التزلج على الألواح يساعد أطفال غزة على تجاوز الصدمات لحظات فرح نادرة وسط أنقاض الحرب

حديقة تزلج متنقلة تتنقّل بين مخيمات النزوح في غزة لتقدّم دعماً نفسياً نادراً للأطفال المحاصرين في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تكثر الصدمات والأحزان.

وسط أنقاض مدينة غزة، حيث تهيمن المباني المنهارة والخرسانة الملتوية على المشهد، حوّل مجموعة من الشبان الفلسطينيين الدمار إلى ملعب غير متوقع.

منذ بدء وقف إطلاق النار الهش في 10 أكتوبر، أدار مرشدو التزلج جلسات تمنح الأطفال المصابين بصدمة نفسية لحظات قصيرة من الحرية والاعتيادية.

قال رجب الريفي، أحد المدربين العاملين مع الأطفال: «كان لدينا سابقاً متنزهات للتزلج في قطاع غزة؛ كان هذا حلمنا هنا. لكن للأسف، بعد أن حققنا ذلك وبنينا المتنزهات، أتت الحرب ودمرت كل شيء».

تعمل المبادرة في ظل استمرار العنف الاسرائيلي رغم الهدنة. قتلت القوات الاسرائيلية ما لا يقل عن 260 فلسطينيًا وأصابت 632 آخرين منذ بدء الهدنة في 10 أكتوبر، مع وقوع هجمات في 25 من أصل 31 يومًا الماضية.

الاعتماد على ما تبقى
تواجه الجلسات تحديات جسيمة. مع ندرة المعدات في غزة، أصبحت كل عجلة لوح تزلج وكل قطعة خشب ثمينة. كثيراً ما يصلح الريفي الألواح المتضررة بين الجلسات، مدركاً أن الحصول على بدائل يكاد يكون مستحيلاً.

توفر واحدة من الساحات المسطحة القليلة التي نجت من القصف أرض تدريب للمبتدئين، بينما حول المتزلّقون الأكثر جرأة أكوام الحطام والجدران المنهارة إلى منحدرات وعيوب مؤقتة.

تعمل المدربة ريمس دلوّول بكل تفانٍ للحفاظ على تفاعل الأطفال رغم الظروف القاتمة. قالت: «لا نملك ألواح تزلج كافية للجميع، ولا يوجد معدات واقية. ملابسهم هي كل ما يعزلهم عند السقوط. يصابون أحياناً، لكنهم يعودون دائماً. الرغبة في اللعب أقوى من الألم».

من بين المتزلّقات الطفلة مره سالم البالغة من العمر سبع سنوات، التي تمارس التزلج منذ سبعة أشهر. قالت: «آتي إلى هنا لأستمتع. لا أريد أن أفوّت أي جلسة؛ أريد الاستمرار». تعكس عزيمتها مثالاً على صمود أطفال غزة الذين تحملوا ما يقارب عامين من الهجوم العسكري.

يقرأ  الجيش الإسرائيلي يعلن استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد الغارات

تقدم جلسات التزلج للأطفال متنفسًا مؤقتًا للترفيه والهروب، وفي الوقت نفسه وسيلة لمعالجة الصدمة ونشاطًا جماعياً يعيد إلى يومياتهم بعضاً من الطبيعي.

تبقى احتياجات الصحة النفسية لأطفال غزة مروّعة. كانت المنظمات الإنسانية قد حدّدت أكثر من مليون طفل فلسطيني بحاجة إلى خدمات نفسية قبل تفاقم الصراع الأخير. وحجم الأزمة يعني أنه لم يُحصن أي طفل من أثرها النفسي، مع نزوح جماعي، وانفصال الأسر، وخسائر واسعة بين المدنيين تؤثر على كامل الفئة العمرية الصغيرة.

أصبح ما لا يقل عن 17,000 طفل الآن منفصلاً عن أولياء أمورهم أو بلا مرافقين، بينما ارتفعت حالات حماية الطفل بنسبة 48 بالمئة في سبتمبر وحده، وفق تقارير اللجنة الدولية للإنقاذ.

بالنسبة لهؤلاء المتزلّقين الصغار، تمنحهم الجلسات ما حاولت الحرب سلبه: حرية طفولية بسيطة تلعب وتضحك. لقد تهدمت مدارسهم ودُمرت منازلهم، وما يزيد على 658,000 طفل في سن الدراسة فقدوا الوصول إلى التعليم لما يقارب عامين.

ورغم الدمار، يجد هؤلاء الأطفال طرقاً للمضي قدماً. هم ببساطة أولاد وبنات على ألواح التزلج: يضحكون، يسقطون، يقفون مجدداً، ويدفعون أنفسهم إلى الأمام — حرفياً ومجازياً — عبر ركام عالمهم المحطم.

أضف تعليق