العدّاء الكيني إيفانز كيبيت يقول إنه خُدِع للانضمام إلى الجيش الروسي والسفر إلى أوكرانيا

أكيسا وانديرا — بي بي سي أفريقيا، نيروبي
وفيتالي تشيرفونينكو — بي بي سي الأوكرانية، كييف
اديث تشيسوي

وعيناه تفيضان بالدموع؛ شاب كيني أصبح الآن أسيراً في أوكرانيا يناشد بألم ألا يُعاد به قسراً إلى روسيا. «سأموت هناك»، يقول إيفانس كيبيت وهو يلوّح بيديه في الهواء موجِّها الكلام إلى المُحاوِر الغائب في الفيديو الذي نَشَرته إحدى الألوية الأوكرانية يوم الأربعاء.

الأسير، البالغ من العمر 36 عاماً، يرتدي قميصاً رياضياً أحمر، وخلفه عَلَم اللواء مثبت على الحائط. يروي العدّاء الذي كان يأمل أن يحقّق نجاحات في سباقات المسافات الطويلة أنه وقع ضحية خدعة دفعت به إلى صفوف الجيش الروسي، وهو يائس لدرجة أنه يريد العودة إلى منزله لرؤية ابنته البالغة من العمر 16 سنة.

في منشور على فيسبوك رافق نشر الفيديو، قالت اللواء الـ57 المشاة الممَوَّلة ذاتياً إنه مثال على الطريقة التي تُعامِل بها روسيا المجندين الأجانب، لكنها أضافت أن الرجل «قاتل إلى جانب العدو، فما إذا كنتم تصدقون كلماتَه ودموعَه فالأمر متروك لحُكمِكم». وأضافت أن المقابلة صُوِّرت بموافقة كيبيت، لكن بي بي سي لم تتمكن من التحقق من ذلك بصورة مستقلة. وبينما لا تُعدّ ظاهرة التجنيد من الخارج في الجيش الروسي أمراً مجهولاً تماماً، فإن هذه الحالة نادرة إذ أنّ أغانباً أجانب يظهرون كبَراَءِ في تسجيل مصور وهم في الأسر.

أبلغ بترو ياتسينكو، المتحدث باسم أوكرانيا لشؤون معاملة أسرى الحرب، بي بي سي أن جنسيات من الصومال وسيراليون وتوغو وكوبا وسريلانكا، من بين دول أخرى، محتجزة حالياً في معسكرات أسرى الحرب الأوكرانية. وقال إن «معظم هؤلاء أشخاص من دول أفقر، وينتهي بهم المطاف في صفوف الروس بطرق مختلفة؛ بعضهم يُخدع بوعد عمل في مصانع، والبعض الآخر ينضم طوعاً. ومن المهم أن نفهم أن القليل جداً يُؤسرون أحياءً؛ فمعظمهم يُقتلون أو يُصابون إصابات بالغة».

يقرأ  عباس عراقجي يحذر أوروبا من نهج «متهور» تجاه الاتفاق النووي

في كينيا، غمرت الصدمة عائلة كيبيت وأصدقاؤه مما شاهدوه. بعد تنهيدةٍ طويلة وفترة صمت، أخبرت ابن عمه اديث تشيسوي بي بي سي أنها تعيد مشاهدة الفيديو في رأسها مراراً وتكراراً. «أنا مصابة بصدمة. لم أنم ليلاً. حتى أنني لا أعرف ماذا أقول».

وصفه شقيقه الأصغر، إسحاق كيبيغو، بأنه «رجل متواضع قليل الكلام»، وأنه عمود أسرته ومستشارهم. يعرفونه كرجل كرس نفسه للركض. بالرغم من أنه لم يصل إلى ذِروة الشهرة، شارك إيفانس كيبيت في سباقات أصغر وأقل بروزاً، لكنه ظل متفانياً في التدريب.

«أحب الركض، أحب الركض»، يقول كيبيت في الفيديو الأوكراني، ويرجح المقربون أن عشقَه للرياضة هو الذي جعله عرضة للاستدراج ليصبح مجنّداً روسياً بلا وعي. نشأ في عائلة فلاحية بمنطقة جبل إلجون في غرب كينيا، وتدرّب في إيتن — البلدة المرتفعة الشهيرة بإخراجها للأولمبيين وبطبي الفائزين عالمياً — لكن في ساحة تنافسية شديدة لم يبلغ ذلك المستوى. بدلاً من ذلك خاض سباقات طريق لمسافة 10 كيلومتر ونصف الماراثون في أوروبا وآسيا، بحسب أقوال العائلة والأصدقاء.

«كيبيت يركض منذ طفولته»، قال شقيقه الأصغر. «لطالما كان موهوباً. كان الركض حياته». غير أن هذه الرياضة التي شكّلت هويته لم تمنحه الانطلاقة المالية التي كان يأملها؛ فقد شهد أصدقاؤه أنه كان يواجه ضائقة مادية.

في مارس طلب من زميله في التدريب، إلياس كيبتوم، مساعدته على المشاركة في سباق في بولندا، لكن الفريق الذي كان متوجهاً قد امتلأ بالفعل. قال كيبتوم لبي بي سي: «أظن أن هكذا انتهى به الأمر في روسيا». وفي وقت لاحق من العام عرض عليه وكيل رياضي رحلة إلى روسيا للمشاركة في سباقات فاستغل كيبيت الفرصة. محاولات بي بي سي للاتصال بالوكيل للتأكد لم تُجب.

يقرأ  لماذا يصل سعر الذهب إلى مستويات قياسية؟ — أخبار الاقتصاد والأعمال

قال شقيقه إنه كان متحمِّساً حين أخبرهم أنه ذاهب للسباق في روسيا: «حتى أنا كنت سعيداً من أجله. كانت توقعاتنا كبيرة». كانت ابن عمه — التي رافقته إلى موقف الحافلات في أول مرحلة من الرحلة نهاية يوليو — تقول إنه حمل «حقيبة صغيرة الحجم» فقط. وأخبر العائلة أنه سيغيب أسبوعين فقط.

في الفيديو المصور في أوكرانيا يؤكد كيبيت أنه سافر إلى روسيا كسائح وليس للعمل العسكري. وبعد مرور أسبوعين سأله مضيفه إن كان يريد البقاء لفترة أطول. قال إنه لا يستطيع لأن تأشيرته انتهت، فرد الرجل: «لا مشكلة، يمكنني أن أعمل شيئاً لأجلك»، ووعده بوظيفة. في المساء أحضر أوراقاً مكتوبة بالروسية وقال: «هذا هو العمل الذي أريدك أن تقوم به». لم يكن كيبيت يعلم أنها وظيفة عسكرية. وقع على الأوراق، ثم أمسك الرجل هاتفه وجواز سفره.

«وهكذا انقلبت كل الأمور… ذلك التوقيع دمّر حياتي».

«إما أن تقاتل وإما نمحوك»

بحسب رواية كيبيت، حضر بعد ذلك بعض الأشخاص وأخبروه أن يدخل سيارة، ثم قادوه لحوالي سبع ساعات. «وجدت نفسي في مخيّم عسكري». يقول إنه أُبلغ بأن التوقيع يعني انضمامه للجيش وأنه لا خيار له. «قالوا لي: ‚إما أن تذهب للقتال أو سنقتلك‘». تبع ذلك أسبوع من التدريب الأساسي أُعلِم خلاله كيف يتعامل مع بندقية آلية. قادة الوحدة لم يتكلموا الإنجليزية، فكانت التعليمات تصل بواسطة دفعات وإيماءات فقط.

كيبيت يؤكد أنه لم يخض قتالاً؛ وفي طريقه إلى ما كان من المفترض أن تكون مهمته الأولى تخلّى عن معداته وهرب، ليتيه يومين في غابة قرب فوفشانسك في المنطقة الشمالية‑الشرقية من خاركيف بأوكرانيا.

بعد ذلك اقترب من بعض الجنود الأوكران.

ويقول وهو يكرر لِلْكاميرا إيماءة رفع يديه: «ذهبت إليهم ويداي مرفوعتان.»

يقرأ  تصريحات قادة أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قبل لقاء ترامب وبوتين— أبرز النقاط | أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

ويضيف: «قلت لهم: أنا كيني، رجاءً لا تطلقوا النار عليّ.»

أشار الجميع ببنادقهم نحوه، لكنه طلب منهم أن يهدأوا. ثم جاء القائد وربطوه. قال لهم: «لا، أنا أعزل، لا أريد شيئاً. أنا هنا لأحفظ حياتي.»

على الرغم من صدمة عائلته من الفيديو، ثمة ارتياح جزئي لأنّه بات في قبضة القوات الأوكرانية.

«نشعر أنه أكثر أمناً معهم منه في روسيا»، قال شقيقه كيبييغو.

العائلة تطالب السلطات الكينية بالتدخل؛ الوزارة المسؤولة عن الشؤون الخارجية لم ترد بعد على طلب التعليق.

وقال المتحدث الأوكراني ياتسينكو: «إذا أبدت حكومة بلده رغبة في إعادته، أوكرانيا منفتحة على التفاوض بشأن نقله إلى الوطن.» لكنه أضاف، متحدثاً عن أسرى حرب آخرين، أن «معظم الدول الإفريقية تُظهر اهتماماً ضئيلاً بعودة مثل هؤلاء المواطنين ولا ترغب في استقبالهم مرة أخرى».

أولوية أحبّاء كيبيت الوحيدة هي سلامته.

وقال شقيقه: «إن أخطأ فليغفروا له. نحن لا نريد سوى أن يعود إلينا.»

قد يهمك أيضاً:
غيتي إيماجس / بي بي سي

أضف تعليق