الحكومة الفرنسية تنهار وسط أزمات اقتصادية وانقسامات سياسية حادة

انهيار الحكومة الفرنسية والرهان على الرئاسة

انهارت الحكومة في فرنسا، إذ قدّم رئيس الوزراء فرانسوا بارو استقالته إلى الرئيس ايمانويل ماكرون بعد خسارته تصويت الثقة في البرلمان؛ حيث صوت النواب بـ364 صوتاً مقابل 194 من أجل سحب الثقة عنه. تأتي استقالة بارو بعد سلسلة تبدلات في رئاسة الحكومة خلال العامين الماضيين، إذ سيكون هو رابع رئيس وزراء يتسلم المنصب ويغادره خلال أقل من سنتين، ما يضاعف الضغوط على قصر الإليزيه لحل الأزمة السياسية والاقتصادية المتعددة الأوجه.

خسائر سياسية متكررة وسط أزمة اقتصادية عميقة

الرفض السياسي لبارو يعكس جذور الأزمة الاقتصادية في فرنسا: عجز مالي مستدام ونفقات اجتماعية مرتفعة. يبلغ الدين العام نحو 3,345 مليار يورو، أي أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ويضع باريس في مرتبة متقدمة بين دول منطقة اليورو من حيث نسبة الدين إلى الناتج، بعد اليونان وإيطاليا. ومع شيخوخة السكان تزداد نسبة المتكفلين بخدمات الدعم الاجتماعي بينما يقل عدد المُساهمين في الضريبة، ما يزيد من ضغوط الميزانية.

اقتراحات بارو لتقليص النفقات — مثل خفض المعاشات وإلغاء بعض العطلات الرسمية — واجهت رفضاً شعبياً وسياسياً من أحزاب اليسار واليمين على حد سواء، مما أدّى إلى تفاقم الاستقطاب وصعوبة إقرار إصلاحات هيكلية.

ميدان سياسي منقسم وتحديات رئاسية

تفكك التحالفات البرلمانية يترك الرئيس مأزوماً في آخر فترة ولايته التي تنتهي عام 2027. ماكرون، الذي حاول لعب دور دولي في أزمات مثل الحرب في غزة والصراع في أوكرانيا، يجد نفسه مضطراً الآن للتركيز على إدارة أزمة داخلية مع برلمان منقسم بين يسار ووسط ويمين. قد يختار ماكرون رئيس وزراء من الوسط أو من اليسار، لكن أي مرشح سيواجه دعمًا برلمانيًا محدودًا كما حدث مع بارو.

يقرأ  أزمة سياسية في فرنسا تُفاقم المخاوف

وفي المقابل، يواصل اليمين المتطرف كسب نقاط سياسية، ولا سيما حزب الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان، التي احتلت المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية السابقة مرتين. رغم حظر ترشحها لخمس سنوات بعد إدانتِها بالاختلاس، فإنها تواصل قيادة حزبها والدفاع عن خطاب يميني متشدد، متهمة المهاجرين بأنهم سبب جزء من الأزمة المالية.

خلاصة: طريق شاق أمام التنفيذ

مع استكمال ماكرون ما تبقّى من ولايته، يواجه رئيس الجمهورية مهمة عسيرة في اختيار رئيس وزراء قادر على تنفيذ إصلاحات مالية شاملة في ظل برلمان منقسم وغضب شعبي متنامٍ. من سيُكلّف بهذه المهمة سيجد نفسه أمام مفاضلات صعبة بين تقليص الإنفاق والحفاظ على شبكة الحماية الاجتماعية، وفي خضم ذلك ستبقى السياسة الفرنسية تتأرجح بين استقرار هشّ وفرص لتصعيد الخلافات.

أضف تعليق