السعودية تؤيد دعوات انسحاب الإمارات من اليمن بعد استهداف ميناء تحت سيطرة الانفصاليين

دعمَت السعوديةُ مطلبَ المجلسِ الرئاسي اليمني القاضيَ بانسحابِ قواتِ الامارات خلال أربعٍ وعشرين ساعة، عقبَ تنفيذِ تحالفٍ تقوده الرياض ضربةً جويةً وصفَها بأنها استهدفت شحنةَ أسلحةٍ كانت متجهةً إلى انفصاليينَ مدعومين من الامارات في ميناء المكلا — وقد أعلن التحالف أن الشحنة وصلت على متنَ سفينتين قادمتين من الامارات.

واتهمت وزارةُ الخارجية السعودية الاماراتَ بـ«ممارسة ضغوط» على المجلس الانتقالي الجنوبي لدفعِه إلى شنِ هجماتٍ حديثةٍ في محافظتي حضرموت والمهرة، وحذّرت المملكة من اتخاذِ تدابير لمواجهةِ ما اعتبرته تصرفاتٍ شديدةِ الخطورة تُهدد الأمنَ والاستقرارَ الإقليميين.

من جهتها نفت وزارةُ الخارجية الاماراتية وجودَ أسلحةٍ في الشحنة وأعربت عن «أسفٍ عميق» لبيانِ السعودية، مستنكرةً ما وصفته بالادعاءات التي تزعم أنها ضغطت أو وجهت أي طرفٍ يمنيّ لتنفيذِ عملياتٍ من شأنها المساسُ بأمن المملكة أو استهدافُ حدودها.

وردَّ قادةُ المجلس الانتقالي بأنّ الإنذارَ الخاصَّ بانسحابِ القوات الاماراتية لا يستند إلى أساسٍ قانوني، وأكدوا استمرارَ دورهم كشريكٍ رئيسيٍ في مواجهةِ الحركةِ الحوثية المدعومة من طهران، التي تسيطر على مساحاتٍ واسعةٍ من شمال وغرب اليمن.

وفي قرارٍ لافت، أعلن رئيسُ المجلس الرئاسي رشاد العليمي إلغاءَ ميثاقِ دفاعٍ مشتركٍ مع الامارات وأمرَ بانسحابِ قواتها «حرصًا على أمنِ المواطنين وحمايةً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامةِ أراضيه». كما أعلن حالةَ طوارئٍ لمدة تسعين يومًا اعتبرها ضروريةً لمواجهةِ الحوثيين وما وصفه بـ«الانقسام الداخلي الذي تقوده عناصرُ عسكرية متمردة تلقت أوامرَ من الامارات».

وجاءَ إعلانُ العليمي بعد بيانٍ للمتحدث باسم التحالف السعودي الذي قال إن الضربةَ كانت «محدودة» واستهدفت أسلحةً ومركباتٍ عسكريةً مخصّصةً لقواتِ المجلس الانتقالي في مناء المكلا، وأكدَ العميدُ الركن تركي المالكي أن تلك الشحنات شكّلت تهديدًا و«تصعيدًا وشيكًا يهددُ السلمَ والاستقرار».

يقرأ  الحكومة السورية تندد بغارات طائرات حربية إسرائيلية استهدفت مدينتين — تقرير

ونقلَ مسؤولٌ في الميناء لوكالةِ فرانس برس أن تحذيرًا بالإخلاء وردَ عند الساعة الرابعة فجرًا بالتوقيت المحلي، وأن منطقةً مفتوحةً في الميناء تعرّضت للقصف بعد نحو خمس عشرة دقيقة. وأظهرت لقطاتٌ لاحقةُ مركباتٍ عسكريةٍ محترقةٍ داخلَ ساحةٍ مسوّرةٍ وأضرارًا في مبنى مجاور، وسط تقاريرٍ عن عدم تسجيلِ خسائرَ بشريةٍ حتى الآن.

وأعربت الامارات عن «دهشتها» من الضربة، وذكرت أن بيانَ التحالف صدر دون تشاورٍ مسبق مع دولِ الأعضاء، مؤكدةً أن الشحنةَ لم تتضمن أسلحةً وأن المركبات المفَضّلةَ لم تكن مخصصةً لأي طرفٍ يمني، بل لشحنٍ مُعدٍ للاستخدامِ من قِبل قواتٍ اماراتيةٍ تعمل في اليمن.

من جانبٍ آخر، دعا التحالفُ يومَ السبت قواتَ المجلس الانتقالي إلى الانسحابِ «سلميًا» من حضرموت والمهرة، ذلك بعد تقاريرٍ عن غاراتٍ جويةٍ سعودية استهدفت مواقعَ انفصالية في منطقة وادي نَهاب بحضرموت، فيما شنّت قواتُ المجلسِ هجماتٍ في المحافظتين خلال الشهر الجاري وتورّطت في مواجهاتٍ مباشرةٍ مع قواتِ الحكومةِ المعترفِ بها دوليًا.

وبرّرَ المجلسُ عملياته بأنها ضروريةٌ لاستعادةِ الاستقرار في الجنوب ومواجهةُ الحوثيين كذلك الجماعاتِ الجهاديةِ مثلَ القاعدة وداعش. وتجدرُ الإشارةُ إلى أن اليمن يشهدُ منذ 2014 نزاعًا أهليًا تصاعدَ بعدَ طردِ الحوثيين للحكومةِ المعترفِ بها من صنعاء، وتدخلَ التحالفُ العربي بقيادةِ السعودية في 2015 لمحاولةِ استعادةِ سلطةِ الحكومة.

وقد أسفرَ الصراعُ عن سقوطِ أكثرَ من 150 ألفَ قتيلٍ، وافتعالِ واحدةٍ من أسوأَ الأزماتِ الإنسانية في العالم، فيما تحوّلَ تحالفُ الانفصاليين الجنوبيين والحكومةِ في بداياتِ الحرب إلى تحالفٍ هشٍّ لصدّ الحوثيين عن عدن، قبل أن ينقلبَ المجلسُ لاحقًا على الحكومةِ ويستولي على عدن وجزءٍ واسعٍ من الجنوب.

أضف تعليق