تونس — اعتقالات جديدة وحكم استئنافي يعمّق أزمنة التوتر السياسي
أُلقي القبض على القيادي السياسي البارز عياشي الحمّامي في منزله لتنفيذ حكم بالسجن لمدة خمس سنوات، بعدما أيدت محكمة الاستئناف في تونس أحكاماً صدرت ضد عشرات من خصوم إدارة الرئيس قيس سعيّد بتهم متعلقة بالتآمر ضد أمن الدولة.
في قرار صادر الأسبوع الماضي، أكدت المحكمه أحكاماً بالسجن تتراوح مددها بين أربع وخمس وأربعين سنة طالت قيادات معارضة وشخصيات أعمال ومحامين اتهموا بالمشاركة في مخطط للإطاحة بالرئاسة، في سياق تشديد متواصل من قبل السلطة على الأصوات المنتقدة منذ سنوات.
نشر أقارب الحمّامي مقطعاً مصوراً على صفحته في فيسبوك قال فيه: «إذا كنتم تشاهدون هذا الفيديوفقد تم توقيفي»، وذكر أنه شغل منصب وزير حقوق الإنسان عام 2020. وعبّر عن عزمه تحويل زنزانته إلى «جبهة نضال» ونيته الدخول في إضراب عن الطعام.
يأتي اعتقاله بعد توقيف الناشطة شيماء عيسى الأسبوع الماضي خلال احتجاج في تونس لتطبيق حكم بالسجن جرى إصداره في نفس القضية، والذي يصل مدته إلى عشرين عاماً.
شملت الحملة القضائية نحو أربعين شخصاً من بينهم مسؤولون سابقون ورئيس جهاز المخابرات السابق كمال غيزاني، بحسب ما ورد. وتؤكد قيادات المعارضة أن التهم — ومنها محاولة تقويض استقرار البلد والإطاحة بالحكومة — ملفّقة ومفبركة بهدف قمع المعارضين عبر آليات القضاء، معتبرين ذلك دلالة على تصاعد التعسف والسلطوية في البلاد.
من المتوقع على نطاق واسع أن تُنفّذ قوات الأمن أيضاً قرار توقيف نجيب الشابي، رئيس جبهة الإنقاذ الوطني، التي تُعد التحالف الأساسي المعارض لسعيّد، بعد أن صدرت بحقه عقوبة بالسجن لمدة اثني عشر عاماً.
الحكم شَمِل عشرين متهماً هاربين ومُثّلوا أمام المحكمة غيابياً، في ما وصفه محللون بأنه واحد من أوسع الإجراءات القضائية السياسية في تونس في الآونة الأخيرة.
رغم نفي سعيّد التدخّل في عمل القضاء، فقد قال عند إطلاق التحقيقات في 2023 إن القضاة الذين يبرِّئون المتهمين سيُعدّون شركاء في الجريمة، وهو تصريح أثار قلقاً واسعاً حول استقلالية المحاكم.
أدانت منظمات حقوقية دولية الأحكام؛ وطالبت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية بإلغاء الأحكام فوراً معتبرةً أنها ذات دوافع سياسية. ووصفت سارة حشّاش، نائبة مديرة فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو، قرار محكمة الاستئناف بتأييد الإدانة في «قضية التآمر» بأنه «إدانة صارخة لمنظومة العدالة التونسية»، مشيرةً إلى التجاوزات المتكررة لحقوق المحاكمة العادلة منذ اليوم الأول للقضية.
تجدر الإشارة إلى أن سعيّد علّق عمل البرلمان في يوليو 2021 فيما وصفه خصومه بـ«انقلاب»، ثم حكم بمرسوم، وأُدرجت كثير من صلاحياته لاحقاً في دستور جديد أُقرّ في استفتاء عام 2022 قاطعته شرائح واسعة من المعارضة. وفي ذات العام أُسنِدَت للسلطات قوانين تُجرّم «الأخبار الكاذبة» استُخدمت لاحقاً للاعتقال والتضييق على إعلاميين ونشطاء ومحامين منتقدين.
لم يُظهر سعيّد أي بوادر للتراجع عن حملته ضد الخصوم السياسيين، التي شملت سجناً لعدد من الشخصيات البارزة من طيف سياسي واسع، من بينهم جوهر بن مبارك المؤسس المشارك للتحالف الرئيسي للمعارضة، عصام الشابي زعيم حزب الجمهورية، راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة والمتحدث البرلماني السابق، ورؤساء حكومات سابقون أمثال علي العريض، وزعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.