اتهمت السويد روسيا بالوقوف وراء ارتفاع ملحوظ في حالات تشويش اشارات نظام تحديد المواقع (GPS) المسجلة فوق بحر البلطيق، ما أثار مخاوف جدية بشأن سلامة الملاحة الجوية في المنطقة.
وقالت هيئة النقل السويدية إن تقارير الاضطراب تزايدت خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت الآن شبه يومية؛ فقد رصدت الهيئة 733 حادثة حتى الآن في 2025، مقارنةً بـ55 حادثة خلال عام 2023 بأكمله.
وأوضحت الهيئة أن مصدر التداخل تم تتبعه إلى أراضٍ روسية، وأنه أثر أيضاً على الملاحة البحرية. واتهمت دول أوروبية أخرى روسيا بالتسبّب في هذه العمليات، فيما تنفي موسكو تلك الاتهامات.
وجاء تقرير الهيئة بعد أيام من تعرض طائرة كانت تقل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لتشويش؛ وذكرت تقارير أن الطيارين اضطروا للاعتماد على خرائط ورقية أثناء الهبوط، إلا أنهم نجحوا في إنجاز ذلك بأمان.
وحذّر أندرياس هولمغرين، رئيس قطاع الطيران في الهيئة، من أن القضية «خطيرة» وتشكل «خطرًا على سلامة الطيران المدني».
وأضاف أن حالات التشويش توسّعت «جغرافيًا وفي نطاقها»، فقد كانت تقتصر في البداية على أجزاء شرقية من المجال الجوي السويدي فوق المياه الدولية، ثم امتدت إلى الأراضي والمياه السويدية.
وأبلغت شركات الطيران العاملة في منطقة البلطيق عن عشرات الآلاف من حوادث تشويش GPS خلال السنوات القليلة الماضية. وتحيط أراضي الدول البلطيقية بحدود مع الأراضي الروسية.
في يونيو، رفعت السويد وخمس دول أخرى في المنطقة — إستونيا وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا — القضية أمام مجلس المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO)، التي تعد روسيا فيها دولة عضو.
وأعرب مجلس المنظمة عن «قلق بالغ» وطالب روسيا بالامتثال لالتزاماتها الدولية وضمان توقف هذه الاضطرابات فوراً. ومع ذلك، أضاف المجلس أن الاضطرابات في منطقة بحر البلطيق «زادَت بدلًا من أن تنخفض».
وتحمّل حكومات وخبراء أوروبيون روسيا المسؤولية عادة، معتبرين أن مثل هذه الممارسات تتماشى مع استراتيجية يُقال إن الكرملين يتبعها لزرع الفوضى وتقويض أمن اوروبا. وفي المقابل تكرر موسكو إنكارها لأي تدخل أو هجوم على الطيران المدني، ولم تُثبت بعد صلة مؤكدة بين روسيا وارتفاع حالات التشويش.
وكانت طائرة فون دير لاين في طريقها إلى بلغاريا عندما تعطل نظام القياس عن بُعد على متنها، ووصف متحدث باسمها ذلك بأنه «تدخل صارخ من روسيا». وقالت المفوضية الأوروبية إن الحادث عزّز التزامها بتعزيز قدرات الدفاع ودعم أوكرانيا.
من جهته، نقلت تقارير عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله لصحيفة Financial Times إن معلومات الصحيفة «غير صحيحة». كما أن سلطات الطيران في بلغاريا ذكرت وجود «زيادة ملحوظة» في حوادث GPS منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 2022.
وعلى الرغم من أن الطائرات تعتمد على وسائل ملاحة بديلة إلى جانب GPS، فإن تشويشه أثناء الطيران يزيد من مخاطر الاصطدام — إما بطائرات أخرى أو نتيجة انحراف مسار الطيار عن الارتفاع الآمن أو الاصطدام بالأرض أو الماء أو عقبة أخرى.
لكن الهيئة البريطانية للطيران المدني خفّضت من شأن التشويش، مشددة على أن نظم الملاحة في الطائرات لا تعتمد كليًا على GPS، وأن التدخّل لا ينبغي أن يؤثر في التنقّل المباشر للطائرة. وذكرت أن كثيرًا من حالات التداخل تحدث قرب مناطق الصراع كنتيجة ثانوية للنشاط العسكري، وليست بالضرورة أفعالًا متعمدة.
تغطي أرقام الهيئة السويدية لعام 2025 حتى 28 أغسطس، وتشمل خطوطًا جوية سويدية وغير سويدية، مع تحذير من أن هذه الإحصاءات تمثل تقديرات منخفضة لحجم الحوادث، إذ إن شركات الطيران غالبًا ما تبلغ عن الحوادث إلى هيئات الطيران الوطنية في بلدانها.