الأمم المتحدة: إسرائيل تطمح للسيطرة الدائمة على غزة وتأمين أغلبية يهودية في الضفة الغربية

تقرير أممي: تدمير ممنهج للحياة المدنية في غزة ونوايا واضحة لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية

أصدرت لجنة تحقيق الأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة تقريرًا جديدًا افتتح به اجتماع الجمعية العامة هذا العام، ترى فيه أن القوات الإسرائيلية أقدمت منذ أكتوبر 2023 على تدمير منهجي للحياة المدنية في قطاع غزة، مع إظهار «نية واضحة» لتهجير الفلسطينيين قسرًا من الضفة الغربية المحتلة، ما يقضي عمليًا على أي أفق لدولة فلسطينية مستقبلية.

يستعرض التقرير خططًا إسرائيلية تقضي بتدمير سبل العيش في غزا وتوسيع الاستيطان غير القانوني في الأراضي المحتلة، مشيرًا إلى هدم بنى تحتية مدنية، ونقل قسري متكرر للسكان داخل القطاع، وإطاحة بمرافق أساسية مثل آبار المياه ومحطات ضخ الصرف ومحطات المعالجة، إلى جانب تدمير مؤسسات تعليمية ومساجد ومقابر.

ويشير التقرير إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة قد أودت حتى الآن بحياة ما لا يقل عن 65,382 شخصًا وأصابت 166,985 آخرين منذ أكتوبر 2023، مع آلاف يعتقد أنهم مدفونون تحت الأنقاض. وفي يوم واحد فقط ارتفعت وتيرة الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة غزة بينما تقدمت القوات البرية في جنوب المدينة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 29 فلسطينيًا في أنحاء القطاع.

اندلعت الحرب الإسرائيلية بعد هجوم قادته حماس في 7 أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1,139 شخصًا. من بين نحو 200 محتجزًا أخذوا آنذاك، لا يزال حوالي 48 محتجزًا في غزة، ويُعتقد أن 20 منهم على الأقل لا يزالون أحياءً. وبعد استمرار الحرب لما يقرب من عامين، خلص تحقيق أممي سابق الشهر الماضي إلى أن الأعمال في غزة ترقى إلى مستوى ابادة جماعية، وهو ما اعتبره نشطاء لحظة مفصلية ووصفوا الحرب بأنها ثأرية بلا أهداف محددة.

يقرأ  نزاع إعادة ترسيم الدوائر في تكساس: ما أسبابه وكيف ردّت كاليفورنيا؟أخبار الانتخابات

ويؤكد التقرير أن إسرائيل ألغت بشكل أحادي الاتفاق على وقف إطلاق النار في 18 مارس واستأنفت سلسلة غارات جوية مكثفة، مع فرض حصار شامل على المساعدات أدى إلى مجاعة ووفيات جوع في القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون شخص أغلبهم نزحوا قسرًا بفعل الحرب.

ويوضح التقرير أن الدمار الشامل في غزة خلق وضعًا يستحيل معه عودة الفلسطينيين إلى منازلهم، مما يمهد الطريق أمام اقتراحات إسرائيلية تشجع على «الهجرة الطوعية» إلى دول أخرى — تعبير تضعه اللجنة في سياق سياسات قد ترقى إلى جريمة نقل قسري وترحيل للسكان الفلسطينيين إذا نُفذت فعليًا. كما تشير اللجنة إلى مقترحات أخرى مثل إنشاء «مدينة إنسانية» كحجة لتسريع تهجير السكان.

ويواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوة ضمنيًا إلى ما تسمّيه الحكومة «الهجرة الطوعية» للفلسطينيين من غزة، وهو وصف تُعدّه اللجنة مسيّغًا لسياسات التهجير والتطهير العرقي. وفي تطور قانوني، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي مذكّرة توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهم جرائم حرب.

ورداً على التقرير، قالت البعثة الإسرائيلية لدى جنيف إن «حماس تحمل نوايا إبادة تجاه إسرائيل» واتهمت التقرير بتقديم وقائع معكوسة، واصفة عمل اللجنة بأنه ذو دوافع سياسية. وقد سخّرت إسرائيل مصطلح «معاداة إسرائيل» ضد الأمم المتحدة دون تقديم أدلة، بينما تُظهر الأرقام مقتل ما لا يقل عن 373 من موظفي الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين في ضربات إسرائيلية.

الحياة في الضفة الغربية المحتلة

وسلّط التقرير الضوء أيضًا على سياسات إسرائيل في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين، مشيرًا إلى أن الإجراءات والتنفيذ منذ أكتوبر 2023 يعبّران عن نية واضحة لتهجير الفلسطينيين قسرًا، وتوسيع الوجود المدني الإسرائيلي وضم الأراضي بشكل فعلي عبر الاستيطان، ما يقوّض أي إمكانية لتحقيق تقرير المصير أو قيام دولة فلسطينية ويحافظ على احتلال دائم.

يقرأ  رئيس وزراء نيبال يعين ثلاثة وزراء جدد بينما تستعد الحكومة المؤقتة لإجراء انتخابات جديدة في مارس

ومنذ انطلاق الحرب على غزة، شُنّت حملة قمع واسعة في الضفة أسفرت عن مقتل أكثر من ألف فلسطيني واعتقال نحو 18,000 خلال 23 شهرًا، في تصاعد لعنف المستوطنين والجيش كان قد بلغ مستويات غير مسبوقة حتى قبل هجوم 7 أكتوبر. واحتجزت قوات إسرائيلية مطلع الشهر الجاري أكثر من مئة فلسطيني في عمليات دهم بمدينة طولكرم بينما تستمر في توسيع المستوطنات على أراض فلسطينية.

ويفتخر نتنياهو علنًا برغباته في منع قيام دولة فلسطينية، مرددًا أن «هذا المكان لنا» وأن وعده بمنع إقامة دولة فلسطينية سيُنفذ، بما في ذلك عبر توقيع اتفاقيات لتوسيع مستوطنات تجعل قيام دولة فلسطينية مستقبلية شبه مستحيل. وقد تباهى أيضًا بإحباط عملية أوسلو عام 1993، التي دعت لتجميد الاستيطان الذي تُعتبره الأمم المتحدة قانونيًا غير مشروع.

خاتمة وتوصيات اللجنة

اختتمت اللجنة تقريرها بالدعوة إلى أن تضع الحكومة الإسرائيلية فورًا حدًا لما وصفته بالإبادة في غزة، وأن تعترف وتضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتمكينه من إقامة دولته. التقرير يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حازمة لوقف الانتهاكات وضمان المساءلة.

أضف تعليق