هدنة هشة تستمر في الصمود
دعت الأمم المتحدة القوات العسكرية الأفغانية والباكستانية إلى إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم، بعد دخول هدنة مدتها 48 ساعة حيز التنفيذ عقب أيام من المواجهات الحدودية التي أودت بحياة العشرات وأصابت أكثر من مئة شخص. أبدت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (أوناما) ترحيبها بالإعلان عن الهدنة، وحثت جميع الأطراف «على إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم لحماية المدنيين ومنع المزيد من فقدان الأرواح».
كما طالبت البعثة كل من أفغانستان وباكستان بالامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي «لمنع سقوط المزيد من الضحايا المدنيين».
انفجرت المواجهات الدامية الأسبوع الماضي بعدما شنت باكستان ضربات على أهداف داخل أفغانستان، شملت ضربات في العاصمة كابل. وكانت باكستان تطالب إدارة طالبان الأفغانية بالتحرك لكبح الجماعات المسلحة التي كثفت هجماتها على أراضيها، زاعمة أن هذه المجموعات تنطلق من ملاذات داخل أفغانستان. ورداً على ذلك، شنت قوات أفغانية هجمات على جنود باكستانيين متهمة إياهم بانتهاك سيادتها.
من جهتهم، اتهمت حركة طالبان الجيش الباكستاني بنشر معلومات مضللة حول أفغانستان، وبإثارة التوترات الحدودية، وبإيواء مجموعات مرتبطة بتنظيم داعش بغرض زعزعة استقرار وسيادة البلاد.
في تصريح يوم الخميس، قال كريم الله زبير آغا، مدير الصحة العامة في سبين بولدك، إن الاشتباكات على طول المناطق الحدودية أودت بحياة 40 مدنياً قبيل دخول الهدنة حيز التنفيذ. وأضاف للمصدر الإعلامي أن «لدينا 170 مصاباً و40 قتيلاً، جميعهم من المدنيين».
وصفت المواجهات على الحدود المتقلبة والمطوّقة بالنزاع الأسوأ بين البلدين منذ استيلاء طالبان على كابل عام 2021 عقب انسحاب الولايات المتحدة. وفي بيانها الأخير قالت أوناما إنها تلقت «تقارير موثوقة عن سقوط ضحايا مدنيين بكثافة»، من بينهم نساء وأطفال، وذلك قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ مباشرةً.
وأوضحت البعثة أن معظم الخسائر كانت في منطقة سبين بولدك في قندهار، مؤكدة مقتل 17 مدنياً على الأقل وإصابة ما يصل إلى 346 شخصاً آخرين.
من جهتها، قالت القوات المسلحة الباكستانية إنها أحبطت محاولة شنها عناصر يشتبه بانتمائهم إلى طالبان باكستانية لاستغلال الهدنة ومهاجمة قوات حكوميه في إقليم خيبر بختونخوا، وزعمت مقتل عشرات من مقاتلي طالبان الباكستانية المعروفة اختصاراً بـTTP.
ترحيل محفوف بالمخاطر للاجئين الأفغان؟
بينما استمرت الهدنة الهشة صباح الخميس، أصدرت باكستان أوامر بإغلاق مخيمات اللاجئين الأفغان داخل حدودها. وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن «قلق عميق» إزاء القرار الذي قد يسلب العديد من الأفغان صفة اللاجئ.
من حدود طورخم، أفاد مراسل الجزيرة كمال حيدر بأن الناس «يقولون إنهم عاشوا هنا لعقود وأن سبل رزقهم مهددة»، مشيراً إلى مطالبة الأفغان بـ«عودة كريمة» إلى وطنهم. وأضاف أن هناك ما يُقدَّر بنحو مليوني لاجئ أفغاني فرّوا إلى باكستان خلال الحروب السابقة، وأن أمر إجلائهم خلال سبعة أيام قد يطلق أزمة لاجئين هائلة ويضع كثيرين في مأزق شديد.
حتى الآن يترقب السكان على طول الحدود تمديد الهدنة خارج الإطار الزمني المعلن (48 ساعة)، لكن الرجل على الأرض يصف الوضع بأنه صعب للغاية ولا يشي بكيفية تحقيق ذلك عملياً. وقال حيدر: «الجميع ما زال يأمل أن تنتهي الصراع وأن تتمكن الدولتان من حل القضايا الأساسية»، في إشارة إلى رغبة السكان في حل سياسي يضع حداً لمعاناة المدنيين والمقيمين على الحد.