دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار في إقليم دارفور بالسودان، بعد أن أدى هجوم بطائرة مُسيّرة يوم الجمعة إلى مقتل أكثر من سبعين مصلّياً في مدينة الفاشر، معبِّراً عن «قلقه الشديد» إزاء «التدهور السريع للوضع».
«ينبغي أن تتوقف القتالات الآن»، قال غوتيريش في بيان نقلته متحدثته يوم السبت، حاثّاً الأطراف المتحاربة على الانخراط في حوار وفتح ممرات إنسانية، في ظل حرب أهلية ضارية دخلت عامها الثالث.
قصص موصى بها
وأضاف أن «الأطراف يجب أن تعود إلى طاولة المفاوضات وتبحث عن حل مستدام للنزاع».
تظل مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، آخر معقل رئيسي مؤيد للحكومة للجيش السوداني وحلفائه في أنحاء دارفور، وقد ظلت محاصرة لأكثر من عام من قِبل قوات الدعم السريع، التي شنت هجوماً متجدداً للاستيلاء على المدينة في الأسابيع الأخيرة.
أثارت المنظمات الانسانية تحذيرات من تزايد المجاعة في المدينة، حيث ما يزال مئات الآلاف محاصرين بلا وصول إلى الغذاء والدواء والضروريات الأساسية.
قالت الأمم المتحدة إن الوضع الإنساني في السودان، الذي سقط فيه آلاف القتلى وتشرّد الملايين داخل البلاد، يُعد من الأسوأ في العالم. لقد خاض الجيش الوطني معارك مع قوات الدعم السريع منذ 2023 في حرب سببت دماراً واسعاً.
أفاد الكثيرون الذين غادروا المدينة بأنهم تعرّضوا لهجمات من قوات الدعم السريع أثناء محاولتهم الوصول إلى مخيمات اللاجئين القريبة. وفي أواخر أغسطس قدّرت اليونيسف أن نحو 600 ألف شخص نزحوا عن الفاشر.
في الجمعة نفسها، أدى هجوم بطائرة مسيّرة إلى مقتل أكثر من سبعين مصلّياً، من بينهم اطفال، خلال صلاة الفجر في مسجد، بحسب تقارير؛ واتهم الجيش قوات الدعم السريع بما وصفه بـ«جريمة فظيعة» استهدفت المصلين في مسجد الصافية، مرجحاً أن يصل عدد القتلى إلى 75 مع وجود المزيد من المشردين.
قالت مراسلة الجزيرة هبة مورغان من الخرطوم إن هذا كان «أحد أكثر الأيام دموية في المدينة منذ أن بدأت قوات الدعم السريع حصارها في مايو من العام الماضي».
وأضافت أن «الضربات المتكررة من قوات الدعم السريع أصابت مرافق مدنية مثل المستشفيات والمدارس ومراكز النزوح».
أعلن رئيس وزراء السودان، كامل إدريس، أنه سيرفع ملف الفاشر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت يجتمع فيه قادة العالم في نيويورك للدورة الثمانين.
وأفادت تقارير بأن الهجوم أصاب أيضاً شاحنة مياه مدعومة من اليونيسف؛ وطالبت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، بحماية للأطفال، بينما دانت مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الهجوم واعتبرته «غير مقبول» ودعت لاحترام القانون الإنساني الدولي وحماية العاملين في المجال الإنساني.
كما أدان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، ما وصفه بـ«قصف بطائرة مسيرة شنيع»، واعتبره انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
جاء هذا الهجوم فيما أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يشير إلى تصاعد عمليات الإعدام الميداني واستهداف المدنيين والعنف القائم على الانتماء العرقي في أنحاء السودان لا سيّما دارفور.
وقال التقرير إن «اتجاهات عدة بقيت ثابتة خلال النصف الأول من 2025: استمرار انتشار العنف الجنسي، والهجمات العشوائية، والاستخدام الواسع للعنف الانتقامي ضد المدنيين، خصوصاً على أساس عرقي، واستهداف من يُتهمون بـ«التعاون» مع الأطراف المقابلة».
ورصد التقرير مقتل 3,384 مدنياً في النصف الأول من العام، محذّراً من أن حصيلة القتلى قد تكون أعلى نظراً لصعوبة الحصول على معلومات موثوقة على الأرض.
في نهاية أغسطس، قالت اليونيسف إنها وثّقت 1,100 انتهاك جسيم في الفاشر وإصابة أكثر من ألف طفل بجروح بترتّب عليها إعاقات، فيما تعرض آخرون للاختطاف أو التجنيد من قبل جماعات مسلحة.
في يوليو الماضي، أطلع مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنه يعتقد أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُرتكب في دارفور.
قالت نازات شميم خان، مدعية في المحكمة الجنائية الدولية: «الاغتصاب والعنف الجنسي يتم تسليحهما. وأصبح اختطاف الأشخاص لأجل الفدية أو لتعزيز صفوف الجماعات المسلحة ممارسة شائعة».
«ومع ذلك، يجب ألا نغرّ ourselves»، أضافت، «فالأمور ما تزال قابلة للانزلاق نحو الأسوأ».