبر مسبباً للانبعاثات، ومن المتوقع أن يزداد تأثيره مع تزايد انتشار السيارات الكهربائية ومضخات التدفئة والتقنيات الأخرى. “ما يحدث في قطاع الكهرباء له تأثير مضاعف على الانبعاثات العالمية”، كما أوضح فولغوم.

تثق “إمبر” بأن انبعاثات استخدام الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء قد بلغت مستوى استقرار وربما تبدأ في الانخفاض الدائم خلال سنوات قليلة. وتتوافق هذه الرسالة مع تقرير الوكالة الدولية للطاقة، الذي أفاد بأن انبعاثات الكربون من أنظمة الطاقة — وليس الكهرباء فحسب — قد تبلغ ذروتها خلال السنوات القليلة المقبلة وفق السياسات المعلنة حالياً. ورغم عدم اليقين بشأن التوقيت الدقيق للذروة، فإن بلوغها سيمثل لحظة فارقة في مواجهة تغيّر المناخ.

يقرأ  أوكرانيا تتسلم منظومات «باتريوت» لتعزيز دفاعاتها الجوية ضد روسيا — أخبار الحرب الروسية الأوكرانية

إلا أن بلوغ الذروة لن يوقف الاحترار فوراً، لأن الدول ستستمر في إضافة CO2 إلى الغلاف الجوي، وإن كان بمعدل أبطأ. يوضح البروفيسور بيير فريدلينغشتاين، رئيس قسم النمذجة الرياضية للأنظمة المناخية بجامعة إكستر: “طالما نحن نُصدر CO2 سيستمر الاحترار… ولإيقاف الاحترار الإضافي علينا أن نصل بصافي الانبعاثات إلى الصفر”.

ويقدّم تحليل آخر صدر تزامناً مع COP30 قراءة واقعية: يرى فريق “مؤشر رصد العمل المناخي” أن الاحترار قد يبلغ نحو 2.6°C فوق مستويات ما قبل الصناعة بحلول نهاية القرن إذا ما استمرت السياسات الحالية — رقم لم يتغير تقريباً خلال السنوات القليلة الماضية. يقول الدكتور بيل هير من الفريق: “من الواضح أننا لم نَنَلْ فرصة أفضل من هذه للقيام بالإصلاحات، وبينما من الواضح أيضاً أننا في حالة أسوأ من أي وقت مضى”. وأضاف: “إنها معضلة شيطانية: الأمور قد تسير نحو الأسوأ إذا غادرنا هذا المؤتمر دون اتخاذ الإجراءات المناسبة وترسيخ اعتمادنا على الغاز والنفط الأحفوري، وسندفع حتماً نحو ارتفاع يتراوح بين 2.5°C و3°C. ومن ناحية أخرى، هناك فرصة لبذل العكس تماماً والبناء على زخم التكنولوجيات”. الرجاء تزويدي بالنص المراد إعادة صياغته وترجمته إلى العربية.

أضف تعليق