اتهم مدعٍ عام سابق في المحكمة الجنائية الدولية الولايات المتحدة بارتكاب انتهاكات تُعد جرائم ضد الإنسانية عقب ضربات جوية استهدفت قوارب يُزعم أنها تنقل مواد مخدرة، بحسب مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية. ووقف التصريح في سياق تصاعد التساؤلات حول شرعية العمليات الأمريكية في بحر الكاريبي والمحيط الهادي الشرقية، والتي أودت بحياة ما لا يقل عن 66 شخصًا خلال شهرين.
يقول البيت الأبيض إنّ الولايات المتحدة في حالة نزاع مسلح رسمي مع شبكات تهريب تعمل من أميركا الجنوبية وتزود السوق الأمريكية بالمخدرات. لكن لويس مورينو اوكامبو اعتبر أن الحملة العسكرية تشبه هجومًا مخططًا ومنهجيًا يستهدف المدنيين في زمن السلم، ما يندرج قانونيًا تحت تعريف جرائم ضد الإنسانية.
وأضاف اوكامبو (المولود في الأرجنتين والذي شارك في ملاحقة المجلس العسكري السابق عام 1985) أن من يُستهدفون بالقصف هم “مجرمون، ليسوا جنودًا”، ووجّه دعوة إلى تكثيف التحقيقات والملاحقات القضائية والسيطرة بدلًا من اللجوء إلى القتل العمدي. واعتبر توسيع صلاحية الرئيس لاستخدام القوة القاتلة خطوة خطيرة تنحرف عن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة بعد 1945 كضامن نسبي للأمن العالمي وحامية لقيم غربية، وهو ما وصفه باتجاه سيئ للعالم.
وردّ البيت الأبيض بأن الرئيس الريس دونالد ترامب تصرف وفق قوانين النزاعات المسلحة لحماية الأميركيين من شبكات “تحاول جلب السم إلى شواطئنا… وتدمير حياة الأميركيين”، مؤكدًا أن المحكمة الجنائية الدولية تفتقر إلى ولاية قضائية على الولايات المتحدة ووصفتها إداراته بأنها “كيان متحيز وغير جدي”. ووصفت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض آنّا كيلي أي انتقادات للرئيس بأنها دفاع عن “ناركو-إرهابيين” يحاولون قتل أميركيين.
سعت الإدارة لتبرير الضربات بالإشارة إلى مذكّرة سرية أُرسلت إلى الكونغرس تقول إن العصابات تُعدُّ مقاتلين غير مشروعين وأن أفعالهم تشكل هجومًا مسلحًا ضد الولايات المتحدة. وفي شباط/فبراير صنفت واشنطن ثماني عصابات إجرامية من أميركا اللاتينية كمنظمات إرهابية أجنبية، بينها “ترين دي أراجوا” وMS-13، في خطوة اعتبرها مراقبون توسيعًا كبيرًا لاستخدام تسمية المنظمات الإرهابية.
في 2 سبتمبر أعلن ترامب أول ضربة جوية استهدفت ما وصفه بسفينةٍ “تنقل مخدرات” تابعة لما سُمّي ترين دي أراجوا، وأسفرت عن مقتل 11 شخصًا. ووصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ذلك الهجوم بأنه “جريمة نكراء”. ومنذ ذلك الحين وقعت عشرات الضربات — على الأقل 13 ضربة إضافية — من دون أن تُنشر أدلة علنية تؤكد وجود مخدرات على متن السفن أو تحدد ماهية هذه المواد. وطلبت هيئة الإذاعة البريطانية مرارًا من البنتاغون أسماء المستهدفين ولم تتلقَّ إجابة.
في الوقت نفسه شهدت المنطقة تعزيزًا عسكريًا أمريكيًا كبيرًا، ما أثار تكهنات حول احتمال تنفيذ ضربات برية مستقبلية، رغم محاولة ترامب التقليل من احتمال اندلاع حرب. ويرى مادورو في هذه التحركات محاولة لإزاحته عن السلطة، على الرغم من أن فنزويلا تلعب دورًا ثانويًا نسبيًا في تجارة المخدرات الإقليمية.
من الناحية القانونية رأى بريان فينوكين، مستشار قانوني سابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن تصنيف مجموعة كمنظمة إرهابية أجنبية لا يمنح تلقائيًا حق استخدام القوة القاتلة، واصفًا الموقف القانوني الأمريكي في هذه القضية بأنه “غير مقنع تمامًا”. وأضاف أن ما يجري قد يُعتبر قتلًا متعمدًا خارج إطار النزاع المسلح، وهو ما يُعرَف بمسمى القتل العمد في القانون الجنائي الدولي.
سياسيًا، حظيت الإجراءات بتأييد واسع بين الجمهوريين في الكونغرس؛ إذ عُقدت جلسة سرية أطلع فيها وزير الخارجية ماركو روبيو أعضاء بارزين على تفاصيل الضربات، وأشار السيناتور الجمهوري جيمس ريش إلى رضاه التام عن قانونيتها. في المقابل طالب عدد كبير من الديمقراطيين بمزيد من الشفافية والمساءلة؛ فقد قال تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، إن ما سمعه خلال الإحاطة لم يكن كافيًا وطلب إحاطة شاملة لجميع أعضاء المجلس.
وتجدر الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي يمنح الكونغرس سلطة إعلان الحرب، ما يجعل أي استخدام واسع للقوة العسكرية موضوعًا حساسًا ودستوريًا أمام المشرعين. لم يتم تزودي بأي نصّ للترجمة. الرجاء إرسال المحتوى المطلوب.