البرلمان النيبالي يحترق بعد استقالة رئيس الوزراء إثر احتجاجات واسعة ضد الفساد

استقال رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي وسط اسوأ موجة اضطراب تشهدها نيبال منذ عقود، مع تصاعد سخط الشارع بعد مقتل 19 متظاهراً مناوئاً للفساد في اشتباكات مع الشرطة يوم الاثنين.

أضرّ المتظاهرون يوم الثلاثاء النار في مبنى البرلمان بالعاصمة كاتمندو، وارتفعت أعمدة دخان كثيفة في السماء. وتعرضت مبانٍ حكومية ومنازل قادة سياسيين لهجمات في مناطق متفرقة من البلاد.

أُبلغ عن ثلاث حالات وفاة إضافية يوم الثلاثاء. وفي خضم الفوضى قال مسؤولون عن السجون إن نحو 900 نزيل تمكنوا من الفرار من سجنين في أقاليم غربية من نيبال.

أشعل قرار حظر منصات التواصل الاجتماعي شرارة الاحتجاجات. رُفع الحظر يوم الاثنين، لكن الاحتجاجات كانت قد تحولت بالفعل إلى حركة شعبية عارمة.

أصدر قائد الجيش النيبالي بياناً متأخراً يوم الثلاثاء اتهم فيه المتظاهرين بالاستفادة من الأزمة الحالية في إتلاف ونهب وإشعال ممتلكات عامة وخاصة. وأكد البيان أنه إذا استمر الاضطراب «فإن جميع مؤسسات الأمن، بما في ذلك جيش نيبال، ملتزمة بتولي السيطرة على الوضع»، اعتباراً من الساعة 22:00 بالتوقيت المحلي (16:15 بتوقيت غرينتش؛ 17:15 بتوقيت بريطانيا)، من دون أن يوضح ما الذي قد يتضمنه ذلك.

ورغم استقالة رئيس الوزراء، لم يتضح بعد من سيخلفه أو ما سيحصل لاحقاً، إذ بدا أنه لا أحد يتولى زمام الأمور. ونقلت تقارير عن لجوء بعض القادة، بينهم وزراء، إلى قوات الأمن طلباً للحماية.

حتى الآن لم يحدد المحتجون مطالب واضحة بخلاف هتافهم العام لمكافحة الفساد. وتبدو الاحتجاجات عفوية بلا قيادة منظمة.

داخل البرلمان سادت مشاهد الابتهاج، حيث رقص المئات وهتفوا حول نار مشتعلة عند مدخل المبنى، حاملين أعلام نيبال. واقتحم بعضهم أروقة المبنى الذي تهشمت نوافذه، وغطت شعارات معادية للحكومة واجهات المبنى ورُسمت عليه كتابات جدارية.

يقرأ  تحذير أممي لإسرائيل وروسيا بعد تقارير عن اعتداءات جنسية على أيدي قوات مسلحة — أخبار حقوق الإنسان

كانت منى شريستا، البالغة من العمر 20 عاماً والمقيمة في كاتمندو، من بين الحشود الكبيرة أمام البرلمان. قالت للبي بي سي إن الفساد «قضية مزمنة»، مضيفة أن الوقت قد حان لتغيير قيادات البلاد ورئيس الوزراء وكل من في السلطة لأن «نحتاج إلى التغيير».

وأضافت: «حدث ذلك الآن ونحن أكثر من سعداء بأن نكون شهوداً على هذا ونناضل من أجله. آمل أن يجلب هذا التغيير أمراً إيجابياً لنا».

وترى شريستا أن أموال الضرائب التي يدفعها العاملون يجب أن تُستخدم في مشاريع تُسهم فعلاً في نمو البلاد.

أمرت الحكومة الأسبوع الماضي بقطع الوصول إلى 26 منصة تواصل اجتماعي لامتناعها عن التسجيل في الموعد النهائي. منصات مثل انستغرام وفيسبوك لها ملايين المستخدمين في نيبال الذين يعتمدون عليها للترفيه والأخبار والأعمال.

بررت الحكومة حظرها باسم مكافحة الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية والاحتيال الإلكتروني، بينما رأى الشباب أنه هجوم على حرية التعبير.

وعلى الرغم من رفع الحظر على عجل ليلة الاثنين، كانت الحركة الاحتجاجية قد اكتسبت قوة لا يمكن إيقافها، واستهدفت النخبة السياسية وأغرقت البلاد في الفوضى. وقال وزير حكومي إنهم رفعوا الحظر بعد اجتماع طارئ ليل الاثنين «لتلبية مطالب جيل زد».

في الأسابيع التي سبقت الحظر، انتشرت على وسائل التواصل حملة «نيبو كيد» التي سلطت الضوء على أساليب حياة مترفة لأبناء السياسيين واتهامات بالفساد.

حاول آلاف الشباب اقتحام مبنى البرلمان يوم الاثنين، وفرض حظر تجول على عدة مناطق. ووقعت معظم حالات الوفاة في محيط البرلمان والمباني الحكومية في ذلك اليوم.

واصلت الاحتجاجات نشاطها يوم الثلاثاء دون انقطاع. فأحرق متظاهرون مقر حزب المؤتمر النيبالي الحاكم ومنزل زعيمه شير بهادور ديوبا. كما أُحرق منزل كيه بي أولي—رئيس وزراء أربع مرات يبلغ من العمر 73 عاماً ويتزعّم الحزب الشيوعي.

يقرأ  الحادث الكارثي في بحر الصين الجنوبي يُظهر مدى خطورة المناورات البحرية المتهوّرة

قال أولي إنه استقال لتمهيد الطريق لحل دستوري للأزمة الراهنة. وكتب في رسالته إلى الرئيس رامشاندرا باوديل: «نظراً للوضع السلبي الذي تمر به البلاد، فقدمت استقالتي اعتباراً من اليوم لتسهيل إيجاد حل للمشكلة والمساعدة على حلها سياسياً وفق الدستور».

وأفاد مساعد لرئيس الجمهورية لوكالة رويترز أن الرئيس قبل الاستقالة وبدأ «إجراءات ومشاورات لاختيار زعيم جديد».

أضف تعليق