استطلاعات في المملكة المتحدة تكشف تراجعاً حاداً في شعبية ستارمر هل يستطيع الصمود لعام آخر؟

لندن، المملكة المتحدة — إلى أي مدى يواجه كير ستارمر أزمة؟ وكم من الوقت يمتلك رئيس الوزراء لتدارك الأوضاع؟

غرابة أنّ مثل هذه الأسئلة تُطرح بهذه الجدية بعد أقل من عام على فوز ساحق. في يوليو 2024 قاد ستارمر حزب العمال إلى انتصار كبير؛ أصبح حزب العمال الحزب الأكبر بكثير في مجلس العموم بـ411 مقعداً، وأغلبية مقدارها 174 مقعداً. تلك أرقام كانت تُفسَّر على أنها تمنح ستارمر وحزبه فرصة لا تقل عن ولايتين — أي نحو عقد من الزمن — لترجمة رؤيته للمملكة المتحدة بعد أربعة عشر عاماً من حكم المحافظين.

لكن المشهد تبدّل سريعاً: استطلاعات للرأي تضع حزب «ريفورم» المتمرد، الذي كان يُنظر إليه سابقاً كحزب احتجاج، في موقع يتيح له الفوز في الانتخابات المقبلة، مستفيداً من تصاعد الغضب حول الاقتصاد والهجرة. استطلاع MRP لصحيفة الصنْداي تايمز الذي نُشر مؤخراً قد صنّف ستارمر كأقل رؤساء الوزراء شعبية على الإطلاق.

وفي ظل تحركات رئيس بلدية مانشستر آندي بورنهام التي توحي برغبة في الترشّح للقيادة، ثمة احتمال جدي بأن يُستبدل ستارمر قبل الانتخابات المقبلة، المقررة في 2029 ما لم يقرّر من يتولى المنصب الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

أحد الناخبين الذين صوّتوا للعمال، المعلم المتقاعد كريس فرانسيس، قال للجزيرة: «أهم وعد قطعه كان التغيير. كان ذلك شعار حملته حرفياً. ومع ذلك لم يتغيّر الكثير. الأجور ترتفع أسرع من التضخم، لكن الكثير من الناس لا يشعرون بذلك. لا أقول إنه أسوأ رئيس وزراء على الإطلاق — لكنه أخفق في إدارة توقعات الناخبين قبل الانتخابات».

تحديات ستارمر تتوزّع إلى ثلاث فئات رئيسية: تحديات عملية، ضعف في الانطباع العام، وفضائح. الفضائح تتعلق بالضرائب التي قد يكون هو ونائبته السابقة أنجيلا راينر قد دفعوها أو لم يدفعوها على ممتلكات. شراء ستارمر لحقل صغير قرب منزل والديه بمبلغ 20 ألف جنيه استرليني بهدف إبقائه مأوى للحمير، وبيعه لاحقاً بما يقارب 300 ألف جنيه، أثار تساؤلات حول ما إذا كان قد تجنّب دفع ضرائب؛ هو ينفي ذلك لكن الصورة ظلت ضبابية. بمفردها قد تبدو القضية تافهة، لكنها تتماشى مع سردية أكبر: الرجل، المحامي الناجح، كان يُتوقع أن يحمل معه سلوكاً قانونياً وأخلاقياً متميّزاً إلى رئاسة الحكومة.

يقرأ  هل سيغرق إيفو موراليس آمال اليسار في السباق الرئاسي البوليفي؟

بدلاً من ذلك، بدا وكأنه يكافح لشرح القانون أو طرح رؤية واضحة لمَن انتخبه. عملياً، فقد حزب العمال ثقة مجتمع الأعمال الذي سعى لكسبه قبل الانتخابات. على وجه الخصوص، زيادة في مساهمات التأمين الوطني التي تدفعها الشركات عن موظفيها أدت إلى تسريحات للعمال، خصوصاً في قطاع الضيافة المتراجع أصلاً. ونتيجة لذلك يرتفع معدل البطالة بينما تتقلّص أعداد الشواغر.

بعض المراقبين وصفوا شعبية ستارمر بأنها «متدهورة بلا هوادة». جيمس كراوتش من مؤسسة الاستطلاعات أوبينيوم قال إن فترة رئاسته قد تكون «مصابة بجروح قاتلة». وأضاف أن مستوى السخط هذا غير مسبوق إلى درجة أننا شبه نسينا كيف بلغت الأمور هذه المرحلة.

أكبر تحدٍ يواجهه هو الهجرة غير الموثقة، وهي مشكلة تعثّرت أمام حكومات متعاقبة. ومع وعود عديدة لبناء مزيد من المساكن، تقدّم العمل كان بطيئاً؛ الآن يعلن الحزب عن هدف لبناء 1.5 مليون مسكن بحلول 2029، فيما تظهر الأرقام انخفاضاً قياسياً في موافقات التخطيط هذا العام.

إلى جانب ذلك، يبدو ستارمر في وضع يصعب عليه أن يجذب أي قاعدة على نحو مكتفٍ: لأعضاء حزبه إنه ليس يسارياً بما يكفي؛ أما بالنسبة لقطاع الأعمال فهُو يسير في اتجاه يساري مقلق؛ وللرجل في الشارع فهو لم يسيطر بعد على ملف الهجرة غير النظامية، الذي أسهم في صعود غير متوقع لحزب ريفورم بزعامة نايجل فاراج. فاراج مقتنع بأنه سيتولّى رئاسة الوزراء القادمة، ولأسباب وجيهة؛ استطلاعات للرأي تضع ريفورم متقدماً بفارق يصل إلى 12 نقطة على العمال.

في الجانب الاقتصادي، حذّر جيمس بنتلي، مدير في شركة فاينانشال ماركتس أونلاين، من أن ثقة الأعمال ما تزال ضعيفة على الرغم من دفعة استثمارية بالإعلان عن صفقات استثمارية أميركية بقيمة نحو 150 مليار جنيه استرليني التي أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس الأميركي. وقال إن المؤشرات الاقتصادية القاتمة تثير ذعراً متصاعداً خلف أبواب داونينغ ستريت؛ الإنتاج الصناعي يتقلّص الآن بأسرع وتيرة منذ مارس، والطلب على السلع البريطانية ضعُف محلياً وخارجياً. وفي الوقت نفسه يواجه أصحاب العمل ضغوطاً على الأجور، ما يجعل مزيج الهوامش المضغوطة وتراجع الطلب ساماً للاقتصاد الصناعي.

يقرأ  المملكة المتحدة توافق على دفع تعويضاتللكينيين المتضررين من النيران العسكرية

يرى محللون سياسيون أن حزب العمال دخل السلطة غير مستعدّ فعلياً للحكم: كان لديه خطة للفوز بالانتخابات وليس لخطة مفصّلة للحكم. وسردية سلبية تهيمنت، حتى في مجالات قد لا تكون المواقف فيها عادلة تماماً، لأن العمال فشل في إيصال رسالته بوضوح. بالمقارنة مع دول أوروبية أخرى، الاقتصاد البريطاني ليس الأسوأ، والغضب بشأن الهجرة ليس ظاهرة فريدة من نوعها.

قال جايلز كينينغهام من شركة ترافالجار ستراتيجي الاستشارية في لندن: «[ستارمر] لا تساعده حقيقة وجود خليفة واضح في آندي بورنهام. ما ضده أنه فاز نتيجة انهيار المحافظين لا نتيجة نهضة عمالية. هذا ما نراه الآن. لم يكن هناك تعريف واضح إلى أين يتجه؛ لم تكن هناك قصة كبيرة يتم بيعها. يحتاج إلى شيء يوحّد الناس، إلى هدف مشترك. وما لا يوجد هنا هو تعريف لما يُسمى بـ«ستارمرية»».

الوضوح الوحيد أن صبر الرأي العام على وعود ستارمر بالتغيير يوشك على النفاد. في مقال له في الفاينانشال تايمز نوه ريك هيثورنثويت، رئيس بنك ناتويست، بأن هذه فترة صعبة لأي سياسي. القادة لا يملكون وقتاً لفرض إطار عمل ثابت؛ النظام السياسي يتصدع؛ وفكرة أن فاراج قد يحقق أغلبية لم تعد أمراً مستهجناً.

ملاحظة صغيرة: بالرغم من كل ذلك، تبقى المعادلات قابلة للتبدّل — السياسة البريطانية ما تزال ساحة متقلبة، والنتائج غير محسومة حتى تجرى الانتخابات. يرجى تزويدي بالنص المراد ترجمته وإعادة صياغته؛ النص المرسل سابقًا كان فارغًا.

أضف تعليق