أفادت هيئة COGAT العسكرية الاسرائيلية بأن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن تأمين المياه في الضفة الغربية، وأن إسرائيل تنقل نحو تسعين مليون متر مكعب سنوياً، معتبرة أن أية نقص يحصل يعود إلى سرقات للمياه من قبل فلسطينيين.
يواجه الفلسطينيون في الضفة أزمة مياه حادة تتفاقم نتيجة هجمات متكررة على مصادر الماء النادرة يشنها مستوطنون متطرفون يهود، بحسب شهادات السكان المحليين.
في مجتمعات فلسطينية متفرقة بالضفة، يبلّغ السكان عن حنفيات جفت في المنازل وحقول بلا ريّ، ما دفع كثيرين إلى الاعتماد على نقاط مياه عامة وصهاريج تخزين.
في رام الله — إحدى أكبر مدن الضفة ومقر الإدارة في السلطة الفلسطينية — لجأ أهالٍ يعانون انقطاع المياه المتكرر إلى الحنفيات العامة. تقول أم زياد بينما تملأ قوارير بلاستيكية فارغة: «نحصل على الماء في بيوتنا مرتين في الأسبوع فقط، لذلك يضطر الناس للمجيء إلى هنا».
سجّل مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستين حالة على الأقل لاعتداءات مستوطنين على آبار ومواسير وشبكات ري وبنى تحتية مائية أخرى في النصف الأول من العام، وفق تقارير المنظمة.
واعترفت قوات الاحتلال بتلقيها تقارير متعددة عن اعتداء متعمد من مدنيين إسرائيليين على منشآت مياه، لكنها قالت إن المشتبهين لم يُحدّدوا بعد.
من بين الأهداف كانت عين سامية ومحوّل توزيع المياه القريب منها، الذي يخدم نحو عشرين قرية فلسطينية وأحياء من المدينة، إذ استولى مستوطنون على العين التي يعتمدها السكان منذ أجيال للاجتماع والتخفيف من حرارة الصيف.
قالت شركة كهرباء المياه في القدس التي تُشغّل محطات التوزيع إن محطة عين سامية باتت هدفاً متكرراً لأعمال تخريب من قبل مستوطنين.
«تفاقمت أعمال العنف من قبل المستوطنين بشكل دراماتيكي»، قال عبدالله بيريت، (60 عاماً) من كفر مالك، وهو يقف على تلة تطل على العين. وأضاف: «يدخلون محطات العين، يكسرونها، يخلعون الكاميرات، ويقطعون الماء لساعات».
تحيط بالموقعما مستوطنات إسرائيلية يهودية متوسعة، وتعتبر الأمم المتحدة ومعظم الدول الأجنبية هذه المستوطنات في الضفة غير قانونية بموجب القانون الدولي وعرقلة لتأسيس دولة فلسطينية مستقبلية.
ووثّق مكتب الأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية سلسلة هجمات استهدفت عيون الماء وبنى تحتية حيوية في مناطق رام الله وسلفيت ونابلس بين الأول من يونيو والرابع عشر من يوليو، مشيراً إلى أن عين سامية تعرّضت لهجمات متكررة.
وقالت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إن أي تلف في البنى التحتية يُؤخذ على محمل الجد وأنها تُنفّذ إجراءات سرّية وعلنية لمنع المزيد من الأذى، وإنه أُتيح لهيئة المياه الفلسطينية الوصول لإجراء إصلاحات.
من جهته، قال كريم جبران، مدير الأبحاث الميدانية في منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، إن المستوطنين سيطروا في السنوات الأخيرة على معظم العيون الطبيعية في الضفة ومنعوا الفلسطينيين من الوصول إليها.
يواجه الفلسطينيون منذ سنوات حملة ترهيب ومضايقات وعنف جسدي من قبل مستوطنين متطرفين، الذين يمثلون أقليّة من بين المستوطنين الإسرائيليين في الضفة؛ إذ إن معظم السكان في المستوطنات يقيمون هناك لأسباب مادية أو أيديولوجية ولا يدعمون العنف ضد الفلسطينيين.
ويقول الفلسطينيون إن تكرار اعتداءات المستوطنين ازداد منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، ويخشون أن تكون هذه الهجمات جزءاً من حملة لطردهم من الأرض. وسجلت الأمم المتحدة 925 حادثة من هذا النوع في الأشهر السبعة الأولى من العام، بزيادة بنسبة 16% مقارنةً بالعام السابق.
ومنذ هجمات حماس التي أدت إلى اندلاع الحرب في غزة، دعا عدد من السياسيين الإسرائيليين إلى ضم الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ 1967. نقلت رويترز أن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن الحكومة تدرس الآن احتمال ضم الإقليم بعد تصريحات من فرنسا ودول غربية أخرى بأنها تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية هذا الشهر. وتطالب السلطة الفلسطينية بأن تشمل الدولة المستقبلية الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة.
يعاني الفلسطينيون تاريخياً صعوبات في الحصول على المياه؛ فالسلطة الفلسطينية تمارس حكمًا مدنياً محدوداً في أجزاء من الإقليم وتعتمد على موافقات إسرائيلية لتطوير وتوسيع شبكات المياه، وهي موافقات يقول مسؤولون وحقوقيون إنها نادراً ما تُمنح.
في تقرير صدر في أبريل 2023، قالت بتسيلم إن الفلسطينيين يواجهون أزمة مائية مزمنة بينما يتمتع المستوطنون وفرة من المياه. وذكرت المنظمة أن «نقص المياه في الضفة هو نتيجة متعمدة لسياسة تمييزية إسرئيلية تُعامل الماء كوسيلة إضافية للسيطرة على الفلسطينيين».
انتشرت عبر الضفة خزانات مياه في البيوت لتخزين مياه الأمطار أو مياه تُسلّم بصهاريج، تعويضاً عن شبكات أنابيب غير موثوقة تفاقمت المشكلة بفعل هجمات المستوطنين.
مرة أخرى كررت هيئة COGAT أن السلطة الفلسطينية مسؤولة عن التزويد، وأن إسرائيل تنقل سنوياً 90 مليون متر مكعب من الماء للسلطة، ملقية اللوم على سرقات مياه من فلسطينيين.
مع تنقّل الناس لمسافات طويلة لجلب الماء واعتمادهم على توصيلات مكلفة، يخشى السكان أن تتفاقم الأزمة. قال وفيق سليم، وهو يملأ قنينة من صنبور عام قرب رام الله: «إذا استمر المستوطنون في هجماتهم، سنواجه صراعاً على الميا». وأضاف: «الماء أهم شيء بالنسبة لنا».